العرب في مؤخرة أولويات كامالا وترامب

في تفاصيل الانتخابات الأمريكية التي ستجرى الثلاثاء، ثمة روايتان، الأولى أن الشأن المحلي والاقتصاد هو شاغل الناخب الأمريكي والمرشحين لمنصب الرئيس ولعضوية الكونغرس (النواب والشيوخ ) بالدرجة الأولى وبناء عليه سيقومون بالترشح وبالتصويت.
والرواية الثانية أن أولويات التصويت الأمريكية ليست معنية بالحرب على قطاع غزة ولبنان، وجاءت في المرتبة الأخيرة من بين أكثر من 13 قضية تم اختبارها في قياسات الرأي العام .
وليست غزة ولبنان فقط خارج اهتمامات الناخب الأمريكي وإنما السياسة الخارجية الأمريكية بشكل عام فهي تثير اهتمام 4% من الناخبين فقط. والكل منغمس ومنشغل بحياته اليومية وبأوضاعه المالية والاقتصادية.
والطريقة الوحيدة التي ستجعل المواطن الأمريكي يهتم بسياسة بلاده الخارجية هي أن يكون لهذه السياسية تأثير على حياته اليومية وعلى معيشته ورفاهيته ووظيفته وأمنه.
ولا تبدو الفوارق فيما يتعلق بالسياسة الخارجية كبيرة وواضحة بين المرشحين لمنصب الرئيس الأمريكي، كامالا هاريس عن الحزب الديمقراطي، ودونالد ترامب عن الحزب الجمهوري.
كامالا هاريس هي نائبة الرئيس جو بادين وهي تشاركه سياساته منذ اليوم الأول للعدوان الصهيوني على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وعلى لبنان لاحقا، وإدارة بادين والحزب الديمقراطي منحا دولة الاحتلال في الشهور العشرة الأخيرة ما يزيد عن 23 مليار دولار، وهو ما لم تحصل عليه في عشر سنوات.
وتوفر هذه الإدارة الدعم المالي والعسكري والسياسي والقانوني والإعلامي لهذا الكيان ليواصل جرائمه في قطاع غزة وفي الضفة الغربية وفي لبنان، حتى أنها تتماهي معه بشكل كامل في جميع أكاذيبه وتبريريه حول استهداف الأطفال والنساء والمستشفيات والمدارس ومراكز الإيواء ومستودعات الإغاثة.
وبدا نفاق هاريس واضحا في حديثها مع الجاليات العربية والمسلمة في أمريكا بأنها تعمل على وقف الحرب وصفقة تبادل، لكنها في الوقع لا تفعل شيئا في هذا الجانب وتكتفي بالكلام ومواصلة احتضان مجرم الحرب رئيس وزراء الاحتلال بنيامن نتنياهو وعصابته المجرمة.
الجمهوري ترامب في فترة رئاسته قام بتحقيق جميع مطالب نتنياهو فقد نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وهو الوحيد الذي اعتبر أن المستوطنات لا تخالف القانون الدولي بل أن هناك مستوطنة باسمه، كما أقر بان الجولان السوري المحتل جزءا من دولة الاحتلال، وفرض على بعض العرب التطبيع مع الاحتلال تحت مسمى "الاتفاقيات الإبراهيمية "، وهو قد وعد بتوسيع حدود دولة الاحتلال عبر منحها الضفة الغربية وقطاع غزة بشكل رسمي.
ترامب وهاريس يكذبان على العرب والمسلمين وعلى اليهود أيضا، فهما يوجهان خطابان مختلفان ومنفصلان لكل طرف في محالة لاستمالتهم من أجل التصويت لهما، وبالتالي فوز ترامب لن يغير شيئا هو فقط سيكون مباشرا وصريحا دون أقنعة في تحقيق أحلام الدولة المارقة والمنبوذة، بينما هاريس ستحقق نفس الأحلام للعصابة المنظمة في تل أبيب لكن من تحت الطاولة وبقناع من الكذب والنفاق والخبث.
الولايات المتحدة الأمريكية لن تغير من سياستها الخارجية التي لا تخضع لمزاج وأهواء الرئيس وحده، تهديد مصالح واشنطن في الداخل والخارج وحده ما سيغير سياساتها، ويدفعها إلى التحرك بشكل مختلف، ولا تبدو هذه المؤشرات قوية حتى اليوم.
ما سيدفع واشنطن للإنحاء قليلا أمام العرب والمسلمين هو رؤيتها للمقاومة وهي تكسر كبرياء وغطرسة دولة الاحتلال وتهدد وجودها بشكل جذري وكامل.
لا أمل للأمة من الانعتاق والتحرر من التبعية لأمريكا سوى بالمقاومة ووحدة الصف العربي خلف البنادق والمقاتلين في الجبهات والخنادق.