قراءة أولية في مشروع قانون الانتخاب

بداية نؤكد بأن مشروع قانون الانتخاب الذي نشرته «الدستور» بالأمس، والذي سيتحدث عنه رئيس الوزراء بإسهاب في مؤتمر صحفي يعقده اليوم يأتي بعد مشاورات مطولة قادتها الحكومة مع مختلف أطياف المجتمع، ومؤسساته وثم وضع عشرات المقترحات والتصورات، وثم الاستماع إلى آراء خبراء في المجالات السياسية والأكاديمية والبرلمانية، إلى أن تم وضعه بهذه الصورة، والتي بالطبع لن ترضي الجميع لكنها تحقق مطالب ورغبات شرائح عريضة في المجتمع.

صوتان للناخب الواحد وصوت ثالث للقائمة الحزبية من شأنه إلغاء قدسية الصوت الواحد والذي عانينا منه الكثير، وبذلك يكون التمثيل أكثر دقة، لأن الصوت الأول سيذهب لمرشح العشيرة، والثاني سيذهب لمن يختاره المرشح، والثالث سيكون للقائمة الحزبية حيث نعول كثيراً على تطورها وصولاً إلى تشكيل الوزارات من الأغلبية الحزبية البرلمانية.

رفع مقاعد المرأة إلى 15 مقعداً، بدلاً من 12 مقعداً، من شأنه تشجيع المرأة على دخول معترك الحياة السياسية، وأن تخصيص المقاعد الثلاثة وبمعدل مقعد واحد للبادية الشمالية والوسطى والجنوبية له دلالات كبيرة تدفع بالمرأة في البادية الأردنية إلى سدة البرلمان بعد أن عجزت أن تصل إليها عبر السنوات الطويلة الماضية إلا في حالات محدودة وعن طريق الكوتا النسائية أيضاً.

رفع عدد المقاعد إلى (138) مقعداً يعني أن هذه الزيادة لن تكون على حساب المقاعد السابقة وهي 108 مقاعد، وبالتالي فإن قاعدة التمثيل الشعبي ستكون أوسع مما كانت عليه في السابق.

إشراف الهيئة المستقلة على الانتخابات نعتبره نقلة نوعية، حيث ننتهي من أي تدخل من أي جهة كانت كما حدث في معظم الانتخابات النيابية السابقة، والتي رافقها الكثير من الشوائب والاختراقات.

لقد عمل مشروع القانون على إعادة إعداد جداول الناخبين من قبل دائرة الأحوال المدنية والجوازات وتحت إشراف الهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات على أن يكون التسجيل الأولي، وبحسب مكان الإقامة مع منح الحق للناخبين بالانتقال لبلدانهم الأصلية في التسجيل خارج مكان سكنهم، وكما أن مشروع القانون يمنح المسيحيين والشركس، والشيشان حق التسجيل بدوائر أخرى خلاف مكان إقامتهم بتوفير فيها مقعد لهم إذا لم يتوفر في دائرتهم الأصلية، أي أن الشركس في اربد يستطيعون التسجيل في دائرة انتخابية في عمان مثلاً لأنها تتضمن مقعداً مخصصاً للشركس، وهذا ما نعتبره حقاً من حقوق أبناء هذه الدوائر المغلقة.

مشروع القانون الجديد، والذي نعتبره علامة فاصلة في مسيرة الإصلاح السياسي والاجتماعي، سيكون بين يدي النواب، ومن حقهم إدخال ما يرغبونه من تعديلات، وبالتالي فإن هذا المشروع أشبع بحثاً، وهو من قوانين الانتخابات القليلة الذي سيصدر بقانون دائم وليس بقانون مؤقت كما هو الحال في السابق.

مشروع القانون إذا ما تم إقراره واقترن بالإرادة الملكية السامية فإنه لا بد من وجود جهة رسمية تقوم بشرحه والتوعية بمواده لأن هناك الكثير من الأمور الغامضة مثل القوائم الحزبية، والمقاعد التعويضية وكذلك رحلة الدفاتر الزرقاء (دفاتر العائلة) وكذلك البطاقة الانتخابية وكيفية الحصول عليها، والأهم من ذلك نظام توزيع الدوائر الانتخابية الذي ستصدره الحكومة لاحقاً، والذي نأمل أن يكون ملبياً لرغبات المواطنين لأنه الترجمة الحقيقية لأي قانون انتخابات.