بيع السندات يهز الأسواق حول العالم.. وأزمة لم تحدث منذ السبعينيات

شهدت الأسواق المالية العالمية موجة بيع حادة في أكبر أسواق السندات الحكومية على مستوى العالم، مصحوبة بارتفاع مستمر في قيمة الدولار، مما تسبب في صدمة للأسواق، مع تزايد القلق بشأن السياسات الاقتصادية للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب.

ارتفاع عوائد السندات العالمية

قفز العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات، التي تعد معياراً لتريليونات الدولارات من المعاملات اليومية العالمية، إلى أكثر من 4.7% يوم الأربعاء، وهو أعلى مستوى له منذ أبريل. كما بلغت العوائد على السندات البريطانية أعلى مستوياتها منذ عام 2008.

تجدر الإشارة إلى أن ارتفاع العوائد يعني انخفاض أسعار السندات، ولم يكن هناك محفز واضح لموجة البيع الأخيرة.

في ألمانيا، وصل العائد على السندات الحكومية لأجل 10 سنوات إلى أعلى مستوى له منذ أكثر من خمسة أشهر، مدفوعاً بارتفاع معدلات التضخم في منطقة اليورو وزيادة العرض. وارتفع العائد إلى 2.524% بنهاية يوم الأربعاء.

أما في اليابان، فقد وصل العائد على السندات لأجل 10 سنوات إلى أعلى مستوى له خلال 13.5 عاماً عند 1.185% خلال تداولات صباح الخميس.

ضغط على العملات والأسواق

تسبب هذا التحرك في موجة جديدة من البيع في العملات مقابل الدولار، حيث انخفض الجنيه الاسترليني بأكثر من 1% قبل أن يتعافى قليلاً، بينما اقترب اليورو من حاجز الدولار الواحد.

في الولايات المتحدة، بدأ مؤشر ستاندرد أند بورز 500، الذي شهد ارتفاعاً بعد فوز ترامب، يظهر علامات تراجع، لكنه أنهى جلسة الأربعاء دون تغيير يذكر.

انتقد ترامب، خلال مؤتمر صحفي في مارالاغو يوم الثلاثاء، ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة على الرغم من أن الاحتياطي الفيدرالي يتبنى دورة تيسير نقدي. وقال: "التضخم لا يزال مرتفعاً للغاية، وأسعار الفائدة مرتفعة بشكل مفرط."

 

خطط ترامب لزيادة الرسوم الجمركية وخفض الضرائب وتخفيف التنظيمات قد تزيد من التضخم وتؤثر سلباً على المالية العامة، مما قد يحد من قدرة الاحتياطي الفيدرالي على خفض أسعار الفائدة.

أشار تشيب هيوجي، المدير الإداري للدخل الثابت في Truist Advisory Services، إلى أن "85% من الزيادة في العوائد منذ منتصف سبتمبر تعود إلى ارتفاع علاوة الأجل"، وهو الفارق الذي يطلبه المستثمرون للاحتفاظ بالسندات طويلة الأجل. وأضاف أن العلاوة الحالية للسندات لأجل 10 سنوات تبلغ 54 نقطة أساس، مقارنة بـ -29 نقطة أساس في سبتمبر.

هذا يعني أن العوائد الحالية أعلى بـ 54 نقطة أساس مما يمكن تفسيره بتوقعات سياسة الاحتياطي الفيدرالي.

زيادة الإمدادات وتأثيرها

تعمل الحكومات الأخرى على إصلاح ماليتها العامة وتعزيز اقتصاداتها من خلال زيادة مبيعات السندات.

وصلت العوائد على السندات طويلة الأجل، التي تكون أقل تأثراً بالتغيرات قصيرة المدى في السياسات النقدية، إلى مستويات عالية تاريخياً بسبب زيادة كبيرة في الإصدارات هذا العام.

في أوروبا، يواجه السوق تدفقاً كثيفاً من الإصدارات، حيث باعت ألمانيا سندات بقيمة 5 مليارات يورو لأجل 10 سنوات، بينما أصدرت إيطاليا سندات خضراء جديدة لأجل 10 و20 سنة.

في الولايات المتحدة، أشار بايرون أندرسون، رئيس الدخل الثابت في Laffer Tengler Investments، إلى وجود حوالي 14.6 تريليون دولار من الديون المستحقة على الخزانة خلال العامين المقبلين، مما يعني الحاجة إلى تمديد جزء كبير منها إلى آجال أطول.