ناهض حتر يكتب : بالأردني الفصيح ...

اخبار البلد_ لا فساد في ملف " سكن كريم" أيضا! لا قضية .. ولا مشكلة في هدر مئات الملايين في إسكانات شديدة الرداءة من كل النواحي, لكنها كلّفتنا ما يعادل كلفة البناء في دابوق! المقدمات, حسب التحقيق, كلها صحيحة, لكن كون المريض قد مات, فهذه هي إرادة الله سبحانه, وهذه الشقق المتشققة البعيدة البائسة الخاوية المتكوّمة نصبا هائلا ورمزا للفشل وسوء الإدارة والفساد, هبطت من الفضاء ! .


زوّدتوها ...


طيّب إذا لم يكن هناك فساد في "سكن كريم"... إذا لم يستفد أحد من الفروقات الكبيرة في العطاءات, وإذا كانت تلك مجرد أرباح شرعية حتى لو كانت خيالية, أفليس هناك, أقله, إعتراف بالفشل ونقد ذاتي للإدارة اللاعقلانية ونهج الهدر المالي وإنعدام الحس بالمسؤولية الوطنية والاجتماعية?


زوّدتوها .. وحرقتوا بنّها ...


والعرض القادم أنحس. وهو تبرئة ملف "برنامج التحوّل الإقتصادي والاجتماعي", لا بل من المتوقع أن يحصل صاحب البرنامج على ما هو أكثر من البراءة. ففي خبر مطوّل ل¯" بترا", إشادة بذلك البرنامج الذي شال الزير من البير ... وكأن الخبر مكتوب عام 2005 , بالإدعاءات نفسها والاستعلاء نفسه, كأن الموديل المروّج له لم يفشل, كأن مديونيتنا لم تبلغ ¯ بسبب ذلك الموديل ¯ أكثر من عشرين مليارا, وكأن العجز المالي صفر والبطالة صفر والفقر والجوع ليسا سوى ذكرى من الماضي!


وبعدين? كثير هيك..


فهمنا أنكم لا تريدون محاكمات ... بس الملفات حاضرة في الوعي الجمعي, بتفاصيلها ونتائجها, وتتفاعل كلغم موقوت.. ولا تظنوا أنه بالإمكان غلق الملفات بهذه الطريقة البدائية التي لا تفعل سوى إثارة ابتسامات السخرية. اتعرفون ? إن طي ملفات الفساد والخصخصة والمشاريع الفاشلة على هذا النحو, مؤداه الوحيد هو تحويلها إلى ملف واحد كبير يدين مرحلة كاملة, ويضع النخبة كلها وراء قضبان الإتهام الشعبي, ويعيد طرح سؤال الفساد, هذه المرة, على المستوى السياسي.


بالعقل,


بلاش محاكمات, ممكن حلّها بطريقة أخرى, لكن لا مناص من حلّها. ما رأيكم بالإعتراف الصريح بفشل الموديل الإقتصادي المسيطر منذ سنة 2000 ? ما رأيكم بتحقيق شامل يوضّح كل حكاية الفساد خلال العقد المنصرم, ملفا ملفا , وتقديم الإعتذار للشعب الأردني, وإعادة أمواله ومؤسساته وشركاته وأراضيه إلى الخزينة?


نحن شعب طيب القلب ولا نميل إلى الإنتقام, وسوف نسامح المرتكبين إذا اعتذروا ورجّعوا ما نهبوه منّا ثم اعتكفوا تائبين ... لكنكم, كما هو واضح, تريدون الجَمَل بما حَمَل مع البراءة والشكر والتقدير.. وفوق كل ذلك, حبّة مسك!


أعذرونا, إذاً, إنْ فقدنا, بعد اليوم, طيبة القلب; أعطيناكم الفرصة, فاستهبلتمونا...