الانتخابات النيابية القادمة


بعد اقرار مجلس النواب الحالي، ومجلس الأعيان لقانون الهيئة المستقلة التي ستشرف على الانتخابات النيابية القادمة بجميع مراحلها، ابتداءً من عملية تسجيل الناخبين الى عملية الفرز واستخراج النتائج ، وبعد الانتهاء من قانون الاحزاب الذي يجري الإعداد له من قبل الحكومة، والإنتهاء من قانون الانتخاب الجديد، الذي ستسير عليه الانتخابات النيابية القادمة والذي طال إنتظاره ،تكون الحكومة قد خطت خطوات بطيئة لكنها ملموسة بإتجاه إجراء الإنتخابات النيابية القادمة على أسس جديدة تضمن شيئاً من النزاهة ، خاصة اذا تمت صياغة القانونين المذكورين وفق آلية تضمن عدم تدخل الحكومة في الحياة العامة للناس وخاصة ما يتعلق منها بالإنتخابات وتكفل رضى معظم القوى الحزبية والسياسية وقادة الرأي ومنظمات المجتمع المدني والحراكات الشعبية، يصبح حل مجلس النواب الحالي والذي بات مطلبا شعبيا عاما ، في حكم المؤكد مع الإنتهاء من الدوره العادية الحالية.

أغلب الظن أن الحكومة لن تستطيع الخروج بقانون إنتخابات عصري توافقي يقبل به الجميع ،لسبب بسيط وهو أنها ما زالت لديها هواجس من نتائج الإنتخابات النيابية القادمة ، ولديها حساباتها الخاصة وتخوفاتها التي لا تنسجم مع نبض الشارع ، ولم تتوفر لديها بعد مؤشرات باتجاه تحقيق العدالة المطلقة في صياغة القانون، وتوزيع الدوائر الإنتخابية ،وهذه الهواجس والتخوفات مبنية على أسس إفتراضية ومستندة على حسابات لها علاقة بالتركيبة السكانية والحزبية، ولا أدل على ما نقول إلا الموقف المبدئي لحزب جبهة العمل الإسلامي أكبر الأحزاب الأردنية وأكثرها إنتشاراً القاضي بمقاطعة الإنتخابات القادمة ،إذا تم إقرار مشروع قانون الإنتخاب كما أعد من الحكومة.

بتأكيد السيد عون الخصاونة رئيس الوزراء ،"بأن لا عودة لقانون الصوت الواحد"، تكون الحكومة قد خطت خطوة الى الأمام وساهمت بمحاولة إعادة اللحمة الى المجتمع الاردني الذي ساهم القانون الحالي " قانون الصوت الواحد"، بلا ريب بتجزئته وتفتيته الى اثنيان اقليمية ومناطقية وعشائرية وجهوية، ، قد يحتاج مجتمعنا لسنوات طويلة للتعافي من مخلفاته والانتقال الى المرحلة الجديدة .

أما مجلس النواب الحالي ، فبدلاً من حث الحكومة على الإسراع في إنجاز القوانين الخاصة بإدارة الإنتخابات فقد اتهم بالتباطؤ لإطالة عمره وبالتالي عمر الحكومة، وبسعيه لتحقيق امتيازات خاصة بالنواب ،وإقراره قانون حصول النائب على جواز سفر دبلوماسي مدى الحياة بالاضافة لسعي المجلس الحالي لتحقيق مكاسب تسمح للنائب بالحصول على راتب تقاعدي يكون المجلس الحالي قد وسع المسافة التي تفصله عن نبض الشارع والتي هي أصلا مسافة شاسعة ،مما يؤكد عدم أهلية المجلس الحالي للإستمرار في ممارسة سلطاته التشريعية فقد أثبت بشكل جمعي انه لا يضع المصلحة الوطنية العليا فوق كل المصالح ،وأن حساباته ضيقة وفي محاولات لتجيير القوانين للتوافق مع الأهواء والمصالح الشخصية .

على كل حال، التخلص من ثقل هذا المجلس وازاحته عن الساحة العامة بات وشيكا، بعد ان شكل ذلك مطلباً شعبياً وحزبيا عاماً لكن من المؤكد إجراء الانتخابات النيابية للمجلس السابع عشر حسب التعديلات الدستورية ، وتحت إشراف الهيئة المستقلة وفي ظل قانوني انتخاب واحزاب جديدين ،ما يعني أن المجلس القادم سيكون على درجة أعلى من التمثيل لكنها لن تكفل تحقيق الرضا العام للشارع، خاصة اذا لم يتم تقسيم الدوائر الانتخابية بعدالة ونزاهة ،تعكسان التمثيل الحقيقي للناس، مع اننا نرى انه من أولى أولويات الحكومة الحالية ان استعادة ثقة المواطن بالمسؤول ،والنظر إلى الإنتخابات النيابية القادمة كواحدة من المفاصل الاساسية التي إذا ما تم إستغلالها يمكن أن تساهم في طمئنة الشارع وتحقيق رضا نسبي يسهم في التهدئة .وإذا ما أبدت الحكومة ومجلس النواب الحالي حسن نية تجاه المستقبل تكون قد رمت بالكرة في ملعب المواطن.

ولا يخفى على أي منا تخوف الأحزاب الأخرى من الهيمنة المستقبلية لحزب جبهة العمل الإسلامي ،وللامانة نقول أنه يجب أن لا يعاقب هذا الحزب على نجاحة عن طريق القوانين والأنظمة والتعليمات الناظمة للحياة السياسية والاجتماعية في البلد ،لأننا ننظر إلى تحقيق المكاسب الحزبية من قبل أي حزب أو مجموعة من الأحزاب كحق مشروع ، لا تكون مقاومته باستصدار القوانين الغير منصفة، بل بالعمل الحزبي المظم الموازي والقادر على تحقيق المكاسب على المستويين الرسمي والشعبي ،أو عن طريق تحقيق تحالفات بإمكانها تحقيق مكاسب حزبية للأطراف الأخرى.


الكاتب: سلطان الخضور
ماجستير في دراسات السلام والتنمية