الإخوان المسلمون ونظرية «العزل»!!

لا ادري ان كانت مجرد مصادفة ام هي تطابق في الصفات والسلوك بين الاسلام السياسي الشيعي والاسلام السياسي السني الذي يمثله ابرز تمثيل الاخوان المسلمين وبخاصة في مصر، لقد كانت اول خطوة اتخذتها الاحزاب الشيعية التابعة لايران بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003 هي انشاء هيئة اجتثاث البعث التي تحولت وكما يعلم الجميع الى سيف مسلط على رقاب كل من لا يتفق مع تلك القوى سياسيا، حيث تحولت هذه الهيئة التي سميت فيما بعد باسم « قانون المساءلة والعدالة» الى اداة سياسية لتصفية الخصوم ومطاردتهم، واليوم نرى مشهدا متطابقا حد التماثل يجري في مصر من قبل الاخوان المسلمين الذين صنعوا خلال ايام معدودة قانونا اسموه قانون العزل فصل تفصيلا من اجل منع ترشح عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية السابق ومدير المخابرات المصرية لاكثر من عقدين لانتخابات رئاسة الجمهورية التى ستجري في 23 من ايار المقبل .

فقبل ان يترشح سليمان الى انتخابات الرئاسة لم يكن في وارد او بال «الاخوان» ، «سلق» مثل هذا القانون على الرغم من ترشح شخصيات محسوبة على النظام السابق مثل عمرو موسي والفريق احمد شفيق اخر رئيس وزراء في عهد مبارك، ولكن وبمجرد ان تمكن سليمان من اكمال متطلبات ترشحه حتى بدأت الماكنة السياسية والاعلامية في الهجوم عليه بل وذهبت الجماعة الى حد التخطيط لايذائه الجسماني كما اعلن هو شخصيا قبل عدة ايام، والسؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا كل هذا الهلع من شخص سليمان ؟
في الحقيقة هناك حالة من الاستغراب والاستهجان الشديدين تجاه هذا السلوك من الاخوان وذلك للاسباب التالية :
اولا : الاخوان هم القوى السياسية الاولى المسيطرة على البرلمان الذي يصنع القوانين وقانون العزل الذي سوف يستخدم اداة سياسية لقمع معارضي الاخوان كما هو الحال في العراق الان، هذا القانون اكبر دليل على قوة الهيمنة للاخوان في استصدار ما يريدون من تشريعات وبالتالي ماذا سيؤثر ترشح شخص مثل سليمان على نفوذهم وقوتهم.
ثانيا : عمر سليمان ليس قائدا لحزب سياسي لكي يشكل تحديا لحزب الاخوان « الحرية والعدالة» .
ثالثا : الرجل ليس لديه مشروع عدائي للاخوان وتصريحاته عن ان المخابرات خلال فترة ترؤسه لها « الصدر الحنون « للاخوان لهو دليل على انه لم يكن يناصبهم العداء عندما كان عداؤهم عملا واجبا ولا اعتقد انه سيفعل ذلك الان بعد ان اصبحوا القوة السياسية الاولى في مصر بعد تغيير نظام مبارك.
والسؤال مرة اخرى، اذا لماذا هذا الخوف ؟؟
القصة اكبر من قضية الخوف انها قضية المشروع، فالاخوان المسلمون وبعد السنوات الطويلة التى لم يكونوا قادرين خلالها على المشاركة في الحكم، وجدوا انفسهم اليوم امام فرصة ذهبية لا يمكن التفريط بها، وهذه الفرصة تتمثل في ضرورة اطباق السيطرة السياسية على الحكم من خلال « الديمقراطية « فبعد البرلمان يريدون رئاسة الجمهورية ليتمكنوا من خلال هاتين المؤسستين من اعادة انتاج الدولة المصرية سياسيا وقانونيا وفكريا على مقاسهم ووزنهم، انتاجا يمنع اية قوة من القدرة على هزيمة الاخوان، وانتاجا يوقف وباسم القانون التداول السلمي للسلطة لتصبح في يدهم والى الابد.
هذا هو الهدف ووجود رئيس جمهورية «ليس اخا مسلما» سيعمل على تعطيل هذا المشروع وتحديدا شخصية مثل عمر سليمان الخبير في كيفية التعامل معهم وصاحب الخبرة الامنية والسياسية.
يبدو ان الاسلام السياسي بشقيه السني والشيعي لا يؤمن بالشراكة او المشاركة، بل بالتفرد والاستحواذ الكامل على السلطة لانه في الاساس يعتبر الديمقراطية مجرد مرحلة للوصول للسلطة وبعدها الاستحواذ عليها والتمسك بها.