اخبار البلد_ سميح المعايطة _ وحدة الخطاب والانسجام بين مؤسسات الدولة استحقاقات المرحلة المقبلة
أكثر الامور السلبية التي صاحبت مرحلة الحكومة الراحلة حالة التنافر وعدم
الانسجام بين مؤسسات الدولة, وقبل ان يشكل الرئيس السابق حكومته كان يُهاجم
مؤسسات اخرى ويتهمها بإفشال حكومات سابقة ويعلن انه صاحب الولاية العامة,
رغم ان الولاية تُمارس ولا يتم الحديث عنها فقط ولا تكون ممارستها بالهجوم
على مؤسسات الدولة الاخرى, واكتشفنا ان الولاية لها مفهوم خاص عند الحكومة
السابقة وهو القيام بأمور تتعلق بإعاقة الاصلاح واخرى تخص تعيينات
المحاسيب.
اليوم تحتاج الدولة الى حالة من الانسجام والتوافق رفيعة المستوى, توافق في
الخطاب السياسي الاصلاحي, وتوافق في الميدان وعلى الأرض, لأن ما كان دفعت
الدولة ثمنا باهظا له, فالحكومة تعمل ضد اجراء الانتخابات وتعيق الإصلاح
بينما الملك يؤكد كل مرة التزامة بالاصلاح وانجاز الانتخابات, وحتى قانون
الانتخاب الذي كان من صناعة الحكومة لكنها كانت معنية بالتحريض عليه بل
وساهمت في اضعافه من خلال الطلب من المجلس العالي لتفسير الدستور فتوى حول
دستورية بعض مواد القانون بعد ان ارسلته للمجلس!!
والرئيس الذي استقال مقدما نفسه شهيدا سياسيا كان في اجازة خاصة في تركيا
يقضيها بدعوة لحضور احتفالات للحكومة التركيةوبدعوة له شخصيا وليس لكونه
رئيسا للوزراء, وسعيا لكسب الشعبية بعث استقالته من هناك (محتجا!!) على حرص
ملكي على عدم تضييع الوقت لإنجاز الاصلاح, لأن رغبة الرئيس الاسترخاء
العام وعقد الدورة بعد شهر وكأننا لسنا في سباق مع الزمن, ولهذا تم استدعاء
رئيس الوزراء بالوكالة ووزير آخر لتسيير الاجراءات الدستورية الخاصة
بتمديد الدورة لأنها كانت تنتهي صباح الخميس, فهل من المعقول انتظار عودة
الرئيس من زيارته الخاصة ولو على حساب الالتزام بأحكام الدستور!!
العلاقة والانسجام بين مفاصل الدولة لم تكن في وضع ايجابي, وكانت الحكومة
تتعمد اظهار الخلاف حتى يُقال ان الرئيس يرفض الضغوط, مع ان الحكومة ظهرت
في اوضاع بائسة ولا تعلم شيئا مثل ما جرى في المفرق الذي لم يسمع به الرئيس
الا بعد انتهائه, وايضا قضية وعود الحكومة بالافراج عن معتقلي الطفيلة,
وحتى استقالة وزير العدل سليم الزعبي فقد استمرت الحكومة بنفيها الى ان
تأكدت, فكانت ولاية عامة شكلية, لكنها كانت لأغراض اخرى.
لنتجاوز ما مضى لنأمل ان تكون المرحلة القادمة تمثل نموذجا ايجابيا في
التجانس, ونقصد بالتجانس وحدة الرؤية للمرحلة, ووحدة الخطاب السياسي
والأداء في الميدان, وما يحقق هذا كتاب التكليف الذي حدد مهمات وواجبات
الحكومة الجديدة, وسيكون مطلوبا من الحكومة وكل الجهات والمؤسسات الاخرى
العمل على تنفيذ هذه المهمات دون البحث عن بطولات وهمية او الاستغراق في
مراهقة سياسية واحلام البعض في الاستعراض.
وما يساعد ايضا ان الرئيس الجديد متزن خبير يدرك المرحلة ويعلم الهدف الذي
جاء من اجله, وهو ابن الادارة الاردنية الذي يحترم صلاحياته الدستورية
ويعلم حدود العلاقة مع كل المؤسسات الدستورية ومفاصل الدولة المختلفة.
الفرصة مواتية جدا لإنهاء ما سبق وتقديم نموذج من الانسجام ووحدة الخطاب
والخطوات بما يتناسب مع الصلاحيات الدستورية للحكومة ومهام وواجبات كل
المؤسسات الاخرى, فقد كان محزناً ان يكون المسار السياسي للحكومة السابقة
مناقضا لكل التوجهات الملكية بالإصلاح, والمرحلة القادمة فرصة لإعادة انتاج
حالة متقدمة من الاداء الموحد لكل المؤسسات المفصلية.