اخبار البلد_سميح المعايطة _ البلديات.. الدستور الهيئة المستقلة و (الانتخاب) انجازات اصلاحية نظرية بلا تطبيق
تعبير دقيق عن الحالة السياسية العامة باننا في الاردن انجزنا اصلاحات
سياسية مهمة لكنها اصلاحات نظرية على شكل تشريعات وتعديلات دستورية, لكننا
لم نحول هذه التشريعات الى واقع اصلاحي على الارض ولم نجسد هذه الاصلاحات
في عملية بناء المؤسسات وتحديدا التي تأتي من خلال انتخابات تعبر عن ارادة
الناس.
نعم انجزنا تعديلات دستورية قدمت تعزيزا لدور ومكانة مجلس النواب لكن من
دون ان ننتخب مجلس نواب, وقدمنا للنزاهة هيئة مستقلة تماطل الحكومة في بناء
جسمها لان الحكومة لا تريد اجراء الانتخابات, وجاء الدستور الجديد ليجعل
الطعن بنتائج الانتخابات لدى القضاء وليس امام المجلس, لكننا تحت تأثير
الجهات المعادية لاجراء انتخابات هذا العام وعلى رأسها الحكومة والاخوان
وجزء من مجلس النواب. وضعنا قانونين جديدين للبلديات خلال اقل من عام لكننا
لم نجر الانتخابات البلدية حيث فشلت الحكومة السابقة في تنظيم الانتخابات
وتماطل الحكومة الحالية ولم تعلن حتى الان موعدا رغم ان القانون يلزم
الحكومة باجراء الانتخابات قبل منتصف ايلول المقبل. شكلنا لجنة حوار وطني
لكن الحكومة اهملتها وجاءت بقانون يواجه معارضة, وكان يمكن ان يخرج قانون
الانتخاب في الخريف الماضي, لكننا اجلنا, وماطلت هذه الحكومة حتى بداية
نيسان, وحتى اليوم لم تبدأ اللجنة النيابية المعنية مناقشته.
تباطؤ الحكومة السابقة والنوايا السلبية لدى الحكومة الحالية لم تحول
الانجازات التشريعية الاصلاحية الى واقع ملموس, وحين تصدر الدعوات للقوى
الشعبية بان تنتقل من الشارع الى العمل السياسي المؤسسي عبر الانتخابات
فانها دعوات لم توفر الحكومة لها فرص النجاح لاننا لم نقم باي خطوات عملية
وكل ما نفعله هو تعزيز حركة الشارع وليس بناء حالة سياسية ينتقل فيها
الشارع الى عمل سياسي داخل المؤسسات الدستورية.
اليوم تعود حالة عدم الثقة من امكانية اجراء انتخابات هذا العام. هذه
الانتخابات التي يؤكد جلالة الملك كل يوم انها ستجرى هذا العام بما في ذلك
الخطاب الايجابي امام البرلمان الاوروبي قبل ايام, لكن ما نراه من سلوك
سياسي من الحكومة ومجلس النواب لا يبعث على الثقة بأننا سنشهد اي انتخابات
حتى الانتخابات البلدية. فالملك لن يقوم بنفسه باجراء الانتخابات لكنها
تجرى بعد بناء الهيئة المستقلة ثم اقرار قانون الانتخاب, وكل هذا لا نسمع
ولا نرى ما يؤكد جدية لدى الحكومة والمجلس لانجازه خلال وقت تكون نهايته
انتخابات نيابية هذا العام.
انهم يقامرون بمصداقية مؤسسة الحكم, هذا هو الوصف الدقيق لما يجري وبكل
الاخلاص والحرص نقول ان التشكيك واسع بان الانتخابات لن تجرى رغم كل الوعود
وهذه القناعة تعززها المماطلة المنهجية من الحكومة والتي لم تقم حتى الان
ببناء الهيئة المستقلة, وايضا التباطؤ النيابي في البدء بمناقشة القانون
وما نسمعه من احاديث حول حاجة المجلس الى عام لاقرار القانون.
الثمن الكبير الذي سندفعه نتيجة الاكتفاء بانجازات اصلاحية نظرية تشريعية
هو افشال كل جهد لنقل الحراك من الشارع الى الانتخابات والمؤسسات, ثم
المقامرة بمصداقية مؤسسة الحكم التي التزمت باجراء الانتخابات هذا العام,
ومن يقف وراء هذا هو الحكومة اولا ثم غياب الاولويات لدى مجلس النواب.