حديث إسرائيلي عن تقدم في مفاوضات لبنان.. وتضارب بشأن قبول فصلها عن غزة

نقل موقع والاه العبري، اليوم الخميس، عن مسؤولَين أميركيَّين مطّلعين لم يسمهما قولهما إن المفاوضات بشأن اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله في لبنان تقدّمت بشكل ملحوظ خلال الساعات الـ24 الماضية، لكن إدارة الرئيس جو بايدن لم تتوصل إلى اتفاق نهائي مع لبنان وإسرائيل بشأن نص الاتفاق.

ومن أهداف الاتفاق وقف القتال المستمر منذ أكثر من عام بين إسرائيل وحزب الله، وخفض التصعيد في المنطقة، في وقت تواصل فيه دولة الاحتلال توسيع عدوانها على لبنان ومواطنيه وقتل المدنيين وتهجيرهم. وفي حال نجاح الجهود، سيكون مثل هذا الاتفاق، وفقاً للموقع العبري، بمثابة إنجاز كبير للرئيس بايدن في أسابيعه الأخيرة في منصبه. وقال مسؤول أميركي كبير، لم يسمّه الموقع، إن زيارة مستشار الرئيس بايدن عاموس هوكشتاين إلى العاصمة اللبنانية بيروت، الأسبوع الماضي، في محاولة للتوسّط بين الطرفين، أسفرت عن تقدّم نحو اتفاق لوقف إطلاق النار، خاصة في ما يتعلق باستعداد حزب الله للتوقيع على اتفاق منفصل مع إسرائيل، بمعزل عن الوضع في قطاع غزة.

وأوضح المسؤول الأميركي أنه منذ عودة هوكشتاين من بيروت أحرزت المفاوضات تقدماً أكبر، وتم تمرير مسودات ذهاباً وإياباً مع إسرائيل ولبنان. وأضاف: "ما زلنا نتفاوض، ولكن تم إحراز تقدّم كافٍ خلال الساعات الـ24 الماضية، وهو ما يبرر قرار الرئيس بايدن إرسال هوكشتاين إلى إسرائيل".

ومن المقرر أن يزور مبعوثا الرئيس الأميركي جو بايدن الكبيران عاموس هوكشتاين وبريت ماكغورك تل أبيب، اليوم الخميس، في إطار المفاوضات المكثّفة، في محاولة للتوصل إلى تسوية في الشمال.

مسؤولون إسرائيليون: مفاوضات لبنان ترتبط مباشرة بمحادثات غزة
وعلى الرغم مما جاء في موقع "والاه" بشأن موافقة حزب الله على فصل جبهة لبنان عن جبهة غزة، أوردت صحيفة يديعوت أحرونوت، اليوم الخميس، توضيح مسؤولين إسرائيليين أن محادثات التسوية في الشمال ترتبط مباشرة بالمحادثات التي يجريها رئيس وكالة المخابرات المركزية الأميركية وليام بيرنز، ومسؤولون كبار في قطر ومصر، بشأن صفقة تشمل تبادلاً للأسرى ووقفاً لإطلاق النار في قطاع غزة.


وبموازاة ذلك، سيصل أيضاً قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل كوريلا إلى إسرائيل، ليناقش مع قيادة جيش الاحتلال الاستعدادات للدفاع عن إسرائيل في حال تعرّضها لهجوم إيراني. وأشارت الصحيفة العبرية إلى تقديرات تل أبيب بأن بعض الشروط الإسرائيلية قد تجعل من الصعب على لبنان قبول التسوية. ومن بين الشروط التي تطالب بها إسرائيل الحفاظ على حرية "عمل" جيش الاحتلال الإسرائيلي في لبنان بحجة تطبيق التسوية، إذا لم يطبّقها الجيش اللبناني أو قوات اليونيفيل. وتطالب إسرائيل أيضاً بتعزيز قوات اليونيفيل، بزعم فشلها في تنفيذ القرار 1701 الذي أنهى حرب تموز/ يوليو 2006، وبالتالي تحسين مهمتها في لبنان.

وتشترط تل أبيب مواصلة الجيش اللبناني العمليات التي بدأها جيش الاحتلال في لبنان لتدمير البنية التحتية العسكرية لحزب الله، ودفع قوات الحزب إلى شمال نهر الليطاني، كما تطالب بالعمل على منع تهريب الأسلحة والذخيرة إلى حزب الله من خلال الحدود اللبنانية السورية من أجل منع إعادة تسليح حزب الله من قبل إيران.

ومن بين ما تنص عليه مسوّدة الاتفاق الذي يتم العمل عليه بدء انسحاب جيش الاحتلال من بعض النقاط التي "استكمل فيها مهمته" في جنوب لبنان، بحيث تنسحب معظم القوات من الأراضي اللبنانية. لكن الصحيفة نقلت عن وزراء لم تسمّهم في المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت)، قولهم إن هناك حاجة إلى بضعة أسابيع أخرى لإكمال المهام في جنوب لبنان، على الرغم من زعم مسؤولين في الجيش الإسرائيلي أن نهاية العملية العسكرية تقترب.


مع هذا، لفتت الصحيفة إلى أنه طالما لم يتم التوصل إلى اتفاق مستدام فسيتعين على جيش الاحتلال تعميق "إنجازاته" العملياتية من أجل دفع حزب الله والحكومة اللبنانية والدول الوسيطة إلى وضع تنتهي فيه الحرب بشروط مريحة لإسرائيل. ويؤكد المسؤولون الإسرائيليون عدم وقف العدوان على لبنان من أجل إجراء مفاوضات، وإنما فقط بعد التوصّل إلى اتفاق نهائي.

من جهتها، أشارت صحيفة "هآرتس" العبرية، اليوم، إلى تقديرات المسؤولين الإسرائيليين والأميركيين بأن من تبقى من قيادات حزب الله يفضّلون السعي لإنهاء الحرب، نظراً للخسائر والضربات التي تلقّوها. واعتبر المحلل العسكري في الصحيفة عاموس هارئيل أن "هذا يعني، في سيناريو إيجابي، احتمالاً معيّناً للفصل لأول مرة بين الساحتين (غزة ولبنان)، والتوصّل إلى وقف لإطلاق النار في لبنان، بينما يتواصل القتال في غزة. وقد يبدي لبنان أيضاً بعض المرونة بشأن المطالب الإسرائيلية المتعلّقة بإنشاء آليات تنفيذ ومراقبة أكثر إحكاماً وفعالية. وهناك وزن كبير لموقف إيران، ويبدو أنها تسعى جاهدة لإنهاء الحرب".

ومع ذلك، يرى الكاتب أن "التوصّل إلى اتفاق في الشمال سيكون مسألة معقّدة بسبب العدد الكبير من القضايا التي لا تزال مفتوحة، وبسبب كثرة الدول والمنظمات المشاركة في الحل. وفي غزة، على الرغم من تجدد جهود الوساطة من جانب الولايات المتحدة وقطر ومصر، فإن الصورة أكثر تعقيداً. فالقرارات في حماس تُتخذ ببطء، وفي إسرائيل، لا يبدو أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وشركاءه في الحكومة من اليمين المتطرّف يسارعون إلى صفقة، رغم الخوف على سلامة المختطفين (المحتجزين الإسرائيليين في القطاع)".

ويأتي هذا غداة قول هيئة البث الإسرائيلية إن "هوكشتاين يعكف على صياغة مسودة اتفاق بين إسرائيل ولبنان، تقضي بانسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان خلال أسبوع، شريطة استئناف العمليات العسكرية في حال جرى خرق الاتفاق". ويدعو المقترح كلاً من لبنان وإسرائيل إلى الالتزام بقرار مجلس الأمن رقم 1701، مع تنفيذ هدنة تستمر لمدة 60 يوماً، على أن تبدأ القوات اللبنانية في الانتشار بالجنوب بالتزامن مع انسحاب القوات الإسرائيلية منه.

وشدد الاتفاق المزعوم أو المسودة على منح الحكومة اللبنانية الصلاحيات اللازمة لتنفيذ قرار منع حزب الله من التسلح، مع مراقبة وتفكيك المنشآت العسكرية التي لا تعترف بها الحكومة لإنتاج الأسلحة، فضلا عن تفكيك أي بنية تحتية مسلحة لا تتوافق مع القرار 1701. ولفتت مسودة المبعوث الأميركي هوكشتاين إلى أن "الولايات المتحدة ودولاً وهيئات دولية أخرى من المقرر أن تشرف على تنفيذ بنود الاتفاق بين لبنان وإسرائيل".

وفي 2006 تبنى مجلس الأمن الدولي القرار 1701، الذي يدعو إلى وقف كامل للعمليات القتالية بين لبنان وإسرائيل، بعد حرب استمرت 33 يوماً بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي.

هذا، وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي إن هوكشتاين أوحى له بإمكانية الوصول إلى أمور إيجابية على صعيد وقف إطلاق النار قبل الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني المُقبل، موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، معرباً عن أمله في الوصول إلى هدنة في الساعات المقبلة، ومعتبراً أن "حزب الله تأخر بفصل جبهة لبنان عن جبهة غزة".