انتصر الملك للحراك باقالة الرئيس وخطته لوأد الحراك..

اخبار البلد- د.محمد جميعان
واخيرا قدم الرئيس عون الخصاونة استقالته ، والتي قبلت على الفور ، ومع هذه الاستقالة علينا ان نستذكر خطة الرئيس عون التي قدمها كرؤية منه لاعادة الهدوء وانقاذ الاقتصاد، اصبحت واضحة للعيان لا تحتاج التى تخمين او تحليل، يدركها كل متابع لمجريات الاحداث على الساحة، والاجراءات الحكومية المرافقة لها.
مراحل هذه الخطة؛ بدأت بسيل التصريحات التي اثارت حفيظة الصحافة، لكونها فاقعة مجلجلة نافست المعارضة، لاسترضاء الشعب ولفت الانتباه واعطاء الانطباع بمرحلة جديدة، وهي مبهرة بمضامين ضئيلة او شبه معدومة، وكانت باكورتها تصريح انتقاد ترحيل حماس واغلاق مكاتبها ووصفه بخطأ دستوري وسياسي، وعند الاجراء تبين ان الامر لا يتعدى زيارة عابرة مشروطة مقيدة.
المرحلة الثانية؛ اجراء حوارات مكوكية، ووعود سيالة ومغلظة، لغايات الغزل وجس النبض، والايحاءات، مع تلبية الحدود الدنيا اوعلى ( الريحة) يقصد منها التنويم، والحرق، من خلال تصوير وتسريب واعلان هذه اللقاءات بان الحكومة اجرت تلك اللقاءات والحوارات مع الاسلاميين، والمتقاعدين العسكريين، وحراك الطفيلة، ورموز اخرى اعلنت الحكومة نفسها انها التقت بهم .
المرحلة الثالثة؛ تقديم بعض ملفات الفساد التي تتعلق بالاموال الخارجية والغسيل والجرائم الادارية والفنية والاجرائية، دون المساس بعمق الفساد ورؤوسه والاموال المنهوبة، وحتى المنتقاة منها جرى التعامل معها بالحد الادنى، فهناك من يستحق الخيانة العظمى، لكونه يتحمل امانة ومسؤولية جهاز امني حساس يمثل عصب الدولة واسرارها، وارتبط وتعاون ، وهو على راس عمله، في جرائم لها امتداد خارجي تتعلق بالغسيل والاختلاس واستغلال موقعه..، يفترض ان يقدم امام محكمة امن الدولة ..
المرحلة الرابعة؛ تتمثل في استثمار المراحل السابقة، في رفع الاسعار، على غرار محاولته رفع أسعار الكهرباء التي باءت بالفشل، وفي تحقيق الهدوء، من خلال وأد الحراك وانهائه، وذلك باعتقال وتقديم قيادات الحراك ورموزه الفاعلين للمحاكمة، لاسيما حراك الطفيلة، الاكثر عنفوانا وحماسة، والذي امتلك قلوب الاردنيين وعقولهم..
المرحلة الخامسة؛ التي ربما كان يطمح لها الرئيس، وهو يمارس التقية السياسية، بين ما يشاع او ربما يشيع عن خلافات مع القصر والمخابرات على الولاية العامة التي لم ( نشم) رائحتها منه، وبين افكاره وخططه لانهاء الحراك ورفع الاسعار، ان يكون هو الرئيس المنتخب من البرلمان، او يشكل حكومة انقاذ وطني برئاسته من بعض من حاورهم او وربما وعدهم، ان يشكل بهم ومعهم، حكومة الاصلاح القادمة الموعودة..
السياسة؛ والداخلية منها بالذات، لم تعد افلاما ومناورات، ووعودا تتكشف لا اساس لها، او فهلوة وخيالات وقفزات في الهواء ونحو المجهول، ولم تعد علم النخبة التي يصعب فهمها على العامة، بل اصبح العامة بوعيهم وادراكهم الباطن هم من يرسمها ويوجهها ويضع خططها، والا لما كان الربيع العربي بهذه القوة وهذا العنفوان والقدرة والمعجزة ، واطاح بانظمة كان يراهن الغرب وامريكا وكل مؤسساتها بانهم باقون ما بقيت اسرائيل.
لقد بدأت تتكشف النتائج..ويكفي ان اشير هنا واذكر عن ما اسفرت عنه مخاضات الحكومة مع المتقاعدين العسكريين، وهي تقدم الوعود المغلظة، تؤكد للمتقاعدين بانها اقرت المساواة والعدل ، واليوم رأى الاخوة الرفاق ان المساواة والعدالة، لم ترق حتى لسد الرمق وتحسين المعيشة، بل ولم ترق لخط الفقر الاسري، وقد تداعت اصوات الغضب والبيانات تصدر تباعا عن المتقاعدين وقواهم ..
وكذلك وعودها لابناء الطفيلة بتشغيلهم، ومحاولات وأد الحراك الشعبي في الطفيلة، كمقدمة لوأد الحراك عموما(بالاعتقالات والقبضة الامنية) في واقعنا الموصوف، الاقتصادي والانفعالي والاحتقاني والفساد الجنوني وو.. انما هو كمن يحاك ويحبك عدِل (شوال كبير) مهترئ، لن تضمن نتائجه، بل سينفرط من حيث لا نعلم ولا نتوقع ، ولن تنفع معه الحياكه لاحقا..وساذكر الحي منا بهذه النتائج..
واخيرالم يدرك عونان واقعنا المحتقن عموما،يحتاج الى رؤية وصبر وصراحة وشفافية وحزم في محاربة الفساد وفتح ملفاته، عبر وجوه جديدة لم يلوثها الفساد ولم تفقد مصداقيتها، يثق بها الناس، تتحمل امانة المسؤولية، في اطار رؤية واضحة لحكومة انقاذ ذات رؤية واضحة وليس حوارات مكوكية فارغة، لان هذا الواقع المر افرزته قوى الفساد، وسياساتهم النهابة الرعناء والمتخبطة، واصبح كالعِدل المهترئ،كلما حاولت حياكته وحبكه انفرط من جهة اخرى، بشكل اكبر واعمق واعقد، ولن تنفع معه الحياكة مستقبلا،وربما لن يصلح للاستخدام بعد ذلك..
drmjumian@gmail.com