الكيان: (أنصار الله) لم يرتدعوا و يواصلون قصف إسرائيل... والقادم أعظم
ما زالت حركة (أنصار الله) في اليمن تقُضّ مضاجع المستوى السياسيّ والأمنيّ أيضًا في دولة الاحتلال، بسبب الخطر الذي تُشكلّه الجماعة على الأمن القوميّ الإسرائيليّ، والأخطر من ذلك، كما أفادت مصادر عليمة في تل أبيب أنّ الردع الإسرائيليّ لم يثني الجماعة عن مواصلة استهداف الكيان رغم المسافة البعيدة بينهما، علمًا أنّ ضربات أنصار الله أدّت لإغلاق ميناء إيلات، الذي يُعتبر شريان الحياة للكيان.
وفي هذا السياق، تناولت مجلّة (ذي تايمز أوف إسرائيل) خطر جماعة أنصار الله في اليمن على إسرائيل، وكيف تفتقر حكومة رئيس الوزراء في الكيان، بنيامين نتنياهو إلى استراتيجية واضحة للتعامل مع خطر هذه الجماعة وسط انشغالها في الحرب ضد حركة حماس في غزة، وحزب الله في لبنان، والجماعات الموالية لإيران في سوريّة.
ووصف الكاتب آري هايستين خطر الحوثيين على إسرائيل بأنّه قد يكون "الخطر البعيد عن العين والعقل” رغم ما تمثله هذه الجماعة من خطرٍ على إسرائيل وعلى طرق الملاحة عبر البحر الأحمر، بينما يستهدف الغرب القضاء على هذا الخطر.
وقال هايستين، الذي اعتمد في تقريره على مصادر أمنيّةٍ وعسكريّةٍ في دولة الاحتلال، إنّ "إسرائيل تتعامل مع الحوثيين وفقا لمبدأ (العين بالعين) أو بالأحرى (الميناء بالميناء)، وهو الواضح في استهداف شريان الحياة للحوثيين الذي يتمثل في ميناء الحديدة. وكان قصفًا ينطوي على قدر من الرمزية، إذ أشار إلى أنّه ردّ على ما ألحقه الحوثيون بميناء إيلات الإسرائيليّة على البحر الأحمر، التي تمثل شريان حياة لإٍسرائيل أيضاً”.
وتابع المُحلِّل الإسرائيليّ قائلاً، نقلاً عن ذات المصادر، إنّه "رغم ذلك، زال أثر الردع الإسرائيليّ بعد عدة أشهر من ضرب الحديدة، إذ عاد الحوثيون لتجربة حظّهم مرّةَ أخرى. وهنا توسعت إسرائيل في قصف أهداف تابعة لهم في اليمن مثل ميناء رأس عيسى. مع ذلك، لا تزال الجماعة المسلحة اليمنية تصر على الاستمرار في الهجوم على إسرائيل”. وهو الواضح في إطلاق الحوثيين، الذين يسيطرون على شمال اليمن، حوالي 1000 قذيفة.
علاوة على ما جاء أعلاه، رأى المُحلِّل أيضًا أنّ الهدف من تحركات إسرائيل على صعيد الرد على هجمات الحوثيين هو "الردع” وترسيخ مفهوم الردع في أذهان الجماعة اليمنية والتأكيد لهم على قدرة إسرائيل على أن ترد بالمثل.
وربّما يكون هذا المنطق نابعًا من "أنّ جماعة (أنصار الله) في نهاية المطاف هم لاعبون فاعلون في المنطقة يستهدفون جني ثمار الدور الذي يقومون به، لا مجرد ممارسة العنف”.
يُشار إلى أنّه في الـ 15 من شهر أيلول (سبتمبر) الفائت، قامت جماعة (أنصار الله) بإطلاق صاروخٍ هزّ مركز دولة الاحتلال في ساعات الصباح الباكرة وتبينّ أنّ حوالي مليونيْ إسرائيليّ أجبروا على النزول إلى الملاجئ خشية إصابتهم بالصاروخ، الذي قطع مسافة أكثر من ألفي كيلومتر، ولكن المعضلة الأساسيّة والمُقلقة، بحسب مُحلِّل الشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس) العبريّة، عاموس هارئيل، تكمن في فشل الدفاعات الجويّة الإسرائيليّة فشلاً ذريعًا في اعتراض الصاروخ وإسقاطه، لافتًا إلى أنّ مسيرة الصاروخ من اليمن إلى إسرائيل استمرّت 15 دقيقة، وهو زمن طويل بحسب معايير سلاح الجوّ.
والأخطر ممّا ذُكِر أعلاه، أضاف المُحلِّل الذي اعتمد على محافل أمنيّةٍ وصفها بالمطلعة جدًا، أنّ الصاروخ سقط بالقرب من مطار اللد، أوْ وفق التسميّة الإسرائيليّة (بن غوريون) الدوليّ، الأمر الذي سيؤدّي إلى تفاقم الأزمة السياحيّة من وإلى إسرائيل، علمًا أنّ عشرات الشركات الأجنبيّة أوقفت رحلاتها من وإلى الكيان بسبب الوضع الأمنيّ، أيْ أنّ سقوط الصاروخ سيدفع الشركات الأخرى إلى حذو نظيراتها وإلغاء رحلاتها، وبذلك ستزداد الأزمة حدّةً، على حدّ تعبيره.
ورجّح المحلِّل الإسرائيليّ أنّ هذا السبب هو ما يدفع حكومة نتنياهو إلى تفادي التصعيد ضد جماعة (أنصار الله) واستهداف مصالحهم واستغلال نقاط ضعفهم، على حدّ تعبيره.
على صلةٍ بما سلف، قالت صحيفة (معاريف) العبريّة إنّه الإطلاق في سبتمبر كان استثنائيًّا لصاروخ باليستي من اليمن، مشيرةً الى أنّه سقط على بعد 6 كيلومترات من مطار بن غوريون، وأدى إلى اصابة تسعة إسرائيليين.
كما ذكرت القناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ أنّ الجيش الإسرائيليّ "يحقق في سبب الفشل باكتشاف الصاروخ قبل وصوله وسط إسرائيل، رغم المسافة البعيدة التي قطعها من اليمن”، على حدّ تعبير المصادر الأمنيّة والعسكريّة التي اعتمدت عليها.
مهما يكُن من أمر، فإنّ ما اصطُلِح على تسميته بـ "تعدد ووحدة الساحات” ضدّ إسرائيل ما زال قائمًا وفعّالاً، وحتى اللحظة لم تُقَلْ الكلمة الأخيرة في هذا الصراع بين الأعداء اللدودين.