مخاطر انخفاض الاحتياطي الاجنبي

انخفض الرصيد الجاهز من العملات الاجنبية لدى البنك المركزي الى 9121 مليون دولار في نهاية شهر شباط الماضي مسجلا تراجعا مستمرا عن مستواه القياسي البالغ 12279.7 مليون دولار امريكي اي اننا نزفنا اكثر من ثلاثة مليارات دولار امريكي خلال الـ 12 شهرا الماضية، وهذا الانخفاض يفترض ان ينبه الجميع بدءا من البنك المركزي واصحاب القرار المالي والاقتصادي، حيث تغطي العملات الاجنبية مستورداتنا لمدة ستة اشهر، وبالرغم ان هذه التغطية ما زالت آمنة الا اننا نحذر من استمرار هذا الانخفاض الى مستويات ادنى مما يؤدي الى اضعاف الاستقرار النقدي والاقتصادي.


ان الوضع الذي نشهده يستدعي اجراء مراجعة شاملة ودراسة الاسباب الحقيقية وراء هذا الانخفاض والبحث في افضل السبل وانجعها لحماية الرصيد الجاهز من العملات الاجنبية والعمل على زيادته ذلك من خلال وضع قيود على المستوردات غير الاساسية، اذ من حق الدولة حماية مقدراتها بغض النظر عن الاتفاقيات التجارية، كما ان قابلية تحرير الدينار لمختلف الاغراض يجب ان تبحث بخاصة من حيث التحويلات حيث ان معظم الشركات الكبرى التي تحقق ارباحا عالية في مقدمتها قطاعات المصارف والاتصالات والتعدين تحول معظم ارباحها الصافية لمالكيها وهم من غير الاردنيين، وانه خلال الربع الاول من كل عام تقوم هذه القطاعات بتحويل ارباحها الى خارج الدورة المالية المحلية ومعها نجد تراجعا مؤثرا في الرصيد الجاهز من العملات الاجنبية، وان استمرار هذا الوضع قد نجد مستقبلا اسعار صرف حقيقيا مختلفا عن السوق وهنا نكون قد ادخلنا انفسنا واقتصادنا في مرحلة شديدة التعقيد والصعوبة.

كذلك فأننا مدعون للاستعداد للموسم السياحي المقبل سواء السياحة العربية و المغتربين، بحيث نعظم مقبوضاتنا السياحية ونقدم حوافز اضافية لاستقطاب المزيد من المجموعات والافواج السياحية، وفي نفس الوقت وضع قيود منطقية ماليا على السياحة الى خارج المملكة ( وهي بمثابة شكل من اشكال النقل الصافي وتمويل استيراد الخدمات )، وبحث وضع قيود مالية على استيراد العمالة الوافدة التي تضخمت بدون انتاج حقيقي وتثقل الاقتصاد والمالية العامة والرصيد الجاهز من العملات الاجنبية.

ان ما نعانيه اليوم من انخفاض رصيد البلاد من العملات الصعبة هو نتيجة منطقية لسياسات سياسيا واقتصاديا واجتماعيا غاب عن العقل والمنطق خلال الشهور الماضية، كان عنوانها الرئيس اضعاف الثقة بالاقتصاد وبيئة الاستثمار، وانشغلنا بقضايا ليست ذات اولوية واصبحت سلعة رائجة واغرقنا انفسنا في تداول الاشاعات، وانكفاء البعض وفضل البعض الآخر عدم ارتياد الاستثمار في الاردن الذي شكل فترة طويلة من الزمن حاضنة الاستثمارات بعدالة، وهذا قليل من كثير، وعلينا مرة اخرى اجراء دراسات وعقد ورش عمل على مستوى المسؤولين من القطاعين العام والخاص للخروج من ضائقة باتت ماثلة امامنا لاستعادة الثقة وتمتينها والانتباه الى محركات النمو ومفاعيل الاقتصاد الحقيقي.