الجنسية وملفاتها على مائدة مشتركة

تبدي الجهات الحكومية استمراءً في التعامل مع القضايا بالمقلوب , مصحوبا ذلك مع اختلال في المواقيت الوطنية لطرح الملفات الساخنة , ويحمل جدول اعمال زيارة وزير الداخلية الى السلطة الفلسطينية كل هذه الاشكاليات والتضاربات في وقت حرج .

اجندة اللقاء مع قيادة السلطة الوطنية الفلسطينية في رام الله تبحث ملفات سحب الجنسية من الاردنيين من اصول فلسطينية, وسحب الارقام الوطنية الاردنية من بعض رموز السلطة الوطنية الفلسطينية, وبحسب خبر الزيارة فإن مدير دائرة المتابعة والتفتيش المحافظ احمد العساف سيرافق الوزير في زيارته مما يعني ان الحوار حول هذا الملف سيكون على المستويين السياسي والفني .

ملف الجنسية في الاردن وملف الارقام الوطنية هو ملف اردني سيادي , وطرحه مع السلطة الفلسطينية فيه انتقاص من السيادة والاهم انه ترحيل ملف داخلي الى خارج الاطر التي يجب ان تناقشه ضمن حوار وطني نخبوي , على المستوى القانوني والسياسي , فهو ملف سياسي ووطني يختلط فيه الوطني بالدستوري بالسياسي والقانوني , اما قضية الارقام الوطنية الممنوحة لقيادات السلطة فهذا شأن الحكومة واجهزتها وعلاقتها مع سلطة رام الله , وإن كانت تحمل ظلالا ثقيلة على الارض .

ملف الارقام الوطنية والبطاقات الخضراء والصفراء , ساهم من خلال معالجته البائسة في تقسيم المجتمع وتكريس الفرقة المجتمعية واحساس كثير من الاردنيين بالقلق على جنسيتهم وظروف معاشهم وقلّصت حسب اقتصاديين تدفق اموال المغتربين الى الاردن وتقليص الاستثمار , وساهم في احساس كثيرين بأن الاستهداف الاسرائيلي للوطن الاردني ينجح عبر السكوت عن هذا الملف وعدم تناوله بجدية وحسم في ظل تنوع الاراء في تفسير تطبيقات قرار فك الارتباط .

توقيت فتح الملف مع السلطة الفلسطينية عشية صدور قانون الانتخاب من مجلس الوزراء يضع الملف كله في دائرة الشك والريبة خاصة وان اطرافا تسللت الى الطعن في القانون من بوابة استثنائه لمكون اساس ورئيس وتكريس اقصائه السياسي قصدا وعن سابق اصرار وترصد , في نفس الوقت الذي يطالب فيه كثيرون بأن يقف القانون حائط صد ضد التوطين السياسي الذي ينشده اصحاب نظرية الحقوق المنقوصة .

حمل ملف داخلي حساس الى مائدة الحوار مع السلطة الفلسطينية قبل حسمه داخليا يشي الى محاولة معالجة الامور بالمقلوب وبعكس عقارب الساعة الوطنية التي تسير باتجاه حسم القضايا الداخلية على مواقيت الاصلاح الوطني وعلى عقارب النهج القومي الذي يقول ان الاردن وطنا للاردنيين وفلسطين وطن الفلسطينيين بتوافق وطني يتفهم فيه كل مكون هواجس وطموح المكون الاخر ووصلوا الى اتفاق ضمني بأن المنشود الان تقوية الهوية الاردنية وتكريسها وتعزيزها حتى تبقى سندا دائما للهوية الفلسطينية والحقوق المشروعة في الدولة المستقلة وضمان حق العودة لجميع الفلسطينيين .

الان نحن في مرحلة فتح كل الملفات الساخنة والباردة ولا ضير من فتح الملف بعمق شديد يبدأ من تكريس فك الارتباط , وعدم العودة الى مناقشته , وترتيب المواطنة والهوية الاردنية وفقا لهذا القرار , ثم الذهاب الى السلطة بقرار منجز وواضح يضمن الالتزام بهذا القرار وتحقيق غاياته الداعمة لاقامة الدولة الفلسطينية وحفظ حقوق المواطنين والرعايا بشكل غير ملتبس وكريم .

الملف يجب فتحه بعمق ووعي وطني داخليا وعلى مستويات مرتفعة قبل ان ننتقل به الى خارج الحدود .