أين تتقاطع أولويات الأردن والإدارة السورية الجديدة في دمشق؟
خرج اجتماع دول مجموعة الاتصال العربي ببيان مطول في العقبة حددت أولوياته وفقا للقرار الأممي 2254 الذي أعطى للأردن في بنده التاسع دورًا لإدارة الحوارات والنقاشات حول واقع المعارضة السورية، وتصنيفها وعلاقتها بمحيطها وبيئتها، الى جانب دعوة القرار لوقف اطلاق النار والذهاب لمرحلة انتقالية تفضي الى انتخابات خلال 18 شهرا وإعداد دستور جديد للدولة السورية.
اولويات الادارة السورية الجديدة لا تتطابق بالكامل مع الجدول الزمني للقرار 2254 المشار إليه في اجتماع العقبة، كما لا تتطابق مع هندسة القرار الإجرائية والتنفيذية بعد انهيار النظام وفرار الرئيس السابق خارج البلاد.
إذ يقف على رأس أولويات الادارة الجديدة الحفاظ على الامن، ووحدة البلاد وتوفير الخدمات وادارة التوازنات المحلية والخارجية؛ عبر تفعيل عمل الحكومة لتحقيق الاستقرار الامني والسياسي والاقتصادي.
في حال نجاح الإدارة السورية الجديدة في تحقيق الحد الادنى من الاستقرار الاقتصادي والامني والسياسي، فإن المرحلة الانتقالية تصبح شأنًا سوريًّا داخليًّا بحتًا يخص الاطراف المحلية المنخرطة فيه، وليست شأنًا دوليًّا، خصوصًا أن القرار 2254 الصادر عن مجلس الامن في العام 2015 انتهت صلاحيته بانهيار النظام السوري، وتغيير التوازنات السياسية جذريا.
تباين الأولويات بين الادارة السورية الجديدة والمقررات التي خرج بها اجتماع العقبة لا يعني فقدان الاردن دوره، او انعدام الوزن والتأثير لاجتماع العقبة؛ فانعقاد الاجتماع في العقبة دون عواصم الإقليم الاخرى قدم دليلًا على استعادة الاردن مركزية دوره في التعامل مع تفاعلات الملف السوري الذي كاد يفقده بالكامل خلال الاشهر والاسابيع الاخيرة من عمر نظام الاسد في سوريا؛ بتأثير من نمو أدوار لدول عربية لا تملك تماسًا جغرافيًّا حقيقيًّا مع سوريا كما هو حال تماسها مع فلسطين والضفة الغربية.
انخرط الاردن المبكر في صياغة علاقة الادارة السورية مع المحيط الإقليمي والولايات المتحدة وحلفائها في الاقليم كرس دور الاردن كفاعل سياسي في الملف السوري، وهو التغيير المركزي الذي سيعطي الاردن تأثيرًا مهمًّا في صياغة المشهد السوري الداخلي والاقليمي وفي بناء العلاقة مع الادارة الجديدة.
العلاقة الاردنية السورية لن تخلو من التوتر والتحفظ والتقلب خلال مراحل بنائها بتاثير من الشكوك المتبادلة بين الطرفين، المحكومة بتوجهات فكرية وسياسية وخبرات تاريخية للنخب السياسية في البلدين، غير الاردن الذي تعايش مع انقلاب عبد الكريم قاسم على الحكم الملكي الهاشمي في العراق، ومع حقبة عبد الناصر وحزب البعث في العراق وسوريا ، قادرعلى الارجح على التعايش مع الحكم الجديد في سوريا بالاستفادة من خبراته ومرونة نظامه السياسي لتحقيق اكبر من المنافع الممكنة من عملية الإعمار السورية.