وزير يجب أن يغادر الحكومة..
وزير يجب أن يغادر مركب الحكومة..
بقلم: موسى الصبيحي
ثمّة مواضع ضعف كثيرة في مفاصل حكومة الرئيس الخصاونة، فالأداء العام لها ما يزال يتسم بالتذبذب وعدم الإقناع، والكثير من التصريحات عن المواقف والقرارات التي تتخذها تأتي أحياناً متناقضة وغير شفافة وغير مقنعة، وبعض أعضاء الفريق الوزاري لم يكونوا أبداً على قدر المسؤولية والكفاءة السياسية والمهنية، مما أوهن الأداء العام للحكومة وأعاق تقدّمها، لا بل أدّى إلى تأزيم الأوضاع ورفْع وتيرة الغضب في الشارع بشكل غير مسبوق، حتى رأينا شعارات تٌرفع لم يألفها الأردنيون من قبل أبداً..!!
استمرار الرئيس الخصاونة في موقعه على رأس السلطة التنفيذية بات مرهوناً بإجراء تعديل حقيقي وعاجل على حكومته، فبعض الوزراء حمّلوا الرئيس والحكومة أعباء لا تتحملها الجبال، فمن أزمة إلى أزمة، ومن مشكلة إلى سلّة مشكلات، ومن تصريح غير مسؤول أو استنكاف عن تصريح أو موقف مُلحّ إلى شلال من الغضب والاستنكارات، وكلها بسبب عدم إدراكهم لحقيقة الأوضاع التي يعيشها المجتمع، وعدم دراستهم لملفاتهم ومسؤولياتهم بنضج وموضوعية، وعدم إحاطتهم بالقضايا والهموم الوطينة، وعدم تقديرهم وإدراكهم لحساسية المرحلة..!
لديّ القدرة ككاتب ومراقب على مناكفة الحكومة على مدار الساعة دون كلل أو ملل، فالملفات كثيرة والأخطاء كبيرة، والأزمات طاحنة يجرّ بعضها بعضاً بسبب سياسات وقرارات لم تٌدرس بما فيه الكفاية، فبعض الوزراء ما زالوا يفتقدون للنظرة الشمولية للواقع، مما أفقدهم الكثير من صوابهم، وبدأوا أو امتنعوا عن تنفيذ أعمال وممارسات دون إدراك لتبعات ذلك، ففقدوا ثقة الناس، ولم يعودوا قادرين على الإقناع أو الإبداع، وأقاموا جداراً عازلاً بين الحكومة والشعب، فأنْ تكون وزيراً تملأ "المكان" فقط، فليس هذا هو المطلوب في مرحلة حساسة تتطلب وزراء ومسؤولين على قدر عال من الكفاءة والريادة والنباهة والحضور..
لديّ أمثلة عديدة على وزراء ينبغي أن يخرجوا من الحكومة، ومن أمثلة الوزراء، الذين يجب أن ْلا يتردد الرئيس في إخراجهم من مركبه عند أقرب محطة، وزير تطوير القطاع العام، وهو شخص دمث ولطيف على المستوى الشخصي، لكنّه ارتكب خطأً كبيراً، باعتباره عرّاب بدعة "الهيكلة المزعومة" فقد تسبّب مشروعه بإيقاد شرارة خطيرة أشعلت فتيل أزمات خانقة في مفاصل الدولة المختلفة، ولا تزال تداعياتها قائمة إلى الآن، وستظهر تداعيات أخرى أكثر خطورة مستقبلاً، وحالة الاحتقان والغضب والشعور بالغبن وعدم العدالة لا تزال تملأ أجواء القطاع العام ونفوس موظفي الدولة، ناهيك عن مخالفة القوانين والتشريعات، ولا تزال هذه المخالفات وبعضها خطير قائمة، وسننبّه لها في مقالات لاحقة، خصوصاً إذا أخذنا بالاعتبار تشريعات المؤسسات المستقلة التي لم تُعدّل بعد بما يتوافق مع متطلبات الهيكلة ونظام الخدمة المدنية، وكان يجب أن تُعدّل أولاً قبل البدء بتنفيذ مشروع الهيكلة والتبعيّة لمظلة الخدمة المدنية، وهو ما أدّى إلى إنفاق أموال من موازنات بعض تلك المؤسسات دون وجه حق..! ونتساءل عن جوهر مشروع الهيكلة الأساس وهو الذي انبثقت منه فكرتها الأولى، ونعني دمج وإلغاء الكثير من المؤسسات والهيئات المستقلة التي تم تفريخها على مدار السنوات العشر الماضية، وهي التي كانت ولا تزال تستنزف من مال الدولة مئات الملايين سنوياً ووصلت مبالغها التراكمية إلى ما يزيد على خمسة مليارات دينار، دُفِعت من جيوب المواطنين، ولم تُقدّم لهم شيئاً مفيداً مذكوراً، وكل ما قدّمته خدمة ذوات وأبناء ذوات بأعينهم، كانوا ولا يزالون يتقاضون رواتب فلكية..!! فماذا فعلت الحكومة وماذا فعلت وزارة تطوير القطاع العام وماذا فعل الوزير الخوالدة إزاء هذه المصيبة التي يسمونها هيئات ومفوضيات ومجالس ملأت دنيا القطاع العام، وشكّلت حكومات وجمهوريات مستقلة داخل الدولة..!!!
وأنا أسأل رئيس الحكومة هنا عن المستقبل: هل ستؤدي سياسة الهيكلة بالطريقة التي نفّذتها الحكومة، حسب وصفة وزير التطوير، إلى تطوير القطاع العام أم إلى تدميره..!!؟ ومنْ المسؤول ومن سنحاسب إذا كانت النتيجة تدميراً لهذا القطاع وإعاقة لعمل مؤسساته المختلفة، وقد بدأت عملية التدمير..! وهل العودة إلى عصور سحيقة من البيروقراطية هو الذي سيطوّر مؤسسات القطاع العام أم يحطّمها..!!؟ ولماذا ابتعدت الحكومة عن جوهر الهيكلة وشغلت نفسها والمجتمع بالموظف البسيط فأخذت تلاحقه في رزقه حتى أحبطته، متجاهلة الحيتان الكبار ومنْ عيّنوهم وأقروا لهم رواتب فلكية على حساب الشعب وقوت الشعب..!!؟
مشروع الهيكلة يا دولة الرئيس، كما يقول صديق صادق، فتح على الحكومة وموازنتها أبواب جهنّم، وأدخل مؤسسات القطاع العام في نفق مظلم سوف من البيروقراطية والإحباط والتراخي، وسوف يتبيّن فشل هذا المشروع فيما بعد، ولكن بعد أن نكون قد دفعنا ثمناً باهظاً لهذا الفشل فمنْ يتحمّل الوزرْ..!!
سيدي دولة الرئيس أنصحك للمرة الثانية بأن تجلس في فناء منزلك ذات صباح ربيعي جميل، وليس ذات مساء شتائي بارد كما كنت نصحتك في المرة السابقة، وأن تفكّر مليّاً بالتعديل، فثمّة أعضاء في حكومتك لا يكفي إقالتهم وإنما تجب مساءلتهم أيضاً، ومن هؤلاء الوزير الخوالدة الذي كنت نصحته غير مرة بأن يستقيل لما سبّبه من أزمة كبرى مكلفة في الدولة، أما إصرار دولتكم على عدم اللجوء إلى التعديل فلا يفسّر إلاّ بأحد أمرين: إما أن دولتكم لا يريد أن يعترف بإخفاق بعض أعضاء فريقه الوزاري، ومنهم وزير التطوير، ولا بالأزمات التي تسببوها، وإما أنكم تشعرون بأن عمر حكومتكم قد أزف، فلا داعي للتعديل..!!
أما الدرس: فليس كل منْ يملك الخيار يملك القرار، وليس كل من تم توزيره نتحمل وزْره..!!
Subaihi_99@yahoo.com
بقلم: موسى الصبيحي
ثمّة مواضع ضعف كثيرة في مفاصل حكومة الرئيس الخصاونة، فالأداء العام لها ما يزال يتسم بالتذبذب وعدم الإقناع، والكثير من التصريحات عن المواقف والقرارات التي تتخذها تأتي أحياناً متناقضة وغير شفافة وغير مقنعة، وبعض أعضاء الفريق الوزاري لم يكونوا أبداً على قدر المسؤولية والكفاءة السياسية والمهنية، مما أوهن الأداء العام للحكومة وأعاق تقدّمها، لا بل أدّى إلى تأزيم الأوضاع ورفْع وتيرة الغضب في الشارع بشكل غير مسبوق، حتى رأينا شعارات تٌرفع لم يألفها الأردنيون من قبل أبداً..!!
استمرار الرئيس الخصاونة في موقعه على رأس السلطة التنفيذية بات مرهوناً بإجراء تعديل حقيقي وعاجل على حكومته، فبعض الوزراء حمّلوا الرئيس والحكومة أعباء لا تتحملها الجبال، فمن أزمة إلى أزمة، ومن مشكلة إلى سلّة مشكلات، ومن تصريح غير مسؤول أو استنكاف عن تصريح أو موقف مُلحّ إلى شلال من الغضب والاستنكارات، وكلها بسبب عدم إدراكهم لحقيقة الأوضاع التي يعيشها المجتمع، وعدم دراستهم لملفاتهم ومسؤولياتهم بنضج وموضوعية، وعدم إحاطتهم بالقضايا والهموم الوطينة، وعدم تقديرهم وإدراكهم لحساسية المرحلة..!
لديّ القدرة ككاتب ومراقب على مناكفة الحكومة على مدار الساعة دون كلل أو ملل، فالملفات كثيرة والأخطاء كبيرة، والأزمات طاحنة يجرّ بعضها بعضاً بسبب سياسات وقرارات لم تٌدرس بما فيه الكفاية، فبعض الوزراء ما زالوا يفتقدون للنظرة الشمولية للواقع، مما أفقدهم الكثير من صوابهم، وبدأوا أو امتنعوا عن تنفيذ أعمال وممارسات دون إدراك لتبعات ذلك، ففقدوا ثقة الناس، ولم يعودوا قادرين على الإقناع أو الإبداع، وأقاموا جداراً عازلاً بين الحكومة والشعب، فأنْ تكون وزيراً تملأ "المكان" فقط، فليس هذا هو المطلوب في مرحلة حساسة تتطلب وزراء ومسؤولين على قدر عال من الكفاءة والريادة والنباهة والحضور..
لديّ أمثلة عديدة على وزراء ينبغي أن يخرجوا من الحكومة، ومن أمثلة الوزراء، الذين يجب أن ْلا يتردد الرئيس في إخراجهم من مركبه عند أقرب محطة، وزير تطوير القطاع العام، وهو شخص دمث ولطيف على المستوى الشخصي، لكنّه ارتكب خطأً كبيراً، باعتباره عرّاب بدعة "الهيكلة المزعومة" فقد تسبّب مشروعه بإيقاد شرارة خطيرة أشعلت فتيل أزمات خانقة في مفاصل الدولة المختلفة، ولا تزال تداعياتها قائمة إلى الآن، وستظهر تداعيات أخرى أكثر خطورة مستقبلاً، وحالة الاحتقان والغضب والشعور بالغبن وعدم العدالة لا تزال تملأ أجواء القطاع العام ونفوس موظفي الدولة، ناهيك عن مخالفة القوانين والتشريعات، ولا تزال هذه المخالفات وبعضها خطير قائمة، وسننبّه لها في مقالات لاحقة، خصوصاً إذا أخذنا بالاعتبار تشريعات المؤسسات المستقلة التي لم تُعدّل بعد بما يتوافق مع متطلبات الهيكلة ونظام الخدمة المدنية، وكان يجب أن تُعدّل أولاً قبل البدء بتنفيذ مشروع الهيكلة والتبعيّة لمظلة الخدمة المدنية، وهو ما أدّى إلى إنفاق أموال من موازنات بعض تلك المؤسسات دون وجه حق..! ونتساءل عن جوهر مشروع الهيكلة الأساس وهو الذي انبثقت منه فكرتها الأولى، ونعني دمج وإلغاء الكثير من المؤسسات والهيئات المستقلة التي تم تفريخها على مدار السنوات العشر الماضية، وهي التي كانت ولا تزال تستنزف من مال الدولة مئات الملايين سنوياً ووصلت مبالغها التراكمية إلى ما يزيد على خمسة مليارات دينار، دُفِعت من جيوب المواطنين، ولم تُقدّم لهم شيئاً مفيداً مذكوراً، وكل ما قدّمته خدمة ذوات وأبناء ذوات بأعينهم، كانوا ولا يزالون يتقاضون رواتب فلكية..!! فماذا فعلت الحكومة وماذا فعلت وزارة تطوير القطاع العام وماذا فعل الوزير الخوالدة إزاء هذه المصيبة التي يسمونها هيئات ومفوضيات ومجالس ملأت دنيا القطاع العام، وشكّلت حكومات وجمهوريات مستقلة داخل الدولة..!!!
وأنا أسأل رئيس الحكومة هنا عن المستقبل: هل ستؤدي سياسة الهيكلة بالطريقة التي نفّذتها الحكومة، حسب وصفة وزير التطوير، إلى تطوير القطاع العام أم إلى تدميره..!!؟ ومنْ المسؤول ومن سنحاسب إذا كانت النتيجة تدميراً لهذا القطاع وإعاقة لعمل مؤسساته المختلفة، وقد بدأت عملية التدمير..! وهل العودة إلى عصور سحيقة من البيروقراطية هو الذي سيطوّر مؤسسات القطاع العام أم يحطّمها..!!؟ ولماذا ابتعدت الحكومة عن جوهر الهيكلة وشغلت نفسها والمجتمع بالموظف البسيط فأخذت تلاحقه في رزقه حتى أحبطته، متجاهلة الحيتان الكبار ومنْ عيّنوهم وأقروا لهم رواتب فلكية على حساب الشعب وقوت الشعب..!!؟
مشروع الهيكلة يا دولة الرئيس، كما يقول صديق صادق، فتح على الحكومة وموازنتها أبواب جهنّم، وأدخل مؤسسات القطاع العام في نفق مظلم سوف من البيروقراطية والإحباط والتراخي، وسوف يتبيّن فشل هذا المشروع فيما بعد، ولكن بعد أن نكون قد دفعنا ثمناً باهظاً لهذا الفشل فمنْ يتحمّل الوزرْ..!!
سيدي دولة الرئيس أنصحك للمرة الثانية بأن تجلس في فناء منزلك ذات صباح ربيعي جميل، وليس ذات مساء شتائي بارد كما كنت نصحتك في المرة السابقة، وأن تفكّر مليّاً بالتعديل، فثمّة أعضاء في حكومتك لا يكفي إقالتهم وإنما تجب مساءلتهم أيضاً، ومن هؤلاء الوزير الخوالدة الذي كنت نصحته غير مرة بأن يستقيل لما سبّبه من أزمة كبرى مكلفة في الدولة، أما إصرار دولتكم على عدم اللجوء إلى التعديل فلا يفسّر إلاّ بأحد أمرين: إما أن دولتكم لا يريد أن يعترف بإخفاق بعض أعضاء فريقه الوزاري، ومنهم وزير التطوير، ولا بالأزمات التي تسببوها، وإما أنكم تشعرون بأن عمر حكومتكم قد أزف، فلا داعي للتعديل..!!
أما الدرس: فليس كل منْ يملك الخيار يملك القرار، وليس كل من تم توزيره نتحمل وزْره..!!
Subaihi_99@yahoo.com