تعددت الهيئات والجيل ضائع..!
عنوان المقال هو وصف واقع الحال الذي نعيشه من تعدد الهيئات والمؤسسات والأندية والوزارات العاملة أو المضيفة لمجالات عملها أو في سند تسجيلها أو هدف تأسيسها أنها مختصة ومعنية في صقل وحماية وصون وتطور ورعاية الشباب.
المتتبع أو المهتم يتساءل كل يوم ماذا قدمت قائمة تلك الهيئات من أثر وإثراء في سلوك الشباب من ابنائنا؟ أو هل ساهمت ببناء مستقبل الأمة؟ وأغلبها لم تتجاوز كونها أبنية وجدرانا أو ساحات لعب أو غرف ندوات أو أوراق وملفات خطط وإستراتيجيات وموازنات لأنشطة قيل في أكثرها إلا قليل من تلك الجهات إنها ترقى بالنفوس وتعلو بالهمم وتهيئ لجيل المستقبل، وهي لا تتجاوز بالتفكير والتخطيط والتنفيذ وطلب الرعاية لأكثر من دعوة لحملة تبرع بالدم يلتقط فيها المشاركون صورا يبثونها على صفحات التواصل الاجتماعي أكثر من عدد وحدات الدم التي تم جمعها.
خلال سيرة عمل طويلة قديمة في قطاع الشباب عملت بمهام عديدة، وكل ذلك في عمر لم يتجاوز 25 عاما حينها، وكل ذلك تحقق بانضمامي للحركة الكشفية وبتشجيع واهتمام من قائدة كشفية ارشادية لم اشهد بعدها مثيلا هي المرحومة الفاضلة عبلة أبو نوار رحمها الله.
أشهد اليوم زمنا لا أجد فيه إلا مؤسسة واحدة حديثة انطلقت بالشباب لعنان الاحترافية بمهنية مختصة وهي مؤسسة ولي العهد، والتي ان لم تكن فردا في أحد برامجها لن تجد بديلا يساندك لتحدي المستقبل وفي ذلك سلاح ذو حدين يستوجب أحد حديه الزامية القائمين على إدارة المؤسسة الوصول لكل شاب في كل أركان الوطن.
اليوم لا نجد برنامجا قادرا على أن يرتقي بالنفوس المغامرة والتحدي كما كانت تقدم سابلة الحسن في زمن مضى، ولا ألمس همة وتطور وحياة تعايش في الحركة الكشفية والإرشادية كما كانت في سنوات قديمة، ولا غرس قيمة تطوع كما هي أيام المشاركة في معسكرات الحسين للشباب في سابق عهدها، لأقول إننا اليوم وللأسف هناك ما تغير فغاب ذاك الزمن وغابت تلك الرجال وأصبحنا ننازع حقيقة الوصول لواقع فكر الشباب والجيل المتطلع لصورة يلتقطها في خدمة عامة بدل أثر مجتمعي وشخصي كنا نعمل لصنعه، رغم انتشار قائمة الهيئات والوزارات والمؤسسات والتسهيلات التي تدعي حمل هذا الدور.
رعاية الشباب مسؤولية دولة وجميع أركانها وليست جهة بعينها، وكيفيته ليست دورة لغة انجليزية تعقدها وزارة مختصة تلبية لمطلب في زيارة لمسؤول. رعاية الشباب ليست حملة تبرع بالدم أو شاشة في ساحة لحضور مباراة من قبل هيئة شبابية ذهبت بعيدا عن غاية ورسالة انشائها التي لم تحققها. هي ليست أعمال دهان لأطاريف وجدران من قبل مبادرة شبابية، والقائمة بتلك الهيئات والأثر المتضائل يطول، ولاختم ولو بقيمة واحدة من هذا المقال أقول كل ما تصنعون جميل لكنه أجمل كصورة وعنوان في صحيفة أو خطاب أمام مسؤول، ولكن ليس هو مستقبل الجيل ما لم يتجاوز أثره ساعة انعقاده، وليكن على الأقل منهجا فإنه يستوجب أن تجتمع كل الهيئات والوزارات والمؤسسات التي تدعي أو تعمل حقا على حمل مستقبل الشباب على عاتقها في لقاء ومظلة واستراتيجية عمل موحدة وملزمة لها، لتعلم وتتعلم أولا الأدوار التي تجهلها عن بعضها، وتوزع المهام دون تداخل أو تناحر أو تكسب، بل تناقل وتكامل وتكافؤ حسب الاختصاص والجاهزية التي تدعيها الأكثرية.
أنصح أن يعودوا فقط لأسلوب ومنهجية سابلة الحسن في قديمها بحمل نموذج للإنجاز المرتبط بالزمن وبشكل واضح وصادق وحازم في تسجيل بياناته وليس كما هو حال شهادات المشاركة التي هي اشبه بورقة تسجل النجاح التلقائي لحاملها، بما يضمن وقتها نسبة حقيقية يمكن قراءتها من اكتمال متطلبات بناء الشخصية الشابة نفسيا وبدنيا ومهنيا وسياسيا ووطنيا ومجتمعيا ولتكن الأجيال من الشباب حينها هي من تحمل الوطن لمستقبل مختلف.