تفتخر الدول بهدم السجون،وقلة عددها،ونحن نضع الخطط لزيادة عدد السجون،واستيعاب اعداد اضافية،من المحكومين والمطلوبين.
في
الدين الاسلامي،تأتي العقوبات قاطعة،بعيداً عن فكرة السجن،ولان عقوباتنا
كلها قائمة على فكرة السجن فقط،يزداد عدد الموقوفين والمحكومين والمطلوبين
يوماً بعد يوم.
حتى في الغرب هناك استبدال لفكرة السجن وحجز
الحرية،بعقوبات اخرى في حالات كثيرة،وقد ثبت ان السجن لايمنع اي انسان من
العودة لارتكاب جريمته،بل لربما تصير عادة،بعد المرة الاولى.
مناسبة الكلام،لاتتعلق بمشاعرالسجناء،على حساب الضحايا،لكننا نناقش المبدأ واثره الفاعل في ردع الناس عن ارتكاب الاخطاء.
في
الاردن هناك شكوى مريرة على مستوى شعبي من عدة قضايا،تتعلق بالسجون
والاحكام،ولااحد يتوقف عند هذا الملف بكل تعقيداته،وقد اتصل بي سجناء من
سجن سواقة والجويدة،ليقولوا ان محكومين مثلهم خرجوا في العفو العام،فيما تم
تركهم!.
مازلنا نريد اصدار عفو عام،ومناسبة الاستقلال ليست
بعيدة،بحيث يتم تكييفه ليشمل فئات اوسع،ولانتحدث هنا عن حقوق الناس
المتضررين،لانه لايجوز التخفيف عن انسان مقابل ضرر انسان له حقوق.
نريد
عفواً عاماً يشمل كل موقوفي التنظيمات الاسلامية،وكل المعتقلين على خلفية
قضايا امنية وسياسية،لمنح الناس فرصة جديدة في هذه الحياة،بما في ذلك احمد
الدقامسة،الذي تم سجنه،حتى شبع سجناً،ولن تزيده سنين اضافية،بأي شيء.
لابد
من اصدار عفوعام ايضاً يشمل كل قضايا الحق العام،بحيث تسقط عقوبات الحق
العام،عن الناس،والدولة قادرة على ان تُخفف عن الناس بهذه الطريقة،لان الحق
العام بيد الدولة فيما حقوق الناس المتضررين بحاجة الى تكييف قانوني اخر.
لماذا
لايتم ايضا في بعض الملفات المعقدة تخفيف الحكم الى نصف المدة او
ثلثها،بحيث يتم منح الناس فرصة جديدة،ولماذا بات محرما ان نناقش فكرة عفو
عام،لايترك احدا نهائيا؟!.
السجون مكتظة والمطلوبون الذين لم يتم
الامساك بهم،لاعدد لهم ولاحصر،والاجهزة الامنية والتنفيذ الامني
والقضائي،غارق بمتابعة عشرات الاف الاسماء،ويلاحقون الذي صدم عاموداً
كهربائياً بسيارته وهرب،مثلما يلاحقون من انتهك العرض،او هرّب المخدرات.
هذا
ليس منطقياً ابداً،ولابد من مراجعة العقوبات لدينا،من حيث المبدأ،بحيث يتم
استبدالها بوسائل عقابية اخرى،لاننا بهذه الطريقة سنكون بحاجة الى سجن
جديد كل خمس سنوات،ولابد من تخفيف الضغط عن اجهزة الامن والقضاء والمتابعة.
هل يُعقل في العفو العام الاخير،ان يتم الافراج مثلا عن اناس،ويتم ترك محكومين آخرين على نفس خلفية الذين تم الافراج عنهم؟!.
مالذي
يمنع اصدار عفو عام مع تكييفه بحيث يعاقب من يعود الى الجريمة ذاتها او
الى اي جريمة اخرى،باستعادة العقوبة التي تم العفو فيها،من اجل ردع كثيرين
عن العودة للجريمة؟!.
ما نفع سجن المحكومين على خلفية قضايا مالية
من شيكات وكمبيالات وحقوق،اذا لم يؤد السجن الى دفع حقوق المتضرر؟ ولماذا
لايتم ايجاد آليات للتسوية المالية،ومنح السجين الفرصة للخروج ودفع الحقوق
وتقسيطها مثلا،عبر أي آلية؟.
لايستفيد المتضرر من قضية مالية من
سجن الذي اخذ حقوقه او لم يدفعها،هو في السجن،وذاك لم يأخذ حقوقه،ولماذا
لايتم ايجاد آليات ذكية وجديدة لحل هذه المشاكل،بدلا من ارسال الناس الى
السجن لانه عجزعن الدفع،وليس كل عاجز،نصاب او محتال.
ملف السجون
والعقوبات والاحكام والعفو العام،بحاجة الى ورشة عمل،على مستوى
مرتفع،وبحاجة الى اجراءات جديدة،تبدأ بعفو عام حقيقي،وتصل الى تغيير في
العقوبات،وتبدع في تأمين حقوق الناس بطريقة غير هذه الطريقة.
العفو العام الاخير سبب غضباً داخل السجون،لانه لم يكن عادلا،فلاتستغربوا
لو حدثت اضرابات ايضاً داخل السجون،في ظل احساس كثيرين،ان فوق
احكامهم،مسّهم غياب العفو،الذي ذاق طعمه آخرون،دون سبب مفهوم!!.
لانتحدث هنا عن عتاة المجرمين،لكننا نتحدث عن من فيهم أمل لان يستقيموا ويعودوا إلى رشدهم،وهم كثرة.