اخبار البلد_ تصاعدت أزمة مرض الالتهاب
الرئوي الذي ظهر في مستشفى الزرقاء الحكومي، فبينما استمرت تطمينات وزارة
الصحة بأن الأمر غير مقلق، سجلت إصابة جديدة بالمرض لأحد الاطباء في قسم
الباطنية بالمستشفى صباح أمس.
وكانت الاعراض على الطبيب هي ذاتها
التي ظهرت على المصابين السابقين من الكادر الطبي، حيث تم نقل الطبيب
المصاب ليعالج في مستشفى الامير حمزة، فيما تبين إصابة أحد المقربين من
شقيق الممرضة المتوفاة وهو يتلقى أيضا العلاج اللازم، بحسب مصادر طبية,
اضافة لاصابة ثالثة لاحد العاملين في المستشفى ويتلقى العلاج في مستشفى جبل
الزيتون.
وبناء على تداعيات الموقف يعقد وزير الصحة الدكتور عبد
اللطيف وريكات مؤتمرا صحفيا اليوم الساعة الثانية عشرة ظهرا للحديث عن
الموضوع ومستجداته وتوضيح العديد من الامور حول ما جرى وماهية وطبيعة
المرض.
أمين عام وزارة الصحة الدكتور ضيف الله اللوزي بين أن نتائج
الفحوصات المخبرية ستظهر - في أبعد تقدير - خلال 48 ساعة، وتهدف الى معرفة
نوع الفيروس ومدى شدته وخطورته.
وأعلن اللوزي في تصريح صحفي أن جميع المصابين بالالتهاب الرئوي من كادر مستشفى الزرقاء الحكومي شفوا تماما من المرض.
وقال ان الممرضين الستة الذين تم تحويلهم للعلاج في مستشفى الأمير حمزة غادروا المستشفى بعد شفائهم التام.
وأضاف أن الوضع الصحي لشقيق الممرضة التي توفيت جيد وأنه سيغادر المستشفى بعد إجراء الفحوص النهائية لتأكيد الشفاء التام.
ولفت اللوزي إلى أن الوزارة اتخذت جميع الإجراءات الوقائية والعلاجية منذ تسجيل الإصابة بالمرض بين كادر مستشفى الزرقاء الحكومي.
وأكد
أن إجراءات ضبط العدوى تنفذ بشكل صارم في المستشفى، مطمئنا بأن الوضع فيه
جيد وأنه يستقبل المرضى بشكل اعتيادي وأنه لا خطورة عليهم أو على الكادر
العامل في المستشفى.
وتؤكد وزارة الصحة أن الالتهاب الرئوي مرض
موسمي يمكن أن يظهر بحالات متعددة في مثل هذا الموسم وأن الوزارة قادرة على
التعامل مع هذا المرض وأن العلاجات متوفرة لديها، واصفة الإصابات بأنها
جائحة يمكن السيطرة عليها. فيما يؤكد عدد من الكوادر الطبية أن الوضع «مقلق
وتشوبه الضبابية».
وبينما تؤكد وزارة الصحة أن الفحوصات المخبرية
تجرى في المختبر المركزي والمختبرات الجامعية، تؤكد مصادر طبية أخرى أن
العينات أرسلت الى ثلاث دول من أجل التأكد من الفحوصات وإظهار المسبب
الحقيقي للمرض، حيث تشير عدد من الدلائل الى أن المشكلة في المرض (الالتهاب
الرئوي) أنه مقاوم للعلاج.
وبين متابعون لحالة الممرضة المتوفاة،
والتي كانت أول المصابين، أن الاعراض ظهرت عليها في الثاني من الشهر الحالي
حيث عانت من ارتفاع في درجة الحرارة وسعال وبقيت عشرة أيام وهي تعاني دون
أن يكون هناك أي تحسن على حالتها، مشيرين الى أنها عولجت بالمضادات الحيوية
دون أن يكون هناك أي نتيجة تذكر أو تحسن يطرأ على حالتها، ما دفع إلى
انتقالها إلى مستشفى خاص لتلقي العلاج إلا أنها انتقلت الى رحمة الله تعالى
بعد فشل السيطرة على تقدم المرض.
وفيما تسعى الوزارة الى معرفة
أساس انتقال العدوى، يشير العاملون في مستشفى الزرقاء الى احتمال بأن
العدوى انتقلت من حالة لإحدى الوافدات الآسيويات، كانت قد دخلت المستشفى
بحالة سيئة جدا وتعاني من أعراض مشابهة في ارتفاع درجة الحرارة، حيث بقيت
في قسم العناية المركزة وتوفيت دون أن يتم معرفة الاسباب الحقيقية وراء
وفاتها.
وبين العاملون في المستشفى أن ما يرجح صحة هذا الاحتمال هو
أن الكادر المصاب بالمرض هو الكادر الذي أشرف على معالجة الوافدة الاسيوية.
وأشار
العديد من العاملين في المستشفى الى أن «بطء وزارة الصحة» - وفق وصفهم -
هو ما أدى الى ازدياد حالات الاصابة كون الممرضة كانت أول المصابين ثم
توالت الإصابات الواحدة تلو الأخرى، مؤكدين أن الاصابات تجاوزت الـ 15
حالة، وأنها تجاوزت الكوادر الطبية ووصلت الى إصابة أحد عمال الامن
والحماية وعمال نظافة، أي أن «الفيروس انتشر في المستشفى».
وقال
عاملون في مستشفى الزرقاء الحكومي إنه تحول الى «مدينة أشباح»، حيث خلا
المستشفى إلا ممن اضطر الى مراجعته، كما لم تجر فيه سوى عملية واحدة
لمصابين في حادث سير، بعد أن كان المعدل الطبيعي لاجراء العمليات الجراحية
يتراوح بين 20 الى 25 عملية جراحية يوميا، وفق قولهم.
وفي هذا
السياق، يؤكد مواطنون وعاملون في مستشفى الزرقاء ضرورة «إزالة المستشفى من
الوجود» كونه أصبح «بؤرة وباء»، موضحين أن النظافة معدومة في كافة مرافقه،
إضافة الى سوء حالة مبنى المستشفى الذي قالوا انه لن يجدي معه أي نوع من
الصيانة والترميم.
وأشاروا لى أنه في كثير من الاحيان تفيض المجاري
على أقسام المستشفى دون أن يتم تعقيمه أو تنظيفه بالشكل الصحيح، ما يجعل من
الطبيعي - وفق قولهم - أن يكون المكان مليئا بالأمراض والفيروسات.
مستشفى
الزرقاء، الذي أصبح خاليا إلا من بعض كوادره الطبية والموظفين بعد أن كان
مليئا بالحيوية والحركة والنشاط من قبل المراجعين المرضى والزائرين، هجره
المرضى وهرب من ساحاته وممراته الزائرون والمراجعون خوفا من إصابتهم بالمرض
الرئوي الغامض الذي أصاب 8 من كوادره الطبية والتمريضية وأدى الى وفاة
ممرضة تعمل.
وفي الوقت الذي اختفت فيه حركة المراجعين، نشطت حركة
الكوادر الطبية من وزارة الصحة بعد أن تم عزل العديد من الاقسام وبوشر
العمل بتعقيم مختلف الاقسام في محاولة إجراء وقائي من أجل السيطرة على
الوضع الذي أثار الرعب بين المواطنين والموظفين والكوادر الطبية على حد
سواء.
وكانت آخر الخطوات التي تم إجراؤها أمس أنه تم اخلاء جميع
المصابين الى مستشفى الامير حمزة رغم أن الفحوصات المخبرية ما زالت لم تحدد
نوع المرض الذي يؤدي الى تعطيل الرئتين ويصاحب ذلك ارتفاع في درجات
الحرارة، ما أدى الى حالة من التخبط والاحباط بين المراجعين والمرضى.
وسرت
في أوساط المواطنين في الزرقاء حالة خوف مشابهة لما يسود في داخل
المستشفى، إذ يخشى المواطنون أن ينتقل المرض الى خارج المستشفى ليصبح
مجتمعيا. وبدأت الشائعات بالانتقال بين الناس حول مصادر المرض.
أخبار
انتشار المرض ووفاة الممرضة دفعت عددا كبيرا من أهالي الزرقاء الى إخلاء
مرضاهم ونقلهم الى مستشفيات بالقطاع الخاص، حيث تقلص أو كاد ينقطع عدد
المراجعين لعيادات الطوارئ التي باتت شبه فارغة تخوفا من هذا الفيروس
الوبائي، وباتت غالبية الحالات المرضية تتوجه الى المراكز الصحية الشاملة
او العيادات الخارجية التابعة للمستشفى في منطقة حي الامير محمد ومنطقة
البتراوي.
وتمارس الطواقم الطبية ما تبقى لها من عمل وسط حرصها
الشديد على ارتداء واقيات طبية (كمامات) كإجراء احترازي لمنع الإصابة
بالعدوى، فيما امتنعت بعض الطواقم الطبية عن العمل إثر الاعلان عن حالة
الوفاة.
ويعرف عن مستشفى الزرقاء الحكومي الذي بني قبل نحو ستين
عاما، أنه يشهد اكتظاظا في عدد المراجعين كونه المستشفى الحكومي الوحيد
الذي يخدم مدينة الزرقاء التي يقارب عدد سكانها نحو المليون نسمة. واعتاد
المستشفى أن يسجل أكبر عدد من المراجيعن لأقسامه وخاصة العيادات، حيث كانت
إدخالاته تشهد نسبا تتجاوز 100% من طاقته الاستيعابية.
إلى ذلك،
علمت «الدستور» من مصادر طبية عليمة أن تقريرا أعد حول إصابات مستشفى
الزرقاء الحكومي سيسلم إلى الجهات المختصة، وأن المعلومات الأولية التي
رشحت من التقرير أرجعت أسباب إصابات المستشفى إلى عدم تطبيق إجراءات ضبط
العدوى فيه وأن وضع عمليات تعقيم في وحدة العناية الحثيثة فيه بحالة سيئة
جدا، كما لا يطبق فيها بروتوكول التعقيم المعتمد في مثل هذه الوحدات.
وأفاد
التقرير أن الإصابات تعتبر تفشيا محدودا وليس «جائحة»، ما يستوجب المتابعة
والتحقق واليقظة للحيلولة دون تحول هذا التفشي المحدود الى جائحة.
وبين
التقرير أن الأسباب الجرثومية التي أصابت حالات مستشفى الزرقاء الحكومي
غير واضحة المعالم، وأن هناك فحوصات مخبرية تجري في مخابر متعددة في
المملكة منها مختبرات مستشفى الملك المؤسس عبد الله الجامعي في جامعة
العلوم والتكنولوجيا الأردنية ومخابر وزارة الصحة ومخابر خارج المملكة،
مرجحا ظهور نتائج هذه الفحوصات في القريب العاجل لتحديد طبيعة الجرثومة
المسببة.
وأشار التقرير إلى أنه في حال إبقاء إجراءات ضبط العدوى في
كثير من المستشفيات على ما هي عليه، فإن ذلك يهدد بظهور جوائح مستقبلية
غير معروفة المعالم ولا يمكن التكهن بمداها وتداعياتها على صحة المواطنين.
على
صعيد متصل، قالت مصادر طبية مطلعة إن هناك ازديادا ملحوظا في عدد حالات
الالتهاب الرئوي في مختلف مستشفيات المملكة لأسباب مختلفة منها التقلبات
الجوية الحاصلة. ولفتت هذه المصادر الى أنه يجب عدم الخلط بين ما حدث في
مستشفى الرمثا ومستشفى الزرقاء الحكوميين، مؤكدين أن الرابط بينهما هو
الرابط الزمني فقط وأنه لا علاقة طبية بين ما حدث في المستشفيين.
وتساءلت
هذه المصادر الطبية عن قدرة الأنظمة الصحية المتبعة في مستشفيات وزارة
الصحة على إجراء استقصاءات وبائية فعالة تستطيع ربط الحالات المسجلة
بالأسباب الجرثومية المختلفة التي من الممكن أن تؤدي الى وباء.