جنرالٌ صهيونيٌّ: تواصل الاستنزاف سيقود لانهيار الجيش وسقوط إسرائيل

يُعاني كيان الاحتلال من مشاكل جمّةٍ في جميع المجالات، إنْ كانت داخليّةً أوْ خارجيّة، علمًا أنّ إسرائيل وباعتراف قادتها باتت دولة منبوذةً ومُصابةً بالجُذام، وأركانها يتعرّضون للملاحقة الدوليّة من قبل محكمة لاهاي بتهم ارتكب جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانيّة، ناهيك عن اتسّاع الخلافات الداخليّة وتجذّرها في المجتمع الصهيونيّ، والتي ستقود عاجلاً أمْ آجلاً لحربٍ أهليّةٍ.

وفي هذا السياق، قال أفي بلاشنيكوف، رئيس (معهد إسرائيل للتصدير)، إنّ حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها وحملات المقاطعة "غيّرت مشهد التجارة العالميّة لإسرائيل”، وأضاف "إنّنا نحارب كل يوم، وساعة بساعة، من أجل الصناعة الإسرائيلية في الخارج. إن حملات المقاطعة الاقتصادية ومنظمات مقاطعة إسرائيل تشكّل تحديات رئيسية، ونحن نُضطَر إلى العمل في الخفاء في بعض البلدان”.

ومؤخّراً، قال اللواء المتقاعد يتسحاك بريك، الذي يُعّدُ من أكثر الشخصيات العسكرية تأثيراً ومن المقربين من نتنياهو فيما مضى: "لقد ألحقت هذه الحرب أضرارًا فادحة باقتصاد إسرائيل وعلاقاتها الدولية وتماسُكها الاجتماعي”، وحذّر من سقوط إسرائيل وانهيار الجيش في حال استمرت حرب الاستنزاف.

وعلى الرغم من المحاولات الدعائية المكثفة التي ترمي إلى إخفاء هذا الواقع، يشهد الاقتصاد الإسرائيلي انهيارًا تدريجيًا بالفعل، حسبما جاء على لسان يوجين كاندِل، الرئيس السابق لـ "المجلس الاقتصادي الوطني” الإسرائيلي في مكتب رئيس وزراء دولة الاحتلال، ورون تْسور، الذي كان مسؤولاً حكوميًا كبيرًا.

وقال كاندِل وتسور إنه، وحسبما ينمّ المسار الحالي، فقد لا تعيش إسرائيل لتحتفل بالذكرى المئوية لقيامها وعرضا صورةً للفشل الإسرائيليّ الذريع الذي مُنيت به أنظمة الإدارة الإسرائيلية وتنظيمها وعملياتها، أيْ الانهيار.

ويبلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي المتوقع لسنة 2024 صفر بالمائة، وفقًا لوكالة (ستاندرد آند بورز) للتصنيف الائتماني البارزة، التي خفّضت تصنيف إسرائيل في وقت سابق من هذا الشهر، مع نظرة مستقبلية سلبية.

كما خفضت الوكالة معدل النمو المتوقع للاقتصاد الإسرائيلي لسنة 2025 بصورة حادة إلى 1.5 بالمائة لسبب رئيسي يعود إلى التراجع الكبير الذي طرأ على الصادرات على مدى الأرباع الثلاثة الأخيرة المتتالية.

وفضلًا عن ذلك، تتوقع وكالة (ستاندرد آند بورز) أنّ صافي تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الاقتصاد الإسرائيلي "قد يسجل سالب 1.5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في سنة 2024، بالمقارنة مع 2.4 بالمائة في سنة 2022 و1.3 بالمائة في سنة 2023”.

وفي يوم 27 أيلول (سبتمبر)، خفضت وكالة (موديز) التصنيف الائتماني لإسرائيل بدرجتيْن وأبقت على نظرة مستقبلية سلبية بشأنه، كما حذرت من تخفيض إضافي إلى التصنيف (junk).

وقام أكبر صندوق تقاعد خاصّ في المملكة المتحدة، ببيع 100 مليون دولار من الأصول الإسرائيلية، بما فيها السندات الحكومية، "وانضم بذلك إلى موجة من صناديق التقاعد العالمية” التي سحبت استثماراتها من الاقتصاد الإسرائيلي. وقد اضطلع الضغط الذي مارسه اتحاد الجامعات والكليات بدور رئيسي في القرار الذي اتخذه هذا الصندوق.

واستبعد ثاني أكبر صندوق استثماري في النرويج، (ستوربراند) شركة (آي بي إم) وشركة البناء وخدمات السكك الحديدية من قاعدة بياناته بسبب تواطؤهما في الجرائم التي تقترفها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني، بما فيها الجريمة ضد الإنسانية المتمثلة في الفصل العنصري (الأبارتهايد).

وتخلّت عملاقة التكنولوجيا (أوراكل) عن خطط كانت قد أعدّتها لاستثمار 250 مليون دولار في مركز لبيانات الذكاء الاصطناعي في إسرائيل في وقت سابق من الشهر الماضي. هذا على الرغم من حقيقة أن رؤساء شركة (أوراكل) هم من الصهاينة المتعصّبين الإسرائيليين والأمريكيين، الذين يدعمون نتنياهو والإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة، مما يجعل هذا القرار جديرًا بالتنويه بصفة خاصة.

وغدت الدوافع الأيديولوجية التي تقف وراء الاستثمار الغربي الهائل في قطاع التكنولوجيا المتقدمة الإسرائيلي تحظى بالاعتراف، وبات التصدي لها ناجحًا أكثر مؤخرًا. ففي شهر كانون الأول (ديسمبر) 2023، وبعد مضيّ أكثر من شهرين على بدء الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة، أعلن المدير التنفيذي لشركة (إنتل)، وهو صهيونيٌّ- مسيحيٌّ، عن خطط لاستثمار 25 مليار دولار في مصنع يبعد كيلومترات قليلة عن قطاع غزة المحتلّ والمحاصَر، وقد أُلغيت هذه الخطة إثر الضغط الذي مارسه المساهمون في الشركة، وكان لحركة المقاطعة دورًا مهمًّا في ذلك.

وشدّدّت حركة المقاطعة على أنّ "حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على شعبنا في غزة تقتل أيضًا قطاعها التكنولوجي، إذ تنقل وسائل الإعلام المالية الإسرائيلية أنّ 49 بالمائة من الشركات التكنولوجية الإسرائيلية أشارت إلى إلغاء الاستثمارات بسبب الحرب”. ويستحوذ قطاع التكنولوجيا المتقدمة على نحو نصف الصادرات الإسرائيلية من حيث القيمة”.

وتابعت: "يشهد هروب رؤوس الأموال من إسرائيل تسارعًا، مثلما هو حال هروب كبار الأكاديميين والأطباء والمديرين التنفيذيين للشركات التكنولوجية، مما أفضى إلى (هجرة العقول) على نحو لم يسبق له مثيل. ففي شهر أيار (مايو)، حذّر 130 خبيرًا اقتصاديًا إسرائيليًا، بمن فيهم أبرزهم، من أنّه حالما يدرك السكان الذين يتحملون العبء الاقتصادي والأمني أنّ دولة إسرائيل ماضية قُدمًا في مسار لا رجعة عنه، فسوف يقع الانهيار الوطنيّ”.

واختتمت حركة المقاطعة: "تقلّص الشركات الأجنبية العملاقة في قطاع الغاز الأحفوري أعمالها مع إسرائيل. ففي وقت سابق من هذه السنة، انسحبت شركة )بريتش بتروليوم( و)سوكار( وغيرهما من شركات الطاقة الكبرى من مشاريع إسرائيلية أو أجلتها. وفي الشهر الماضي، علّقت شركة شيفرون الأمريكية، التي تُعَدّ هدفًا ذا أولوية لدى حركة مقاطعة إسرائيل، خطتها البالغة 429 مليون دولار لتوسيع حقل ليفياثان للغاز، بسبب الوضع الأمني في المنطقة. ولا تزال هذه الشركات بمجموعها متواطئة إلى حدٍّ بعيدٍ، وتخضع بحكم ذلك لتصعيد الضغط الذي تمارسه حركة مقاطعة إسرائيل”.

وفي الختام، لا بُدّ من الإشارة إلى أنّ الأنظمة الحاكمة في العالميْن العربيّ والإسلاميّ، لا تُشارِكان بتاتا في الحملة العالميّة ضدّ الكيان وجرائمه، بل الأخطر من ذلك، تقوم العديد من الدول بتمرير الأسلحة لمُواصلة ذبح الفلسطينيين من القواعد الأمريكيّة المُنتشرِة على أراضيها مُباشرةً لدولة الاحتلال.