الجامعات الأمريكية تتخذ إجراءات مشددة ضد مؤيدي فلسطين وعودة ترامب لن تغير من واقع الأمر
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز” تقريرا أعدته إيزابيل تافت أشارت فيه للقيود التي باتت الجامعات الأمريكية تفرضها على الطلاب المؤيدين لفلسطين ونشاطهم. وقالت إن القيود المتشددة على النشاط في حرم الجامعة تبدو فعالة. وقد تضاءل عدد التظاهرات المؤيدة لفلسطين هذا الفصل إلى 950 تظاهرة في حرم الجامعات الأمريكية مقارنة مع 3,000 احتجاج في الربيع.
وأضافت أن الجامعات شددت القيود وأغلقت بوابات الجامعة وأصدرت عقوبات رادعة بعد التظاهرات المؤيدة لفلسطين في الربيع. ويبدو أن القيود الجديدة تؤتي ثمارها، كما تقول الصحيفة. ولاحظ "مخبر تحرك اللاعنف” بمركز أش بجامعة هارفارد تراجعا في عدد التظاهرات التي نظمها مؤيدو فلسطين. وتم اعتقال 50 طالبا في هذا الفصل الدراسي لجامعات وكليات التعليم العالي، وذلك حسب البيانات التي حصلت عليها الصحيفة، مقارنة مع 3,000 حالة اعتقال في الفصل الماضي. وعندما احتج الطلاب هذا الخريف، فرض المسؤولون حرفيا، قواعد جديدة تم استحداثها استجابة للاضطرابات التي حدثت في الربيع الماضي.
وخلقت هذه التحركات مشاهد كان من الصعب تخيلها سابقا، وبخاصة في الجامعات التي كانت تحتفل ذات يوم بتاريخها في نشاط الطلاب. وقد منعت جامعة هارفارد مؤقتا عشرات الطلاب وأعضاء هيئة التدريس من دخول المكتبات بعد مشاركتهم في "جلسات دراسية” صامتة – حيث يجلس المحتجون على طاولات المكتبة مع لافتات تعارض الحرب في غزة، على الرغم من أن احتجاجا مماثلا لم يؤد إلى صدور قرارات تأديبية في كانون الأول/ ديسمبر 2023.
وفي جامعة إنديانا بلومنغتون، تمت إحالة بعض الطلاب وأعضاء هيئة التدريس الذين حضروا اعتصامات بالشموع لإجراءات ضبط بموجب حظر جديد على النشاط الاحتجاجي بعد الساعة 11 مساء.
وطلب مسؤولو جامعة بنسلفانيا وضباط شرطة الحرم الجامعي الذين يحملون أربطة بلاستيكية من المشاركين في الوقفة الاحتجاجية الانتقال لأنهم لم يحجزوا المساحة بموجب القواعد الجديدة.
وفي جامعة مونتكلير بولاية نيوجيرسي، زاد عدد رجال الشرطة عادة على عدد المشاركين بالتظاهرات الأسبوعية، حيث يحمل المشاركون يافطات عن صور الضحايا في غزة وبعبارات "نحن نحزن”.
ونقلت الصحيفة عن تسنيم عبد العزيز وهي طالبة أساليب تدريس: "يقولون إن هذا من أجل الحفاظ على سلامتنا، ولكنني أعتقد أن الهدف هو إبقاؤنا تحت السيطرة”. وتعلق الصحيفة أن هذه التغييرات تأتي في أعقاب شكاوى حقوق مدنية فيدرالية ودعاوى قضائية، وتدقيق شديد من الكونغرس يتهم الجامعات بالتسامح مع معاداة السامية، بعد أن أشاد بعض المتظاهرين بحماس ودعوا إلى العنف ضد الإسرائيليين.
وقد رحب بعض الطلاب وأعضاء هيئة التدريس بالهدوء النسبي الذي تشهده الجامعات. ويرى آخرون أن الهدوء النسبي هو الثمرة المريرة لحملة قمع الخطاب المؤيد للفلسطينيين. وهم يخشون أن يزيد الرئيس المنتخب دونالد ترامب، الذي دعا الجامعات عندما كان مرشحا إلى "هزيمة المتطرفين”، من الضغوط.
وفي كثير من الحالات، تطبق الجامعات القواعد التي تبنتها قبل بدء العام الدراسي، وفي حين تختلف التفاصيل، فإنها تفرض عموما قيودا على مكان وزمان تنظيم الاحتجاجات والشكل الذي يمكن أن تتخذه. ونقلت الصحيفة عن تود وولفسون، رئيس الجمعية الأمريكية لأساتذة الجامعات والأستاذ المشارك في دراسات الإعلام في جامعة رتغرز قوله إن القيود جعلت الناس خائفين. وأضاف أن الناس "يشعرون وكأنهم تحت الرقابة والمراقبة. وأعتقد أن هناك درجة عالية من الرقابة الذاتية”. وقام ضباط الشرطة بإقامة حواجز للسيطرة على الحشود في جامعة مونتكلير في تشرين الثاني/ نوفمبر بالقرب من الطلاب الذين كانوا يقيمون حدثا لدعم الفلسطينيين.
وأضافت الصحيفة أن الطلاب اليهود الذين شعروا بأنهم مستهدفون من قبل المحتجين، أشادوا بالقيود والسرعة التي تطبق بها الجامعات هذه القواعد، للمساعدة في "استعادة النظام والسلامة”. وقالت نعومي لامب، مديرة جمعية هيليل في جامعة ولاية أوهايو، إن سياسات الاحتجاج الجديدة في المدرسة تبدو تعمل بشكل جيد. وقالت: "أقدر استجابة الإداريين لضمان وجود أقل قدر ممكن من العمل والخطاب المعادي للسامية”.
وأشارت الصحيفة إلى أن أساليب المحتجين في بعض الجامعات أدت إلى رد قاس، كما في جامعة مينسوتا في الربيع الماضي التي اعتقلت فيها الشرطة 11 طالبا عندما احتلوا بناية في الجامعة. واحتل بعض الطلاب في جامعات أخرى المباني في الليل وأحيانا لأيام. وفي كلية بومونا، استخدم الرئيس "سلطة استثنائية” متجاوزا عملية التأديب القياسية وتعليق أو حظر بعض المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين الذين استولوا على مبنى في 7 تشرين الأول/أكتوبر من هذا العام.
وقالت المتحدثة باسم الكلية إن هذه الخطوة غير العادية مبررة لأن الاحتلال دمر الممتلكات وهدد السلامة وعطل الفصول الدراسية، وأشارت إلى أنه تم منح الطلاب فرصا للرد على الاتهامات الموجهة إليهم. وفي بعض الجامعات تبنى المحتجون تكتيكات جديدة لتحدي القيود الجديدة. كما أقيمت دورات دراسية مثل تلك التي أقيمت في هارفارد في جامعة ولاية أوهايو وجامعة تولين وجامعة تكساس في أوستن. وعادة ما يرتدي الطلاب الكوفية الفلسطينية ويلصقون لافتات على أجهزة الكمبيوتر المحمولة الخاصة بهم برسائل مثل "إبادة جماعية لصناديق الرسوم الدراسية لدينا”.
وقال جاي أولفيلدر، مدير مشروع البحث في "مخبر العمل اللاعنفي” بجامعة هارفارد: "لقد تم تصميم هذا الأمر لوضع الإدارة في مأزق إما أن تتجاهله، أو تفرض القواعد لكنك تبدو أحمقا”.
وقال متحدث باسم جامعة هارفارد إن بيانا صدر في كانون الثاني/ يناير 2024 من قيادة الجامعة أوضح أن المظاهرات غير مسموح بها في المكتبات أو غيرها من مناطق الحرم الجامعي المستخدمة للأنشطة الأكاديمية.
ورغم أن الجامعات اتخذت إجراءات صارمة، إلا أن المسؤولين وأعضاء هيئة التدريس قالوا إن الحكومة الفيدرالية تحت قيادة ترامب قد تحاول فرض المزيد من التغييرات على المؤسسات. ومع ذلك، لا يزال الكثير غير واضح بشأن ما قد يحدث. فقد اختار لوزارة التعليم، ليندا ماكماهون، والتي لديها خبرة تعليمية قليلة جدا وأقل مما لدى وزراء التعليم في الماضي ولم تقل إلا القليل عن الاحتجاجات في الحرم الجامعي.
وقال عابد أيوب، المدير التنفيذي للجنة مكافحة التمييز الأمريكية العربية، إنه لا يعتقد أن ترامب يمكن أن يجعل الحرم الجامعي أكثر عدائية للاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين مما هي عليه بالفعل. وأضاف في إشارة إلى الجامعات: "هل سيستمرون في حملتهم الصارمة على الخطاب المناهض لإسرائيل؟ أعتقد أنهم سيفعلون ذلك. هذا ليس لأن ترامب في منصبه. لقد بدأوا هذا، إنه يحدث”.