استحالة مقاطعة الإسلاميين للانتخابات النيابية

برغم غضبة الحركة الاسلامية من قانون الانتخاب،وهي غضبة تستبق النظام الانتخابي ايضا،الا ان الحركة الاسلامية في الاغلب سوف تشارك في الانتخابات النيابية المقبلة.

لا قياسَ على مقاطعة الاسلاميين للانتخابات التي جرت في وقت سابق،لان الظروف الان تغيرت،خصوصا،في ظل مناخات الربيع العربي التي اوصلت الاسلاميين الى مؤسسات سياسية وتشريعية في عدة دول عربية،فلماذا يغيبون هنا؟!.

من الطبيعي ان تكون كلفة مقاطعة الاسلاميين كبيرة جداً على ذات الحركة التي يهمها حصد نتاج ارثها الداخلي،وقوتها عربيا،ونزولها الى الشارع في الاردن،وما ادخرته من رصيد سياسي وديني واجتماعي في هذا البلد.

من الطبيعي ان يحتد الاسلاميون على قانون الانتخاب،لانهم يريدون مزايا اكثر،وهذا امر مشروع في السياسة،غير ان الاسلاميين الذين ترشحوا وفقا للصوت الواحد،لايمكن ان يخسروا اذا ترشحوا وفقا لثلاثة اصوات تُعطى للناخب،اثنان في الدائرة،وواحد للقائمة.

ماهو مهم يتعلق بعدم التزوير ضدهم،قبل تفاصيل المقاعد والدوائر.

اغلب الظن ان الحركة الاسلامية تريد التعبير عن غضبها وتوظيفه قبيل وضع النظام الانتخابي،من اجل ارباح اكثر،تحت عنوان مراضاة الحركة حتى لاتقاطع،والاغلب ايضا ان تتجاوب الحكومة،جزئيا،مع مطالب الاسلاميين،حتى لايتم جرح الانتخابات المقبلة،مع خوف الحكومة من مقاطعتهم المفترضة.

الاسلاميون مكون طبيعي،واذا كنا ننتقدهم احيانا،وننصفهم احيانا،وفقا لكل حالة،فهذا لايعني باي حال من الاحوال اعتبارهم خصما يتوجب محاربته،لانهم يمثلون طيفا واسعا في البلاد،وليس ادل من ذلك على انتصاراتهم في نقابة المعلمين،التي قلبت مفهوم «الوكالة الحصرية» الذي يقول ان الاسلاميين يمثلون جزءا من الناس في عمان والزرقاء فقط.

انتصار الاسلاميين في نقابة المعلمين،لايمكن ان يقبل الاسلاميون اضاعته تحت وطأة المقاطعة او الغياب خلال الانتخابات المقبلة،لان بروفة المعلمين اثبتت ان رصيدهم مرتفع،ولايمكن تبديده تحت عنوان الحرد والمقاطعة،وهذا كل مايتمناه خصوم الاسلاميين في هذا التوقيت بالذات.

الحكومة طلبت من الحركة التهدئة قليلا،مقابل تحسينات معينة ستضعها على نظام الانتخاب،خصوصا،ان الحكومة لاتحتمل مقاطعة الاسلاميين،التي ستكون عنوانا سيئا جدا للاصلاح السياسي،والتلويح بالمقاطعة،تلويح وظيفي ذكي،لعل الحكومة تنصاع لطلبات اضافية للاسلاميين.

الحركة الاسلامية وجهت نقدا بالغا لقانون الانتخاب،وبطبيعة الحال لايخلو القانون من نقاط ضعف،ولايمكن ان يأتي قانون انتخاب ليرضي كل الناس في اي بلد،غير ان السؤال الذي يأتي هذه الايام يتعلق بقدرة الاسلاميين على المقاطعة الفعلية،خصوصا،ان التوقيت مناسب جدا للحركة على كل المستويات للفوز بعدد لابأس به من المقاعد.

مقاطعة الاسلاميين للانتخابات المقبلة في ظل هذا القانون اوحتى غيره من قوانين،غير واردة،وعلى هذا قد يكون التهديد بالمقاطعة بهدف استدراج تحسينات على النظام الانتخابي،وهي تحسينات يريدها الاسلاميون،ولو لم تحدث فإن الحركة في نهاية المطاف سوف تشارك في الانتخابات النيابية المقبلة،والاغلب ان تكون نتائجها مرتفعة ،مقارنة بأي انتخابات سابقة.

على هذا فإن ازمة المقاطعة،ازمة تكتيكية ومؤقتة،لانه لايعقل ان يقاطع اسلاميو الاردن في الوقت الذي يزحف اخوانهم الى كل البرلمانات والحكومات في العالم العربي،وعلى هذا يستحيل ان يقاطع اسلاميو الاردن،وان يعاكسوا النهر الجارف الذي يحمل الاسلاميين الى كل المواقع.

مآخذ الاسلاميين على القانون،صحيحة في بعضها،لكنها لن تدفعهم في نهاية المطاف الى الغياب والمقاطعة،فهذه مقاطعة لن تكون مقبولة من الجسم الاسلامي العالمي،الذي يتأمل ان تمتد موجاته الى كل الدول العربية هذه الايام،ولو عبر صيغ متفاوتة.

بهذا المعنى فان قرار المقاطعة النهائي،ليس بيد الاسلاميين الاردنيين فرادى،دون عودة الى المرجعية الاكبر،التي تريد مد الانتصارات من «تطوان» الى «عمان».
ماهر ابو طير