حكومتان


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الخيرُ فييّ ، وفي أمتي إلى يوم القيامة .انتهى قوله عليه السلام ، وأرى أن المخفي من المعنى في الحديث الشريف هو جملة مؤكّــدَةٌ بتمام تأكيد سابقتها ، وهو ، إن الشرّ في الإنسان باقٍ إلى يوم القيامة ، من هنا فإن المطالبة بالمدينة الفاضلة، والحكومة الفاضلة، ومجلس نواب فاضل ، ومجلس أعيان فاضل ، أمرٌ ساذج ، وضرب من الخيال ، ولكن البحث عن الأخيار الذين أشار إليهم رسول الله عليه السلام أمرٌ واجبُ ، وهؤلاء الأخيار موجودون حقاً بيننا ، وعلينا الوقوف معهم ، ومساندتهم من أجل ما نسعى إليه نحن المواطنين ، وهو الوصول إلى حقوقنا المشروعة المنهوبة .
في الوقت الذي يطالب به المواطنون بالإصلاح ، ما زلنا نقرأ في الصحف اليومية، والمواقع الإلكترونية عن تجاوزات حكومية ، وبرلمانية، وأعيانية ، وفي أجهزة هي مفتاح الأمان والسلامة العامة ، وتصب جميع هذه التجاوزات في صالح المتنفذين فقط ، وتجاوز القوانين ، والأنظمة ، من هنا فإنني أتمنى عند الأمر بتشكيل الحكومة بمجلس وزرائها أن تكون لدينا وباستثناء عن دول العالم حكومتان ، حكومة تخدم مصالح المتنفذين ، وحكومة تلتفت إلى مطالب المهمشين ، وأن يكون عندنا مجلسي نواب ، مجلس تنتخبه النخبة مسيّــرٌ بأمرها ، ومجلس ننتخبه نحن ، ونطالب بأحزاب سياسية للنخبة، وأحزاب للمواطنين ، فربما، وأقولها بحزن ، ربما نجد متسعاً كافياً للتنافس ، وبالتأكيد في نهاية الصراع والتنافس الشريف من جهة واحدة ، ستكون هناك جولات رابحة للأخيار ، فمهما امتلأت الدنيا بالأشرار ، فإن مساحة كافية موجودة على الأرض للأخيار .
وأخيراً أعجب من حكوماتنا أنها على تعاقبها المستمر منذ زمن بعيد ، لم تلتفت إلى مثل هذا الأمر حتى تُريح نفسها ، وتبقى تتحرك في دائرتها ، ويصبح عندها صراع فيما بينها ، ولماذا لم تستفد من تجربة التجار الذين فهموا هذه المعادلة البسيطة، فافتتحوا المولات للمتنفذين ، حتى يلبسوا بدلات بيار كاردان والتي هي أغلى من أجسادهم ،في الوقت الذي أعلنوا فيه عن افتتاح بسطاتهم الرصيفية للمهمشين ، ومع ذلك فإن بعضهم يحسدنا على هذه البسطات ، وبدأوا يزاحموننا عليها ، وعلى البالات ، وسوق الجمعة ، فهل أعينهم فارغة لا يملؤها إلا التراب ؟!!