اخبار البلد
"مضى بخطوات ثابتة ليقول ما يعتقد أنّه حق
في السابع من شهر آذار الماضي توجّه المعلم والناشط في حراك الطفيلة سائد
العوران صوب مبنى المحافظة ليشفع عند المحافظ هاشم السحيم لما يزيد عن 25
شابا اعتصموا للمطالبة بوظائف قبل ذلك التاريخ بيوم.
غيّب السجن سائد عن رؤية طفليه (محمد وعروبة)، وما لبث أن ألحقت الأجهزة الأمنية به أخيه أحمد في أحداث "الرئاسة".
لم يخطر على بال العوران أنّ مبنى المحافظة الذي يعتبر "بيت الأردنيين"
سيكون يوما ما "مصيدة" للناشطين، يحوَّلوا منه إلى محكمة أمن الدولة، بحسب
رئيس فرع نقابة المعلمين في محافظة الطفيلة جمال الخلفات.
ممثِّل الملك في أيّ محافظة إنّما هو المحافظ، كما يقول الخلفات؛ فإذا لاذ مواطن بالمحافظ "فثم الأمان"، وذلك أمر بديهي.
اعتقال سائد من مبنى المحافظة "وأثناء وجوده في حضرة المحافظ" أثار حفيظة
أبو رائد العوران والد سائد، فقال: "ولدي اعتقل من مكتب المحافظ وكان جالسا
عنده، ونحن نعرف أنّ المحافظ يُمثِّل الملك والدولة"، متسائلا: "ماذا بقي
للمحافظ من هيبة بعد أن صار مكتبه معتقلا؟"
ويُعرِّف الخلفات بجانب من سجايا "رفيق العمر والمهنة" قائلا: "سائد رجل
طموح، يحب الخير للناس، لا يعرف الأنا أو الأنانية، وحِسهُ الوطني العالي
جعل الحفاظ على مصلحة البلد همه الأول".
"أيُما رجل امتاز بهذه الصفات، ودفع ثمن وطنيته سواء باعتقال أو غيره، إلاّ ارتفع شأنه عند الناس"، كما يرى الخلفات.
ويقول رئيس فرع النقابة بالطفيلة: "إنّ الصفات الشخصية لسائد وما تعرّض له
من ظلم وتعسف واعتقال رفع رصيده عند عموم المواطنين والمعلمين بشكل خاص،
فقدموه مع قائمته ومنحوه ثقتهم، ففازت القائمة التي تضم سائدا بفارق كبير
في انتخابات الفرع، ولو ترشّح فرديا لفاز أيضا بفارق كبير".
ولم تقف ثقة المعلمين بسائد عند حد انتخابه، بل انتخبوه نائباً لرئيس
الفرع. وغدا العوران معلما متوَّجا بين رفاقه المعلمين. وبلهجة بدوية
أصيلة يختلط فيها الألم والعزة تعتبر أم رائد والدة سائد اعتقال ولديها
مشرّفا، "فقد كانا مقيميْن على خدمة البلد والمطالبة بالإصلاح". وتقول:
"بعد اعتقال ولدي سائد من مبنى محافظة الطفيلة، ألحقت به ولدي أحمد، البالغ
26 سنة، فقد اعتقلته الأجهزة الأمنية في أحداث الدوار الرابع"، بيد أنّها
تؤكد أنّ ابنها لم يهتف إلاّ بهتاف يطالب بالإصلاح وإحقاق الحق، وهو ما
يطالب به آلاف المواطنين. لا تخفي أم محمد (زوجة سائد) اشتياق طفليها
لأبيهم، فسائد، كما تقول زوجته، ابن بار وأب حنون وزوج مخلص وهو الحبيب
والأخ الحاني.
جيل سائد ليس كباقي الأجيال، فهو جيل يبحث عن الحرية ويُعلي من شأن قيم
الانتماء الصادق للوطن، ولا يبحث عن منافع شخصية، ولا يرضى بالتبعية، فبين
هذه الصفات وما يمارسه الفاسدون، كما تقول أم محمد، جعلت جيل سائد يشعر
بالقهر والتهميش ومصادرة الحقوق، وقبل ذلك مصادرة الحرية.
هذا كله دفع بسائد وجيله إلى الخروج على سياسات جائرة سرت على أجيال سابقة، وفق أم محمد.
ترى زوجة سائد أنّ الفوز كان حليف زوجها، فقد حضر بقوة بين أطياف المجتمع،
وتدلل على ذلك بفوزه بانتخابات نقابة المعلمين، وكانت الانتخابات بمثابة
استفتاء شعبي على مواقف سائد، وفق قولها.
"سجّانيه" أهدوه وهم لا يعلمون قوة بين رفاقه وفي أعين الناس، سيكون لها
أثر إيجابي كبير عليه في المستقبل، وستدعم ثباته واستمراره بالمطالبة
بالإصلاح، كما تقول الزوجة.