رسائل غامضة توحي بعودة زمن العبودية تصل الأمريكيين السّود بشكلٍ جماعيّ ومفاجئ

قد يكون الرئيس الأمريكي المُنتخب دونالد ترامب، مُتّهمًا أو مسؤولًا عن الوقوف خلف عودة ظهور العنصرية في الولايات المتحدة الأمريكية، ويتجدّد ذلك حول مخاوف بعودته بالبلاد إلى عصر العبودية المقيت، والتعامل مع "الأمريكيين” من أصحاب البشرة السوداء كونهم عبيد، وهي عنصرية تعود بمجرد عودته للمشهد السياسي الأمريكي، ما يطرح تساؤلات حول وجود نيّة ورغبة مُتعمّدة لإثارة العنصرية على نطاقٍ أوسع ضمن ولايته الثانية.

ووفق النتائج النهائية في ولاية ميشيغان بالانتخابات الرئاسية الأخيرة، صوّت حوالي 2.8 مليون شخص، من بينهم سود وعرب لصالح دونالد ترامب. فيما نالت كامالا هاريس ثقة 2.7 مليون ناخب تقريبًا، فهل من مصلحة ترامب مُعاداة السود الذين أوصلوه للبيت الأبيض مُجدّدًا؟

المشهد العنصري الجديد، تلخّص بتلقّي عشرات من الأمريكيين السود رسائل عنصرية أخبرتهم بأنهم اختيروا لقطف القطن في أقرب مزرعة، وهي رسائل تعود إلى عصر العبودية، الأمر الذي دفع السلطات لفتح تحقيق.

وتلقّى رجال ونساء وأطفال سود آخرين الرسائل في العديد من الولايات الأخرى بما في ذلك نيويورك وألاباما وبنسلفانيا وميريلاند وتينيسي، وأيضًا وصلت إلى طلاب جامعيين من كليات بما في ذلك جامعة ولاية أوهايو وجامعة كليمسون في ساوث كارولينا وجامعة جنوب كاليفورنيا وجامعة ولاية ميسوري، وذلك وفقًا لشبكة "إن بي سي نيوز”.

هذه الرسائل وصلت إلى الأمريكيين السود في صباح اليوم التالي للانتخابات الأمريكية، ما قد يُشير إلى خطة ممنهجة، خاصة أن هذه الرسائل وصلت بشكل جماعي، ولكن لم ترد المجموعة المسؤولة عنها إظهار من يقف خلفها، حيث قالت المدعية العامة في لويزيانا ليز موريل إن من أرسل الرسائل استخدم شبكة VPN لإخفاء أصلها.

وكان لافتًا بأن الرسائل وصلت بأسماء أصحابها، من ضمن الرسائل النصية التي وصلت قالت حرفيًّا لسيدة تدعى مونيه: "تحياتي مونيه م، لقد تم اختيارك لالتقاط القطن في أقرب مزرعة، كوني مستعدة في تمام الساعة 12 ظهرًا مع متعلقاتك، سيأتي عبيدنا التنفيذيون ليأخذوك في شاحنة بنية اللون، كوني مستعدة للتفتيش بمجرد دخولك المزرعة، أنت في مجموعة المزرعة سي”.

ويبدو أنّ الواقعة التي تهدف لإثارة الخوف بين الأمريكيين السود، دفعت البيت الأبيض للقول إنّ السلطات الاتحادية وعلى مُستوى الولايات تحقق في الأمر، بينما أكد مكتب التحقيقات الاتحادي (إف.بي.أي) إنه على اتصال بوزارة العدل الأمريكية والسلطات الاتحادية الأخرى بشأن الرسائل العدوانية العنصرية.

وندّدت الجمعية الوطنية للنهوض بالملونين والبيت الأبيض برسائل نصية عنصرية تُشير إلى العبودية وأُرسلت من مصدر مجهول إلى الأمريكيين ذوي البشرة السوداء في أنحاء البلاد.

وكشفت شبكة "سى إن إن” الأمريكية إن السود فى جميع أنحاء الولايات المتحدة أبلغوا عن تلقّيهم رسائل نصية عنصرية بعد ساعات فقط من فوز دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية يوم الثلاثاء، وأوضحت الشبكة أنه في حين أن الرسائل النصية، التي تم توقيع بعضها باسم "مؤيد ترامب”، تختلف في التفاصيل، إلا أنها نقلت جميعها نفس الرسالة الأساسية حول اختيارهم لقطف القطن.

وقال متحدّث باسم الرئيس المنتخب ترامب لشبكة CNN إن "حملته لا علاقة لها على الإطلاق بهذه الرسائل النصية”، ولكن عبّر أغلبية الأمريكيين السود ممن تحدّثوا إلى وكالة "رويترز” عن مخاوفهم إزاء الولاية الثانية لترامب، بما في ذلك التراجع في الحقوق المدنية بعد تعهّده بإنهاء برامج التنوّع والدمج الاتحادية.

وكان ترامب في ولايته الأولى يبدو مُتعاطفًا مع عنف الشرطة الأمريكية ضد الأمريكيين السود، حيث كان أعلن أنه لا يستطيع الصمت تجاه أعمال الشغب في مدينة منيابولس بولاية مينيسوتا، وذلك في حينها مع تصاعد حدّة الاحتجاجات إثر وفاة المواطن الأمريكي الأسود جورج فلويد، الذي ظهر في فيديو وهو يُجاهد لالتقاط أنفاسه بينما يضغط ضابط شرطة أبيض بركبته فوق عنقه.

ويعد انتحال أرقام الهواتف لإرسال رسائل نصية احتيالية عملية احتيال شائعة، وتأتي هذه الرسائل أيضًا في أعقاب الانتخابات، عندما جمعت الحملات ولجان العمل السياسي والمقاولون كميات هائلة من بيانات الهواتف لأغراض الدعاية أو جهود حث الناخبين على التصويت قبل إغلاق صناديق الاقتراع.

تجدر الإشارة بأن العنصرية الحديثة تجاه السود بدأت في أمريكا منذ 400 عام، عندما دخلت أول سفينة بريطانية ميناءً في ولاية فيرجينيا في 1619، تحمل على متنها 20 رجلاً إفريقياً، كانوا أول العبيد في ذلك الزمان، وكانت نقطة الانطلاق "ثورة قامت في 1831 في مجموعة مزارع بولاية فيرجينيا مهد العبودية، حيث ثار نات تيرنر ومعه مجموعة من السود، إلا أنّ الثورة أسفرت عن مقتل مئة شخصٍ على الأقل، وانتهت بعد ثلاثة أسابيع بإعدام نات ومن معه”.