إدارة بايدن قدمت أسلحة لإسرائيل رغم الفظاعات في غزة


قالت المديرة التنفيذية لمنظمة هيومن رايتس ووتش، تيرانا حسن، إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، أظهرت معايير مزدوجة عندما يتعلق الأمر بحقوق الإنسان، وقدمت الأسلحة دون قيود لإسرائيل على الرغم من فظائعها الواسعة النطاق في غزة، بينما أدانت الإدارة روسيا على انتهاكات مماثلة في أوكرانيا، وفشلت في معالجة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من قبل دول حليفة للولايات المتحدة.


جاء ذلك في تقرير المنظمة السنوي حول وضع حقوق الإنسان في العالم والذي صدر رسمياً اليوم الخميس، وغطى انتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان في قرابة مئة دولة. وبحسب حسن فإن العديد من دول العالم، بما في ذلك الدول الديمقراطية، فشلت في اختبار حقوق الإنسان ومبادئ القانون الدولي، مشددة على أن الديمقراطيات الليبرالية ليست من المدافعين الموثوق بهم عن حقوق الإنسان في الداخل والخارج.

وأكدت أن السلطات الإسرائيلية فرضت حصاراً وارتكبت العديد من الأعمال غير القانونية بما فيها الهجمات والتهجير القسري التي تصل إلى حد جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، مشيرة كذلك إلى حرمان الفلسطينيين عمداً من الوصول إلى المياه الضرورية للبقاء على قيد الحياة، وهي جريمة ضد الإنسانية وقد تصل إلى حد جريمة الإبادة الجماعية، كما أدت الضربات الإسرائيلية كما ورد في التقرير إلى قتل وجرح عشرات الآلاف من المدنيين والتي شملت الاستهداف المتعمد للمستشفيات، والمباني السكنية، وعمال الإغاثة، والمدارس المدمرة ومخيمات إيواء العائلات النازحة، وعدم ترك أي ملاذ آمن، وتدمير البنية التحتية اللازمة للبقاء.

وبحسب التقرير، فإن جيش الاحتلال الإسرائيلي واصل في عام 2024، قتل وجرح وتجويع وتهجير الآلاف من المدنيين الفلسطينيين في غزة، وتدمير منازلهم ومدارسهم ومستشفياتهم والبنية الأساسية على نطاق غير مسبوق في التاريخ الحديث. ويشير إلى قتل أكثر من 44 ألف فلسطيني على الأقل وجرح 104 آلاف آخرين منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ناهيك عن تهجير أغلب الفلسطينيين داخل غزة قسراً ومواجهة أهل غزة انعدام الأمن الغذائي الشديد أو المجاعة. ويشير كذلك إلى منع المساعدات والحصار والتعذيب في المعتقلات الإسرائيلية.

كما يتطرق لانتهاكات حقوق الإنسان في بقية الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وقتل أكثر من سبعمئة فلسطيني منذ الحرب على غزة، بالإضافة إلى هجمات المستوطنين ومصادرة الأراضي وغيرها. كما يتطرق للقوانين المختلفة التي سنها الاحتلال بما فيها منع عمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). ويسجل التقرير كذلك تجاوزات وخروقات حقوق الإنسان ضد الفلسطينيين من قبل السلطة الفلسطينية، والتي شملت الاعتقالات وحتى التعذيب.

وانتقدت حسن عدداً من الدول الغربية لاستمرارها بتزويد إسرائيل بالأسلحة على الرغم من استخدامها لارتكاب الفظائع، وعلى رأسها الولايات المتحدة وألمانيا، منتهكة بذلك التزاماتها القانونية الدولية والقانون المحلي. ولفتت الانتباه إلى أن "الاستخدام الجديد لتقنيات المراقبة والذكاء الاصطناعي وغيرها من الأدوات الرقمية في ساحة المعركة يهدد بإلحاق المزيد من الأذى بالمدنيين، ويثير المزيد من الأسئلة حول مساءلة الحكومات وشركات التكنولوجيا المعنية".

وإلى جانب حرب غزة تحدثت حسن عن حربي أوكرانيا والسودان، وانتهاكات تتعلق بالاضطهاد في الهند وروسيا وفنزويلا.

مديرة "هيومن رايتس ووتش": عودة ترامب تثير المخاوف تلفت حسن الانتباه إلى أن عام 2024 شهد انتخابات في سبعين دولة حول العام، مشيرة إلى أن العنصرية والكراهية والتمييز كانت في العديد منها هي المحرك في الحملات الانتخابية. وتضرب مثالاً على انتخابات الولايات المتحدة التي فاز فيها دونالد ترامب بالرئاسة للمرة الثانية، مشيرة إلى أن ذلك أثار المخاوف من تكرار الإدارة الأميركية الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكبتها خلال ولايته الأولى. وتوقفت كذلك عند المكاسب التي حققتها الأحزاب اليمينية المتطرفة في انتخابات البرلمان الأوروبي لعام 2024، والتي اتسمت باستغلال المشاعر المعادية للمهاجرين والخطاب القومي "مما يشكل تهديداً للأقليات وتقويضاً للمعايير الديمقراطية".

عربياً، شمل التقرير أوضاع حقوق الإنسان في ستة عشر دولة عربية، واختلفت التجاوزات فيها، بالإضافة إلى قمع حريات التعبير، فكان التركيز في بعض المناطق على قضايا العمالة مثلاً في بعض من دول الخليج ونظام الكفالة إلى قضايا الهجرة في عدد من دول شمال أفريقيا. كما يشمل التقرير العديد من الديمقراطيات الأوروبية التي سجل فيها تجاوزات مختلفة تتعلق بالهجرة، بالإضافة إلى قمع الحريات، وخاصة فيما يتعلق بفلسطين والمعارضة لحرب الإبادة على غزة، ومن بينها دول كألمانيا والولايات المتحدة.

أما في السودان فتوقف التقرير عند استمرار الصراع بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع مع ارتكاب الأطراف المتحاربة، ولا سيما قوات الدعم السريع، جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وانتهاكات أخرى للقانون الإنساني الدولي. ويلفت الانتباه إلى أن الصراع خلف "واحدة من أكبر الكوارث الإنسانية في العالم، مع تأكيد حدوث المجاعة في أكبر مخيم للنازحين في دارفور في أغسطس/آب وتلوح في الأفق في مناطق أخرى".

ويسجل التقرير أن عمليات النزوح الداخلي في السودان وصلت إلى أعلى مستوى في العالم تجاوزت 10.8 ملايين سوداني حتى سبتمبر/أيلول، بما في ذلك 8.1 ملايين نازح منذ عام 2023. كما واجه أكثر من 25 مليون شخص انعدامًا حادًّا في الأمن الغذائي، ومع ذلك "لم يجر تمويل سوى حوالي نصف خطة الاستجابة الإنسانية. وهناك أكثر من 17 مليون طفل خارج المدرسة".