"هبة نيسان" على ابواب الطفيلة والشعارات في ارتفاع حتى بعد اطلاق سراح المعتقلين وعلى "النظام" أن يعيد حساباته
اخبار البلد -عادت مدينة الطفيلة الأردنية الجنوبية للواجهة مجددا بعد أن شهدت الجمعة الماضية مسيرة هي الأكبر في شوارعها منذ انطلاق الحراك الأردني قبل 16 شهرا توحدت فيها معظم القوى المؤثرة بالشارع، وشهدت شعارات سقفها مرتفع وصلت حد تخيير الملك عبد الله الثاني بين الإصلاح و التنحي.
وبالرغم من أن شعارات الجمعة الماضية لم تكن جديدة فإنها جاءت بعد أيام من هتاف عشرات النشطاء في الطفيلة بشعار "الشعب يريد إسقاط النظام" خلال استقبالهم قادة حراك المدينة الذين أفرج عنهم بعد نحو شهرين من الاعتقال بتهمة إطالة اللسان على الملك الذي أمر بالإفراج عنهم.
ولم يتوقف المراقبون والسياسيون كثيرا أمام شعارات الطفيلة، واعتبروا أنها جاءت بلحظة عاطفية.
الجديد أنها شهدت لأول مرة التقاء حراكات شعبية من مناطق جغرافية مختلفة مع الحركة الإسلامية التي توجهت قياداتها للطفيلة في مشهد أغضب الدولة، وأظهر حالة من الوحدة في حراكات الأردن لأول مرة وسط دعوات لإنشاء تنسيقية توحد كل الحراكات في البلاد.
وما زاد من سخونة الجمعة أنها حملت شعار "إحياء هبة نيسان" التي شهدت عام 1989 مواجهات دامية بين القوات الحكومية، ومظاهرات خرجت في مدينة معان الجنوبية امتدت لمدن أخرى سقط فيها قتلى على وقع أزمة اقتصادية خانقة انتهت بعودة الحياة الديمقراطية للمملكة.
الأمن وحد الحراكات
وبرأي سائد العوران القيادي البارز لحركة أحرار الطفيلة والذي أفرج عنه قبل أيام فإن ناشطي الحراكات "مدينون لأجهزة أمن النظام" التي قال إنها باستهداف للحراك عبر الاعتقال والقمع وحدت لأول مرة حراكات الأردن بعد أن كانت هذه المهمة صعبة وشبه مستحيلة.
وقال للجزيرة نت "إضافة لوحدة الحراكات حظينا بتغطية إعلامية غير مسبوقة عرفت المجتمع بنا أكثر، وزادت من حجم الالتفاف حول مطالبنا، وأدت لتعرية من يوصفون بالموالين الذين تحركهم أجهزة النظام".
ورأى أن رفع سقف الشعارات مرده "غضب الناس من الاستهداف الأمني للحراك السلمي وردة فعل على اعتقال رموزه واعتقال وتعذيب النشطاء فيه، ومحاولة الخلط بين النشطاء وأرباب السوابق الذين حاول الأمن زجهم في ملف الحراك، وهو ما لم ينجح بل ارتد عكسيا بالتفاف الناس أكثر حولنا".
وشدد على أن الحراك متمسك بسلميته ولن ينجر لأي مواجهات مع أي جهات "تريد إسالة الدم"، وزاد "أقول للنظام إن سيل الدماء لن يكون في مصلحتك بل سيكون بداية الفراق معك لأن الشعوب لا تهزم".
ورأي العوران أن الأردن يعيش مقدمات تشبه ما حدث في هبة نيسان 1989، محذرا من أن الوضع المعيشي للمواطن "يسير نحو الهاوية وهو ما قد يدفع بالناس للانفجار بأي لحظة دون الحاجة لحراكات تقودهم".
التهميش
أما رئيس حركة اليسار الاجتماعي د. خالد الكلالدة فلا يرى جديدا في شعارات الجمعة الأخيرة بالطفيلة.
وقال للجزيرة نت "السبب في أن الطفيلة هي مركز الحراك الأردني أنها تعيش وضعا من التهميش لا يمكن وصفه، إضافة لأزمة اقتصادية آخذة بالتفاقم بسبب حالة البطالة بسبب توقف الشركات في الجنوب عن التشغيل وشعور الناس أنها نهبت بسبب الخصخصة وإغلاق باب القطاع العام مما يخلق حاضنة أكثر وضوحا في الغضب أكثر من العاصمة والمدن الرئيسية".
بدوره لا يرى المحلل السياسي فهد الخيطان تغييرا في قواعد اللعبة بين النظام والحراكات. وقال للجزيرة نت "العودة إلى سقف الشعارات المرتفعة ووصوله حد مطالبة الملك بالتنحي تعبر عن لحظة غضب عابرة لتحدي النظام بشكل أكثر وضوحا ردا على السياسة الأمنية العنيفة ضد النشطاء".
وأضاف "النشطاء قبل غيرهم يدركون أن الشارع سينفض عنهم وسيفقدون حالة التعاطف إن رفعوا شعار إسقاط النظام لأنهم يأخذون البلد لمجهول لا يريده كثير من الناس".
ويذهب المحلل السياسي لدعوة النظام والحراكات الشعبية لأخذ العبر والدروس من حالة الصدام الأخيرة.
وقال "على النظام أن يعيد حساباته وأن يعود للمقاربة السياسية ويدرك فشل السياسة الأمنية في مواجهة الشارع، وعلى الحراك أن يدرك أن التصعيد في الشعارات والخطاب لن يؤسس للإصلاح وسيعطي الذريعة لأصحاب المقاربة الأمنية لاستهدافهم وحرف الإصلاح عن مساره".