الخصخصة في الاردن ... هل الهجوم عليها الآن مبرر ?!

للاجابة على هذا التساؤل ننطلق من أهداف الخصخصة التي وضعت في قانون التخاصية وفي الاستراتيجية الوطنية للتخاصية وكلاهما صدر بعد تنفيذ عدة صفقات لخصخصة جزء من الشركات والمؤسسات التي خضعت لبرنامج الخصخصة خلال الفترة التي امتدت منذ منتصف التسعينيات وحتى انتهاء عمليات الخصخصة في منتصف العقد الماضي تقريبا.


لقد لخصت استراتيجية الخصخصة اهدافها بما يلي: رفع كفاءة المشروعات وتحسين الإنتاجية والقدرة التنافسية من خلال تفعيل قوى السوق وإزالة الاختلالات والتشوهات الاقتصادية, وتحفيز الادخارات المحلية وجذب المزيد من الاستثمارات الخاصة المحلية والعربية والأجنبية من خلال فتح الأسواق وإلغاء احتكار الدولة, ووقف نزف المال العام على شكل مساعدات أو قروض ممنوحة للمشاريع الخاسرة, الأمر الذي يؤدي إلى تخفيف العبء المالي عن كاهل الخزينة, والحد من الحاجة للجوء إلى الاقتراض الخارجي لغايات تغطية عجوزات المشاريع القائمة أو لتمويل مشاريع جديدة, وتعميق سوق رأس المال المحلي وتوجيه المدخرات الخاصة نحو الاستثمارات طويلة الأمد, وتسهيل الحصول على التكنولوجيا وأساليب الإدارة الحديثة اللازمة للمنافسة في الأسواق العالمية , والوصول إلى أسواق جديدة ومستقرة. فهل تحققت تلك الاهداف?!.

لا شك أن عملية التخاصية قد حققت الكثير من الاهداف ومنها زيادة التشغيل وتحسين الانتاجية وكفاءة الانتاج وكسر حلقة الاحتكار, الا أنها بالمقابل تركت العديد من التساؤلات التي يمكن أن تطرح وهي بحاجة لبحث ولكنه ليس مستفيضا للاجابة عليها ومنها: هل استطاعت الخصخصة ازالة الاختلالات والتشوهات الاقتصادية وتحفيز الادخارات المحلية وايقاف نزف المال العام والحد من الاقتراض الخارجي ام تم الاستعاضة عنه بالاقتراض الداخلي والاهم من كل ذلك هل تعمق سوق رأس المال المحلي وتم توجيه المدخرات الخاصة نحو الاستثمارات طويلة الاجل?!.

لم نشعر في الأردن أي أثر ملموس للتخاصية على تطوير وتوسيع سوق الاوراق المالية من خلال توسيع قاعدة المساهمين في المملكة عن طريق البيع لقاعدة واسعة من السكان وهو أكثر أساليب التخاصية شفافية, وقد اقتصرت عمليات البيع لاسهم الحكومة في المحفظة الاستثمارية للمؤسسة الاردنية للاستثمار آنذاك, تبعها بعد ذلك تنفيذ بيع لاسهم محدودة لشركة الاتصالات في مرحلة متأخرة كانت نتائجها محدودة جداً.

وهل تم انشاء صندوق لادارة عوائد التخاصية كما نص القانون, أم أن ذلك كان أمرا حماسيا ورغبة في تقليد الصناديق السيادية الخليجية, ولماذا لم يتم تخصيص سهما ذهبيا للحكومة في الشركات الاستراتيجية, وهل اتفقنا في الاردن على تسمية تلك الشركات? ولماذا تم اعفاء ديوان المحاسبة من عضوية المجلس الاعلى للتخاصية بعد أن كان رئيس الديوان عضوا في اللجنة الوزارية العليا للتخاصية قبل صدور قانون التخاصية عام 2000 ?!

ولماذا لا يزال دور هيئات التنظيم هامشياً ومقتصراً على الامور الفنية ولم تنتقل لممارسة دورها في حماية المستهلك?!

في الاجابة عن بعض التساؤلات أعلاه تكمن مبررات الهجوم الذي لا يزال مستمرا على برنامج التخاصية الذي انتهينا منه منذ أكثر من نصف عقد من الزمان.