لماذا هذا الكم من الاغذية الفاسدة?

الارتفاع التدريجي في درجات الحرارة هذه الايام واقتراب فصل الصيف الذي بات على الابواب.. يطرح تساؤلا مشروعا حول الكميات الكبيرة من الاغذية الفاسدة التي يتم اكتشافها حتى خلال الموسم الشتوي, وفيما اذا كانت هذه القضية ستظل تؤرق جمهور المستهلكين الذين يتابعون اخبار ما يتم اتلافه من مواد غذائية ومشروبات غير صالحة للاستهلاك البشري, ولا يعرفون اذا ما كانوا قد تناولوا شيئا منها قد تظهر اعراضه الصحية في وقت لاحق, مما يشيع اجواء من عدم الاطمئنان على الصحة والسلامة العامة, ومحاولة التدقيق في كل شيء يتم تناوله لتلافي مخاطره.

كميات يمكن اعتبارها هائلة من الاغذية على اختلاف انواعها تتم مصادرتها واتلافها بعد اكتشاف فسادها من خلال ما هو معروض داخل الاسواق المحلية, وتتزايد النسبة وفقا لمعدلات الكثافة السكانية بخاصة في العاصمة والزرقاء ومعظم المدن الرئيسية ولا يتوانى مروجوها عن الوصول الى كل مكان مهما كان نائيا لتسويق ما "يحمل السم في الدسم", اما ما لا يتم اكتشافه نظرا لقلة اعداد الفرق التفتيشية بالمقارنة مع اسواق تمتلئ بكل ما هب ودب من زبالة العالم الغذائية ففي حكم المؤكد انه قد فعل افاعيله فيمن تناوله من المواطنين!

دائرة الرقابة الصحية والمهنية في امانة عمان الكبرى اعلنت قبل ايام عن انها قد اتلفت نحو 873 طنا من المواد غير الصالحة للاستهلاك في مكب الغباوي خلال الربع الاول من العام الحالي اي في عز الشتاء, في حين بلغت اتلافات فرقها الميدانية 365 طنا مع التحفظ على 73 طنا والحبل على الجرار, هذا في العاصمة وحدها وبمقارنة ذلك مع كميات كبيرة اخرى يتم اكتشافها في مختلف المناطق لتبين مدى ما يغرق الاسواق من مواد غذائية فاسدة يمكن لها ان تصل الى مئات الالاف من الاطنان سنويا, ولم تنجح كل المحاولات التي تبذلها جهات متعددة من اجل حماية المواطن من تجارة فاسدة تصل اليهم في عقر دارهم عبر كل المنافذ والحدود مع العالم الخارجي!

لم يعد خافيا ان هنالك عددا من المستوردين المتخصصين في شحن كميات هائلة من الاغذية غير الصالحة للاستهلاك اصلا من منشئها, او اقتراب موعد انتهاء صلاحيتها وممارسة عمليات تزوير على بطاقات البيان لاستبدالها بما يجدد المدة تماما او يمددها وفقا لمصالحهم التجارية وتسويق بضائعهم التالفة, ويتابع المواطنون بقلق عمليات التحفظ احيانا على شحنات كبرى عبر البواخر وغيرها من وسائط النقل لعدم صلاحية موادها الغذائية, لكنهم يفاجأون بان التشدد في الرقابة واتخاذ قرارات المنع من الدخول الى الاسواق المحلية قد تم تجاوزه من خلال اجازة ما تم ايقافه مع تضارب النتائج المخبرية بين جهة رسمية واخرى يؤدي الى اتاحة المجال امام سلع فاسدة لكي تصل الى الافواه مع سبق الاصرار والترصد.!

ما يعزز من حالة الشكوك لدى المستهلكين في انهم يعتبرون حقل تجارب لتجارة الاغذية الفاسدة, ان احتجاجات التجار وتذمرهم على الدقة في الاجراءات التي تتخذها المؤسسة العامة للغذاء والدواء وغيرها من جهات عديدة اخرى في وزاة الصحة وامانة عمان الكبرى والبلديات, تجد آذانا صاغية لدى بعض المسؤولين الذين يتجاوبون مع ما يطرحه هؤلاء من احتجاجات, لتمرير الصفقات من المواد غير الصالحة للاستهلاك وفرضها على الاسواق من خلال تلاعب في البيانات والعينات يجيده من يتقنون لعبة الغذاء الفاسد.!