شمال غزة تحت الحصار لليوم الـ20.. تدمير مراكز الإيواء وتعطيل عمل فرق الإنقاذ
يتواصل حصار جيش الاحتلال الإسرائيلي المشدد لمحافظة شمال غزة لليوم العشرين على التوالي، بالتزامن مع تنفيذ مزيد من عمليات الاعتقال بحق الشبان الفلسطينيين وتهجير السكان من منازلهم ومن مراكز الإيواء والمدارس، بالإضافة إلى نسف ما تبقى من منازل وبنية تحتية والتوسع في إنشاء المنطقة العازلة بتسارع لافت.
واستمر جيش الاحتلال الإسرائيلي في نسف المنازل وتفجيرها في المناطق الغربية والشمالية من محافظة الشمال، وسُمعت أكثر من عملية نسف وتفجير لمنازل خلال الساعات الأخيرة، فيما واصل جيش الاحتلال تعزيز عملياته البرية داخل مشروع بيت لاهيا ومخيم جباليا لتفريغ المنطقتين مما تبقى من سكان فيهما. ووفق تحديثات ميدانية، فإنّ 800 فلسطيني على الأقل استشهدوا منذ بدء العدوان الثالث على المحافظة في الخامس من الشهر الجاري، إضافة إلى عشرات الاعتقالات ونسف العشرات من المنازل وإحراق العشرات لجعلها غير صالحة للعيش.
وفي الساعات الأخيرة وسّع الاحتلال من حصاره الميداني وإحكام سيطرته على المناطق المحاصرة عبر تهديد كل من يتحرك في المنطقة بما فيها سيارات الدفاع المدني لإجبار طواقمها وطواقم الإسعاف على التوقف عن عملهم وعن إنقاذ الجرحى وانتشال الشهداء تحت التهديد بالقصف. وكان الدفاع المدني قد أعلن، أمس الأربعاء، التوقف الكامل لعمله في محافظة الشمال، مشيراً إلى أن "الوضع أصبح كارثياً" حيث بات المواطنون هناك بلا خدمات إنسانية.
وأفاد الدفاع المدني بإصابة ثلاثة من عناصره باستهداف مباشر من طائرة إسرائيلية مسيّرة في محافظة الشمال، مؤكداً أن قوات الاحتلال الإسرائيلي، المتمركزة في منطقة الشيخ زايد، اعتقلت خمسة من عناصر الدفاع المدني واقتادتهم إلى مكان مجهول. كذلك دمّر الاحتلال آخر سيارة إسعاف في شمال قطاع غزة، إذ استهدفت الدبابات الإسرائيلية بقذائفها مركبة الإطفاء الوحيدة في شمال قطاع غزة وأضرمت النيران فيها.
وسيطر جيش الاحتلال على مدرسة خليفة التي تؤوي آلاف النازحين، وعمد إلى نقل الذكور من 13 إلى 60 عاماً، إلى مدرسة الكويت شرقي بلدة بيت لاهيا بمحيط المستشفى الإندونيسي لإجراء تحقيقات معهم حيث يعانون لساعات طويلة من ظروف قاسية، ومن يفلت من الاعتقال يضطر إلى السير مسافات طويلة لمدينة غزة تحت أزيز الرصاص وبمراقبة الدبابات والجيبات العسكرية الإسرائيلية المنتشرة في المناطق الشرقية من المحافظة.
ورغم محاولات إجبار سكان شمال غزة جميعاً على الخروج، لا يزال الآلاف من المدنيين بمنازلهم وفي ما تبقى من عيادات ومراكز إيواء في مشروع بيت لاهيا وبلدة بيت لاهيا الملاصقين لمخيم جباليا، ويتكدس هؤلاء في مساحات ضيقة وفي الشوارع رغم الأجواء الباردة. ونفذ جيش الاحتلال عمليات تجريف واسعة وسط مخيم جباليا، ودمر المدارس التي كانت تضم آلاف النازحين، فيما يواصل حصار عدد من العائلات وسط المخيم وشماله، ولا تسمح قوات الاحتلال لهم بالخروج ولا للجهات الدولية بإخراجهم، رغم المناشدات المتكررة.
وبالتزامن مع كل ذلك، لا يزال الاحتلال يفرض حصار التجويع والتعطيش على المناطق المستهدفة ويمنع عنها المواد الغذائية والمياه، ولم يدخل لهذه المناطق منذ مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الجاري أي مساعدات إنسانية رغم مزاعم إسرائيل بأنّ مساعدات دخلت مرتين، حيث إنّها مررت مساعدات أردنية لمدينة غزة وليس لمحافظة الشمال.
ويتكدس في مدينة غزة عشرات الآلاف من الذين أُخرجوا من مخيم جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون في الأسابيع الثلاثة الأخيرة، وسُجلت حالات محدودة لخروج المواطنين إلى المحافظتين الوسطى والجنوبية من القطاع، اللتين تعانيان أيضاً من حرب تجويع قاسية، وإن كانت أخفّ من محافظتي غزة والشمال.
وفي السياق، قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، اليوم الخميس، في بيان له، إنّ تعطيل إسرائيل لعمل الدفاع المدني وطواقم الإسعاف بالتوازي مع استهداف وحصار المستشفيات في شمال غزة "يعني اتخاذها قراراً رسمياً بإعدام آلاف المصابين والمرضى ضمن سعيها المعلن لإكمال تفريغ المنطقة من سكانها بالقوة وطردهم تحت وطأة القتل والتجويع والترهيب، وذلك في إطار جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها في قطاع غزة منذ أكثر من عام".
وعلى إثر التهديد الإسرائيلي، أعلن الدفاع المدني توقف خدماته بالكامل في شمال غزة، وهو ما يعني إنهاء عمليات الإنقاذ المحدودة التي كان يجريها أفراد الدفاع المدني والإسعاف لمن يستهدفهم القصف الإسرائيلي، وبالتالي ارتفاع عدد الشهداء، حيث سيتعذر إسعاف المصابين ونقلهم وتقديم العلاج الضروري لهم، وفق المرصد الذي حذّر من أن إخراج منظومة القطاع الصحي ومنظومة الإنقاذ من الخدمة "يعني قراراً إسرائيلياً معلناً بقتل آلاف الفلسطينيين عمداً، بمن فيهم من يُستهدَفون بالعشرات في المنازل والشوارع وخلال محاولات النزوح القسري، وكذلك الجرحى والمرضى في المستشفيات المحاصرة التي تفتقر إلى أي إمدادات ولا تتوقف أوامر جيش الاحتلال الإسرائيلي بتفريغها".
وأشار "الأورومتوسطي" إلى أن حياة عشرات آلاف الفلسطينيين الذين لا يزالون في منازلهم في شمال غزة، بعد إفراغ أغلب مراكز الإيواء وإجبارهم قسراً على النزوح وسط إجراءات قاسية ومهينة ومرعبة وبعد اعتقال العشرات منهم، "مهددة بالخطر حيث يُتوقع موتهم جوعاً أو قتلاً بالقصف الإسرائيلي".