أعلنت فرقة الكيبوب الكورية الجنوبية "نيوجينز" NewJeans ذات الشعبية الكبيرة، الخميس الماضي، أنها قررت فسخ عقدها مع الشركة المنتجة لأعمالها "أدور" ADOR، إذ اتهمتها بـ"سوء المعاملة". وقالت عضو الفرقة المكوّنة حصرياً من نساء، مينجي، خلال مؤتمر صحافي عقدته وزميلاتها: "اعتباراً من منتصف ليل اليوم (الخميس)، سيُفسَخ عقدنا مع أدور". وشرحت عضو "نيوجينز"، هانّي، أن الفرقة "تعرّضت لسوء معاملة". 

وأضافت: "ليس تجاهنا فحسب، بل تجاه فريق عملنا أيضاً"، من دون أن تدلي بمزيد من التفاصيل. وأشارت إلى أن "نيوجينز" عانت "سوء تواصل متعمداً وتلاعباً في مجالات عدة". وشددت على أن "هذه ليست أخلاقيات العمل التي نحترمها، وهي ليست تلك التي نريد الانتماء إليها. 

إن الاستمرار في العمل لحساب شركة ليس لديها أي نية لحماية نيوجينز لن يؤدي إلا إلى الإضرار بنا". وأكّدت عضوات الفرقة أنهنّ سيواصلن احترام التزاماتهنّ التعاقدية، لكنهنّ أوضحن أنهنّ قد لا يتمكنّ بعد اليوم من استخدام اسم "نيوجينز".

جاء هذا الإعلان بعد أسبوعين من توجيه "نيوجينز" إنذاراً نهائياً لمجموعة هايب Hybe التي تنتمي إليها "أدور" وتقف وراء ظاهرة فرقة الكيبوب الشهيرة "بي تي إس" BTS، أبلغتها فيه بأنها ستفسخ عقدها معها ما لم تستجب لعدد من المطالب. وشملت مطالب "نيوجينز" من "هايب" ضرورة الاعتذار عن تعليق أدلى به مسؤول في المجموعة تتهمه الفرقة بالمضايقات، بالإضافة إلى معاودة الاستعانة بمنتجتها مين هي-جين. وكانت مين هي-جين استقالت من مجلس إدارة "أدور" الأسبوع الماضي، بعدما اتهمتها "هايب" بخيانة الأمانة، ما أثار معركة قانونية وإعلامية.

بعد المؤتمر الصحافي الذي عقدته "نيوجينز"، نشرت مين هي-جين مقطعاً من أغنية "حرّ كطير" Free As A Bird لفرقة "ذا بيتلز"، ما فسره المتابعون بأنه إعلان لدعمها لعضوات الفرقة مينجي وهانّي ودانييل وهيرين وهايين. أما "أدور" فأصدرت بياناً صحافياً، عبرت فيه عن "أسفها إزاء التخطيط لمؤتمر صحافي وعقده من أجل إنهاء العقد الحصري حتى قبل تلقي رد ومن دون مراجعة كافية". وأكدت أنها "لم تنتهك العقد، باعتبارها طرفاً في العقود الحصرية، والادعاء بأن الثقة أخل بها من جانب واحد ليس سبباً له أساس كافٍ لإنهاء العقد".

بداية النزاع

تأسست "نيوجينز" على يد "أدور" عام 2022، وهي فرقة مكونة من خمس عضوات تتراوح أعمارهن من 16 إلى 20 عاماً. موسيقى الفرقة لفتت أنظار النقاد، وتصدرت أغنيتها المنفردة الأولى Attention قوائم الأكثر استماعاً في كوريا مباشرة بعد إطلاقها في يوليو/تموز 2022. وظهرت أغنيتها ​​الضاربة SuperShy على العديد من قوائم "أفضل الأغاني لهذا العام" في نهاية 2023، بما في ذلك تلك التي جمعتها مجلات "رولينغ ستون" و"إن إم إي" و"بيلبورد". للفرقة جمهور ضخم، إذ يتابعها نحو 12 مليون حساب على منصة إنستغرام. كما أصبحت تحظى باهتمام المستثمرين. وقد عينت عضواتها سفيرات للعديد من العلامات التجارية العالمية للأزياء.

كيف بدأ إذاً هذا النزاع الذي هز مجال الكيبوب؟ في إبريل/نيسان الماضي أعلنت "هايب" إطلاقها تدقيقاً بشأن "أدور" التابعة لها ومسؤوليها التنفيذيين، وبينهم مين هي-جين التي طالبتها بالاستقالة. "هايب" التي تمثل أبرز فرق الكيبوب، مثل "بي تي إس" و"سفنتين"، هي شركة الموسيقى الأضخم في كوريا الجنوبية. أما "أدور" فتأسست عام 2021 علامةً مستقلة تحت مظلة "هايب"، وتدير فرقة واحدة هي "نيوجينز".

وفقاً لمواقع إخبارية محلية، اتهمت "هايب" مين هي-جين وآخرين بالتخطيط لإحكام قبضتهم على "أدور" وجعلها مستقلة، بالإضافة إلى تسريب معلومات سرية لجذب مستثمرين. مين هي-جين تملك 18% من أسهم "أدور"، بينما تمتلك "هايب" 80% منها. الباقي (2%) يمكله مسؤولون تنفيذيون آخرون في "أدور".

نفت مين هي-جين الاتهامات، بل واتهمت "هايب" بإطلاق فرقة أخرى من النساء اسمها Illit تنسخ موسيقى "نيوجينز" وإطلالات عضواتها.

نجوم الكيبوب "ليسوا عمالاً"

الأسبوع الماضي، رفضت وزارة العمل والتوظيف فيكوريا الجنوبيةتهم التحرش في مكان العمل التي أطلقتها إحدى عضوات "نيوجينز". وقالت الوزارة إن المشاهير لا يُنظر إليهم بصفة "عمّال" بموجب قانون العمل في البلاد، وبالتالي لا يحق لهم الحصول على الحقوق نفسها. وأثار هذا القرار ضجة في البلاد، إذ عبّر المعلقون عن استغرابهم، نظراً لما يتطلبه العمل في هذا القطاع.

وفي هذا السياق، نقلت "بي بي سي" نقلت عن الأستاذة المساعدة للدراسات الكورية وشرق آسيا في جامعة بوسان الوطنية في كوريا الجنوبية بوغ سايجي قولها إن العمل بالنسبة لنجوم الكيبوب "مجهد عاطفياً وجسدياً"، إذ يعملون "ساعات طويلة، غالباً سبعة أيام في الأسبوع لشهور متتالية، ومن دون فترات راحة محددة بوضوح. ولا توجد وكالة حكومية للدفاع عن ظروف عمل إنسانية لهم". هذا، ولا توجد حالياً قوانين محددة في كوريا الجنوبية توفّر الحماية الحقوقية العمّالية للمشاهير أو الفنانين.

وبالفعل، ففي السنوات الأخيرة كانت هناك موجة من حالات الانتحار وفضائح الجنس البارزة التي تورط فيها نجوم الكيبوب في الآونة الأخيرة. وفي ذروة شهرتهم، يبدو أن هؤلاء، رجالاً ونساء، قد استسلموا تحت الضغط، غير قادرين على الوفاء بالمطالب المفروضة عليهم.

انتحر مثلاً كيم يونغ-هيون، العضو في فرقة SHINee، عن 27 عاماً عام 2017، بعدما كشف عن ضغوط شديدة فرضتها عليه النجومية. في مارس/آذار 2019، تورط العديد من نجوم الكيبوب الذكور في فضيحة اعتداء جنسي عبر كاميرا تجسس. حينها، أعلن نجم البوب الكوري الجنوبي جونغ جون-يونغ اعتزاله الفن بعد تورطه في تصوير علاقات جنسية مع نساء من دون علمهن، وذلك بعد يوم واحد من إعلان نجم البوب الكوري الجنوبي المعروف سينغري، من فرقة "بيغ بانغ"، اعتزاله الفن بعد اتهامه بتقديم رشوة جنسية. وفي أكتوبر/تشرين الأول 2019، انتحرت سولي عن 25 عاماً، وهي عضو سابقة في فرقة f(x). في نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه، انتحرت جو هارا عن 28 عاماً، وهي عضو سابقة في فرقة "كارا" وصديقة مقربة لسولي. سرعان ما تبين أن الاثنتين تعرضتا للتحرش عبر الإنترنت لأشهر، إن لم يكن لسنوات. تعرضت سولي لإساءة جنسية وتنمر إلكتروني من آلاف "المعجبين" المجهولين بسبب سلوكها ومظهرها. وطوردت جو بسبب قضية في المحكمة مع صديقها السابق بشأن شريط جنسي قالت إنه صوره من دون موافقتها. عام 2022، انتشر فيديو على نطاق واسع وثق تعرض أعضاء فرقة Omega X للإيذاء اللفظي والجسدي من مسؤولة في الوكالة التي تدير أعمالهم.

وهذه عينة محدودة جداً لما يتعرض له هؤلاء الشباب في صناعة شديد التنافسية وتغلب عليه القسوة والتنمر وسوء المعاملة وتقدر قيمتها بعشرة مليارات دولار حول العالم.