بوادر أزمة جوع جنوبي غزة.. خبز شحيح ودقيق فاسد

بعد ساعات عديدة من الوقوف في طابور طويل، نجح الخمسيني عبد الرحمن خضورة، في الحصول على ربطة خبز صغيرة من أحد مخابز مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، مع بدء ظهور أزمة حقيقة بسبب نفاد الدقيق من الأسواق والمنازل.

خضورة، النازح من مخيم جباليا شمالي غزة إلى محافظة خان يونس (جنوب)، يصف معاناة الحصول على رغيف الخبز بـ"المأساة اليومية"، في ظل النقص الحاد في الدقيق وفساد كميات كبيرة منها.

ويقول بعد حصوله على ربطة خبز: "نقف في الطابور لساعات طويلة، للحصول على ربطة خبز تكفي العائلة ليوم واحد فقط، والمأساة تكمن في حال عدم القدرة على استلام ربطة خبز، هنا الوضع يزداد سوءًا".

ويعرب خضورة، عن قلقه المتزايد حيال تأثير نقص الدقيق والمواد الغذائية الأساسية على عائلته كباقي العائلات وسط وجنوب القطاع.

ويطالب الفلسطيني النازح بوقف الإبادة الإسرائيلية المدمرة ورفع الحصار وفتح المعابر وتخفيف معاناة النازحين وإدخال المواد الأساسية وإنهاء الأزمات الإنسانية الناتجة عن نقص المواد الأساسية وخاصة الدقيق.

ويضيف: "هذه الأزمة تؤثر على حياة النازحين المتعبين أصلاً وستتسبب بتفاقم أوضاعهم وبدء ظهور المجاعة جنوبي غزة".
ـ كميات محدودة

ويقف صاحب المخبز في الداخل مشرفًا على العمل اليومي، لإنتاج أكبر كمية يمكن أن تخفف من الأزمة على المواطنين والنازحين في خان يونس.

ويقول: "مخبزنا الوحيد الذي يعمل جنوبي القطاع بسبب عدم قدرة منظمة الغذاء العالمي على إدخال كميات كافية من الدقيق لتشغيل أكبر عدد من المخابز".

ويوضح أن مخبزه مهدد بالتوقف في أي لحظة، حال نفدت كميات الدقيق الموجودة.

ويضيف: "الأزمة مستمرة مع ‏الإغلاق المتواصل لمعابر القطاع وفتحها جزئيا لإدخال كميات محدودة من الدقيق، وهذه الكميات رديئة أو فاسدة بسبب تكدسها على المعابر لفترات طويلة في أجواء حارة وتحت أشعة الشمس، ناهيك عن إدخال مواد خام أخرى بكميات بسيطة".
ـ دقيق فاسد

ويضطر النازحون وسط وجنوبي غزة لاستخدام الدقيق الفاسد والمليء بالديدان والسوس لإطعام أطفالهم، في ظل انعدام المساعدات وإغلاق المعابر أمام البضائع والسلع الأساسية وفي مقدمتها الدقيق.

وتقول السيدة الفلسطينية أم سامر أحمد، إن ‏"الدقيق الذي يباع في الأسواق رديء ومليء بالسوس، لو لم نبتاعه لن نستطيع إطعام أطفالنا".

وتضيف أم سامر: "نحن مضطرون لعجن هذا الدقيق السيئ في ظل عدم توفر أي كميات جديدة، وظهور بوادر أزمة حقيقية في الدقيق بسبب النقص الحاد في قطاع غزة، جراء إغلاق المعابر".

وتتابع: "في حال توفر كميات من الدقيق الجيد في الأسواق فإن أسعارها مرتفعة جدًا مع عدم قدرة المواطن الفلسطيني على شرائه، ونحن مضطرون لاستخدام الدقيق الفاسد لعدم قدرتنا على شراء الجيد المتوفر بكميات محدودة جداً وبأسعار باهظة".

وتلجأ أم سامر، إلى خلط الدقيق بالزعتر ومن ثم خبزه، لإضفاء نكهة جيدة ومذاق أفضل من المذاق الحقيقي الذي يؤكد أن الدقيق فاسد، ولا يستطيع الأطفال تقبله.
ـ أزمة واحدة

ووسط القطاع، لا يختلف المشهد كثيرًا عن الوضع جنوبا، فالأزمة واحدة، والمواطنون الراغبون في الحصول على الخبز يتكدسون أمام أبواب مخبز "البنا" الآلي الموجود في مدينة دير البلح.

ومنذ توغل الجيش الإسرائيلي الثالث بمحافظة الشمال في 5 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، يعاني سكان غزة والشمال من "مجاعة" في ظل شح شديد فرضته "إسرائيل" على إمدادات الغذاء والماء والدواء والوقودـ ما تسبب في وفاة عدد من الأطفال وكبار السن.

ويتواصل التوغل والقصف الإسرائيلي لمناطق مختلفة من محافظة شمال غزة بالتزامن مع استمرار مساعي الجيش لإفراغ المنطقة من ساكنيها عبر التجويع والإخلاء والتهجير القسري.

وبدعم أمريكي، تشن "إسرائيل" منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حرب إبادة جماعية على غزة خلفت أكثر من 143 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

وتواصل تل أبيب هذه الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.