تحية لحكومة الدوام المرن
يسجل لحكومة الدكتور جعفر حسان وحكومته هذه الخطوة الجريئة والعظيمة بالتحول الى نظام الدوام المرن.
حتى الساعة لا يخذل رئيس الوزراء توقعاتنا بأداء يتسم بالروح العملية والتركيز على الانجاز الملموس. فنحن طالما عانينا
من تخمة في الخطط والبرامج الشاملة وفقر مدقع في الانجازات ولطالما كانت مشكلة جلالة الملك مع الحكومات انها تقابل التوجيهات الملكية بتصميم عروض ممتازة لبرامج الاصلاح ثم يظهر انها بذاتها هي الانجاز الذي تنام عليه الحكومة أما التطبيق
الملموس فيتعثر في دهاليز البيروقراطية الحكومية والعادات القديمة والعجز أمام المصالح المكرسة وهي تقاوم بألف طريقة التغيير.
نفترض ان وزير تطوير القطاع العام د. خير ابو صعليك وهو القادم من خارج البيروقراطية الحكومية لن يتردد في المضي قدما بخطوات عملية في هذا المشروع وهو كما نراه احد تجليات برنامج التحديث الاداري.
لم نطلع على التعليمات الخا ّصة بنظام الدوام المرن لكن ما تم نشره يتطابق مع ما نفكر فيه فأشكال العمل المرن لا تتعلق فقط
بمواعيد الدوام بل ايضا بمفهوم العمل عن بعد والتناوب على العمل.. الخ. وبهذا المعنى فالأمر لا يتعلق ببضعة قرارات من الحكومة المركزية لتنظيم دوام موظفي القطاع العام، اذ سيقع على عاتق كل وزارة ومديرية ومؤسسة ان ترتب امورها وفقا لنوع العمل والخدمة والصلة مع دوائر اخرى. وهنا الامتحان الكبير للقيادات الوسطى والدنيا لإظهار القدرات والعزم والكفاءة لتطبيق نظام العمل المرن بما يعزز الانتاجية ويتناسب مع احتياجات الموظفين والمؤسسة ومتلقي الخدمة. وستكون مناسبة لتقييم الادارات العليا والوسيطة وفرز الكفاءات الجديرة بمواقعها.
وانا على ثقة ان معظم القيادات ليست عاجزة او فاشلة بذاتها بل هي ضحية بيئة متأصلة وواقع موروث يستلمون له
ولمقولة "حط راسك بين هالروس.. " وان وضعها أمام تحد المسؤولية لإنجاز العمل سيحفز افضل ما لدى القيادات من قدرات على الانجاز الحقيقي. وسيكشف الحالات الميؤوس منها. وهذا مع انشاء آلية رقابة ومتابعة دقيقة تواكب في كل دائرة ومرفق التطبيق الخلاق والكفوء للمشروع ليحقق غاياته.
الدوام المرن ليس فكرة جديدة او بدعة حديثة. وكل واحدة من عناصرها تم اقتراحها في وقت ما وها أن هذه الحكومة
تبادر لطرحها كلها في مشروع واحد يطبق بأشكاله المختلفة وفقا بما يلائم طبيعة كل عمل.
نتذكر عندما بلغت ازمة السير في عمان ومراكز المحافظات حالة لا تحتمل اقترحنا تمديد دوام المؤسسات حتى وقت متأخر
وتوزيع دوام الموظفين على فترتين حتى لا تكون هناك ساعات ذروة وتمكين المراجعين من توزيع مراجعاتهم على فترات الصباح والظهيرة والمساء. وما يتبعه عموما من توزيع انتشار الناس وتنقلهم على كل ساعات النهار لتصبح المدن مكانا
ايسر للحياة والتنقل وتقليل الهدر والتعطيل.
وعندما جاءت جائحة كرونا وبدأت محاولات تطبيق بعض اشكال العمل والدراسة عن بعد، اقترحنا توسيع الفكرة وتثبيتها لتصلح لما بعد كورونا وتختصر الوقت والجهد والمال وتريح كثيرا من الأسر خصوصا مع التوجه لتعميق وتوسيع التحول الرقمي، حيث يصبح جهاز اللابتوب بين يديك هو في الواقع مكان عملك.
هناك تعقيدات كثيرة ستواجه التطبيق وستكون هناك مقاومة تتذرع بالصعوبات وتباطؤ قد تستسلم الحكومة امامه. واذ نسجل للحكومة ونحييها بحرارة على مشروع العمل المرن لنأمل ان تمضي قدما بعزيمة قوية ولا تتراخى امام اي مقاومة او صعوبات.