نيسان بعين الندم الإسلامية

من حق أي فرد وحزب أن يرسم الوطن على الشاكلة التي يريد , ومن حقه السعي الى تحقيق هذا التشكيل على أرض الواقع بأدوات سلمية ,وتقديم البرامج اللازمة لشكل الوطن الذي يريد , وعليه بالمقابل القبول بالرأي الاخر وقبول الاحتكام لصناديق الاقتراع ومخرجاتها وضمان ديمومة العودة الى الشعب كل اربع سنوات للاستفتاء على البرامج والافراد القادرة على تنفيذ المشروع.

واصحاب الرأي والرؤية , يقبلون الحوار طريقا وحيدا , والمقصود بالحوار , ليس قبول رأيك بالضرورة , بل الوصول الى توافقية بين كل أصحاب الرأي , وضمان وصول ممثليهم الى صناعة القرار ,أما حوار على ارضية قبول قرارك ورأيك فهو اذعان وليس حوار , وعدم ربط الحوار بسقف زمني هو تسويف بالمقابل .

امام هذه الثنائية , يجب قراءة المشهد المحلي في اول جمعة من نيسان , شهر الكذبة الكونية وشهر اول حراك اردني يمكن التأريخ له بوصفه اول ربيع عربي , واول استجابة رسمية لمطالب الشارع الاردني السياسية.

اليوم يختلف المشهد من حيث إقبال الاحزاب على الحراك الشعبي ومحاولة إمتطائه بأجندتها وليس حسب مطالبه وطموحاته , فالاحزاب وتحديدا الاسلامية واليسارية المتحالفة معها تقفز عن مطالب الناس في نيسان الحالي , فهي تريد حوارا يضمن قبول برامجها ويحقق مصالحها الحزبية فقط , بصرف النظر عن ملائمة هذه البرامج للناس وتوافقهم عليها , وتسعى لإقرار برامجها عبر التلويح بتمثيلها للشارع الشعبي وحمل أمانة مطالبه , وباتت الان تلوح بشعارات ذات سقف عال لإرهاب صاحب القرار على اساس انها تحمل تفويضا شعبيا , فكل الحراكيين يتحدثون بإسم الشعب وبإسم الشارع الاردني , فكلهم سعد زغلول الاردني , ولا احد منهم يمتلك تفويضا من اسرته اولا.

الاحزاب تحديدا وبدل قيادة الشارع بوعي وببرامج سياسية متوافق عليها تنزل الى الشعارالغرائزي , فينتقل شعار الاحزاب من ملهم للناس وقائدا لهم إلى دغدغة مشاعرهم الغرائزية كما حدث مع شعارات الرابع وشعارات وقفة مسجد الجامعة , مع فارق ان الرابع كان تجمعا شبابيا غاضبا وعاتبا وليس منظما , في حين ان وقفة مسجد الجامعة لاقدم حزب وجماعة سياسية .

كان يمكن فهم التوافق بين الشعارات لو أن العملية معكوسة في التراتبية الزمانية او ان هذا السقف هو السقف المعلن للحزب والجماعة وليس تلويحا للضغط على الدولة من أجل تمرير قانون على مقاس برامجها وأهدافها متجاوزا مطالب فئات عريضة من الشارع الاردني تختلف في كثير من التفاصيل مع الحزب والجماعة وإن كانت تلتقي على القاعدة الرئيسة , قانون انتخاب يلغي الصوت الواحد ويضمن قائمة وطنية ويحقق العدالة بين الناخبين عبر تقسيم دوائر الانتخاب عرضيا وتصويت لكل مقاعد الدائرة الانتخابية وصوت للقائمة المفتوحة على مستوى الوطن وعلى أساس التمثيل النسبي .

النقطة الثانية التي يستعصي فهمها بإيجابية من الجماعة وحزبها هي نثر وتشتيت النشاطات على مستوى العاصمة كلها , وكأنها تريد صداما مع تكوينات شعبية ترفض شعارها , فالتشتيت للنشاط يغوي للهجوم على المتحركين وهذا ما تسعى اليه الجماعة وحزبها في نيسان , ناسية ان الناس عرفت طريقها ولا مجال لركوب مطالبهم مجددا فقد اهتدوا الى طريق الاصلاح بوعيهم وفطرتهم الوطنية .

استثمار اوجاع الناس بإنتهازية حزبية قضية مدانة وباتت مكشوفة وعلى الدولة وأجهزتها ان تكف عن التسويف والتاخير حتى يلمس الشارع الشعبي نجاح حراكه ويغلق الطريق للصهينة على مطالبه ونجاحه من قنّاصي الفرص وراكبي امواج المد الشعبي ومدّعي تمثيله دون تفويض .