العياصرة يكتب: الإخوان سيقاطعون

الحركة الإسلامية لن تشارك في الانتخابات القادمة ما دامت صيغة القانون الانتخابي على وضعه الحالي، لا بل وأكاد أجزم أنّها ستعمل على تشجيع مقاطعة العملية الانتخابية، ذلك على خلاف مقاطعاتها السابقة التي كانت تكتفي فيها بمجرد الموقف الذاتي.

الموقف الرافض لقانون الانتخابات الحالي لم يعد حكرا على الحركة الإسلامية، فالأجواء العامة تشي برفض كبير له من قبل قوى سياسية واجتماعية واسعة.

هذا يعني أنّ الإخوان المسلمين في حال مقاطعتهم لن يغرّدوا خارج السرب، ولن تملك أبواق النظام تلك المبررات التي كانت تسوقها للهجوم على قرارات الإسلاميين.

حسابات الكلفة التي يحاول البعض سوقها ليبرر جبرية مشاركة الحركة في الانتخابات القادمة لم تعد ذات فعالية كما كانت في السابق.

كما أنّ الحديث عن انتظار الحركة الإسلامية لطبيعة "النظام الانتخابي" كي تقرر، وأنّ رفضها الحالي ما هو إلاّ لتحسين شروط ذلك النظام، هذا الكلام محض افتراء لا يمكن القبول به وتصديقه.

الحركة واضحة في موقفها، فهي تريد قانون انتخاب يوسّع المشاركة وينتج مجلسا مسيّسا بحدود معقولة، وهي إذ ترفض التزوير لكنها تعتبر طبيعة القانون أولى خطوات التزوير والتلفيق، ومن هنا يبدو موقفها متماسكا ولا أظنه يتزحزح عن ذلك.

الأزمة ليست تكتيكية، بل بنيوية عميقة، والتلويح بالمقاطعة ليس مجرد موقف سياسي عابر أو ابتزازي، الموقف تعبير عن حالة الإصلاح وعن إرادة الإصلاح الغائبة لدى النظام.

المقاطعة في هذا التوقيت لن تحرج الإخوان بقدر إحراجها لصانع القرار، وعلى مطبخ الحكم التنبُّه للأزمة، فالتوقيت لا يسمح بعملية إصلاحية فارغة المحتوى، ومن هنا يبدو التراجع العام عن كل الخطوات السابقة حلا مرضيا.

ولعلّي أرى أنّه من المناسب في هذه المرحلة مطالبة الملك بالتدخل على وجه السرعة من خلال اعتماد مقاربة تُشابه ما حدث في مملكة المغرب.

الرهان على تراجع الإخوان خاسر، والاعتقاد أنّ الإصلاح سيمرّ بسلام تحت ظل هذا القانون اعتقاد خاسر أيضا.

المشهد يحتاج إلى حلحلة عميقة، فالبلد تقف على أصابع أقدامها، والتوتر متطاير في كل مكان، والتبسيط والتسخيف للأشياء لم يعد ممكنا، ومن هنا أرى في المغرب نموذجا ممكنا.