التأمين الإلزامي نزيف يصفي دم شرايين شركات التأمين.. ما الحل؟ خبير يجيب
هبة الحاج- في مشهد يعكس أزمة عميقة تضرب قطاع التأمين في الأردن، تزايدت حالات إفلاس الشركات أو تصفيتها نتيجة تراكم الخسائر وعدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها تجاه المؤمن لهم الأزمة، التي بدأت جذورها منذ سنوات طويلة، باتت أشبه بقنبلة موقوتة تهدد استقرار هذا القطاع الحيوي، في ظل خلل هيكلي وتنظيمي مستمر بقوانين التأمين الإلزامي.
كشف خبير في قطاع التأمين أن المشكلة العميقة التي تواجه شركات التأمين اليوم هي نتيجة خلل هيكلي وتنظيمي وقانوني في نظام التأمين الإلزامي، وهو خلل لم يتم معالجته منذ سنوات طويلة، ما أدى إلى تفاقمه وتحوله إلى أزمة كارثية تهدد استمرارية الشركات.
وأضاف أن التعديلات الأخيرة على قانون التأمين الإلزامي لم تكن كافية لمعالجة جذور المشكلة، بل أسهمت في تراكم الخسائر وزيادة الضغط على الشركات التي أفلست أو صُفيت بسبب عجزها عن دفع التعويضات.
وأوضح الخبير أن هناك عدة أسباب رئيسية أدت إلى تفاقم خسائر التأمين الإلزامي، أبرزها انتشار ظاهرة شراء "الكروكات"، حيث أصبح المتضررون يلجؤون مباشرة إلى الورش دون مراجعة شركات التأمين، مما يحرمها من فرصة تقييم الأضرار بدقة، كما أن خبراء المحاكم الذين يبتّون في القضايا المتعلقة بالتعويضات يفتقرون في كثير من الأحيان إلى التأهيل اللازم، ما ينعكس على حجم التعويضات التي يتم تقديرها بشكل غير مدروس.
وأضاف أن المشكلة لا تتوقف عند هذا الحد، فالتضخم الكبير في أسعار قطع غيار السيارات، خاصة مع دخول السيارات الكهربائية إلى السوق الأردني، جعل التكاليف تتضاعف بشكل كبير، مشيرًا إلى أن أسعار قطع السيارات الكهربائية تفوق بأضعاف أسعار قطع السيارات التقليدية، إضافة إلى ندرة توفرها، وأوضح أن الزيادة في عدد المركبات على الطرق الأردنية ساهمت أيضًا في زيادة الحوادث، مما أدى إلى تضاعف أعباء شركات التأمين.
وأشار الخبير إلى أن الأردن يُعد من الدول المتقدمة عالميًا في عدد الحوادث المرورية، وهو أمر يتطلب تدخلًا عاجلًا من الجهات الرسمية، مثل إدارة السير والأمن العام، لمواجهة الحوادث المفتعلة والمبالغات في تقدير الأضرار.
وعن الحلول المقترحة، أكد الخبير أن رفع قيمة التأمين الإلزامي بمقدار 50 دينارًا قد يكون أحد الخيارات التي تساعد الشركات على مواجهة الخسائر، خاصة وأن الأسعار لم ترتفع منذ عام 2010، رغم تضخم تكاليف السيارات وقطع الغيار، لكنه شدد على أن الحل لا يمكن أن يكون جزئيًا، بل يتطلب منظومة إصلاح متكاملة تشمل سن قانون جديد للتأمين، وإنشاء محاكم متخصصة لتسوية النزاعات، وترخيص خبراء تأمين مؤهلين يخضعون لرقابة البنك المركزي لضمان النزاهة والكفاءة.
واختتم الخبير حديثه بالتأكيد على أن قطاع التأمين بحاجة ماسة إلى إعادة هيكلة شاملة لمعالجة الخلل القائم، وإلا فإن المزيد من الشركات قد تواجه شبح الإفلاس، ما يهدد استقرار السوق بأكمله.