تحذير عاجل للأمريكيين بشأن تقنية «خطيرة» تُطرح بهدوء في 80 مطاراً
بدأت السلطات الأمريكية تنصيب تكنولوجيا جديدة في العديد من المطارات، وهي تكنولوجيا وصفها الخبراء والمختصون والمتابعون بأنها «خطيرة» حيث إنها من الممكن أن تشكل انتهاكاً للخصوصية وحقوق الأفراد.
وحسب تقرير نشرته جريدة «دايلي ميل» البريطانية، واطلعت عليه «القدس العربي»، فإنه بموجب هذه التقنية فإن الشخص بمجرد أن يرفع رأسه، تلتقط كاميرا وجهه، ثم في غضون ثوانٍ، يتم مسحه ضوئياً وتخزين بياناته وتتبعه، وذلك قبل أن يصل إلى أمن المطار، وبدون أن يعلم بما يجري حوله.
وتعرف إدارة أمن النقل في الولايات المتحدة «TSA» هويتك بدقة بدون الحاجة إلى تقديم هويتك، حيث يحدث هذا في 84 مطاراً في جميع أنحاء الولايات المتحدة، ومن المرجح أن المسافرين لم يلاحظوا ذلك، حسب تقرير «دايلي ميل».
ويُسوّق نظام التعرف على الوجه التابع لإدارة أمن النقل في الولايات المتحدة كأداة لتعزيز الأمن، إلا أنه يتعرض لانتقادات بسبب قدرته على تتبع الأمريكيين من مدخل مبنى المسافرين إلى وجهتهم النهائية.
وفي حين تُصرّ الإدارة على أن عمليات المسح طوعية، يقول العديد من الركاب إنهم يجهلون أن خيار الرفض متاح.
وتختبئ وراء هذه الماسحات الضوئية الأنيقة التي تعمل بدون لمس قاعدة بيانات بيومترية ضخمة، مما يثير مخاوف الخبراء بشأن كيفية استخدام البيانات، أو إساءة استخدامها، من قِبل الحكومة التي تجمعها.
ووصف جيريمي سكوت، كبير المستشارين في مركز معلومات الخصوصية الإلكترونية، تقنية التعرف على الوجه بأنها «تقنية مراقبة تدخلية وخطيرة».
وأضاف: «سيؤدي ذلك في نهاية المطاف إلى تسريع استخدام وجوهنا كهويات لنا، وهذا له آثار بالغة الأهمية على الخصوصية والحريات المدنية وحقوق الإنسان وديمقراطيتنا».
ويقوم برنامج التعرف على الوجه التابع لإدارة أمن النقل، والمعروف باسم تقنية مصادقة بيانات الاعتماد باستخدام الكاميرا «CAT-2»، بمسح وجه المسافر آنياً ومطابقته مع الصورة الموجودة على بطاقة هويته الحكومية. وبمجرد التحقق، يمكن للمسافرين مواصلة رحلتهم دون إظهار رخصهم.
وتُستخدم هذه التقنية بالفعل في مطارات أمريكية رئيسية، بما في ذلك مطار لوس أنجلوس الدولي، ومطار هارتسفيلد جاكسون أتلانتا، ومطار أوهير في شيكاغو.
لكن جريدة «دايلي ميل» تؤكد في تقريرها أن «هذه ليست سوى البداية، حيث تخطط إدارة أمن النقل لتوسيع نطاق البرنامج ليشمل أكثر من 400 مطار في السنوات القادمة».
وقال جيراردو سبيرو، مدير الأمن الفيدرالي في إدارة أمن النقل لولايتي بنسلفانيا وديلاوير: «يُعد التحقق من هوية كل مسافر قبل السفر خطوة أساسية في عملية الفحص الأمني».
وأضاف: «تعزز هذه التقنية قدرتنا على كشف بطاقات الهوية المزورة، مثل رخص القيادة وجوازات السفر، عند نقاط التفتيش، كما تزيد من الكفاءة من خلال التحقق التلقائي من هوية الراكب. كل ما نريده هو التأكد من هويتك الحقيقية».
ومع ذلك، لاقت هذه المبادرة انتقادات شديدة من خبراء الخصوصية، وجماعات الحقوق المدنية، والمشرعين من مختلف الأطياف السياسية.
ومن دواعي القلق عدم وجود لوائح فيدرالية شاملة تنظم استخدام تقنية التعرف على الوجه.
وحذّر سكوت من أن «ما قد يكون ضمانات اليوم لا يعني أنها ستكون كذلك غداً».
ووفقاً لإدارة أمن النقل، يمكن للمسافرين الذين لا يشعرون بالراحة مع نظام التعرف على الوجه اختيار إلغاء الاشتراك وطلب فحص يدوي للهوية.
وتقول المحامية سايرة حسين، وهي محامية أولى في مؤسسة الحدود الإلكترونية، إنها ترفض بانتظام مسح الوجه عند سفرها.
لكنها تقول إن موظفي إدارة أمن النقل غالباً ما يردون بعبارات مثل: «لدينا معلوماتك بالفعل، لذا ليس الأمر كما لو أنك تعطينا أي شيء إضافي».
وتتمثل رؤية إدارة أمن النقل طويلة المدى، الموضحة في خارطة طريقها التكنولوجية، في خلق تجربة مطار «بدون لمس» و«بدون احتكاك» بالكامل، بتحويل جسمك إلى بطاقة صعود للطائرة.
لكن ما تُسوّقه الوكالة على أنه راحة، يراه الآخرون مراقبة، بحسب ما يؤكد تقرير «دايلي ميل».
ويُحذّر ترافيس ليبلانك، المحامي والعضو السابق في مجلس مراقبة الخصوصية والحريات المدنية، من أن وضع إدارة أمن النقل ضمن وزارة الأمن الداخلي يثير مخاوف جدية بشأن استخدام بيانات المسافرين.
وقال ليبلانك: «إدارة أمن النقل جزء من وزارة الأمن الداخلي، المسؤولة أيضاً عن إنفاذ قوانين الهجرة. هناك العديد من الاستخدامات المحتملة لهذه الصور».
وفي كانون الثاني/ يناير الماضي أقالت إدارة ترامب لوبلان وعضوين ديمقراطيين آخرين في مجلس الإدارة، وهو يرفع حالياً دعوى قضائية ضد الحكومة الأمريكية لإعادة تعيينه، بحجة أن الفصل غير قانوني.
ورغم الانتقادات، لا تزال إدارة أمن النقل ملتزمة بتوسيع البرنامج. وفي بيان صدر مؤخراً، قالت الوكالة إن الفحص البيومتري «سيُحسّن فعالية الأمن» و«يُحسّن تجربة المسافرين».
وفي الوقت الحالي، لا يزال خيار الانسحاب مطروحاً، ولكن مع تزايد رحلات السفر الصيفية وطرح أنظمة التعرف على الوجه في المزيد من المطارات، يُترك للمسافرين خيار الموازنة بين السرعة والخصوصية.