'إقصاء' الاخوان يتفاعل داخل أروقة الحكم.. وبرنامج 'مقاطعة الانتخابات' يتعزز في أجنحة الأخوان المسلمين

اخبار البلد-بسام بدارين -  لا يمكن إعتبار تصدر رمز الإعتدال في جماعة الأخوان المسلمين الدكتور عبد اللطيف عربيات لمشهد التصعيد السياسي دفاعا عن دور ووطنية الجماعة صدفة سياسية، فالرجل يميل إلى الظل بحكم شخصيته أولا وبحكم موقعه كرئيس لمجلس شورى النسخة الأردنية من الحركة الأخوانية ثانيا.
عربيات سجل المفاجأة الأبرز في عمان خلال اليومين الماضيين على هامش معركة 'عض الأصابع' الدائرة حاليا بين الأخوان المسلمين والنظام والتي علق وسطها رئيس الوزراء عون الخصاونة بعد الصدامات السياسية التي برزت إثر إكتساح الإسلاميين لمقاعد أول إنتخابات تجري في البلاد للمعلمين.
ولسبب مفهوم تنحى المتشددون من قادة الحركة قليلا وغابت الأسماء التي تظهر في سياق التصعيد بالعادة مثل زكي بني إرشيد وعلي أبو السكر وهمام سعيد وحمزة منصور وتركت مهمة التصعيد للشيخ عربيات المنظر الأبرز لفكر الأخوان المسلمين في البلاد حاليا.
هنا حصريا أطلق عربيات تصريحا شديد اللهجة ضد النسخة المسربة من قانون الإنتخاب فأقترح على النظام والدولة إستيراد شعب آخر غير الشعب الأردني الحالي حتى يضمن البعض عدم التصويت للإسلاميين في الإنتخابات مطالبا بوقف سياسة وضع العربة أمام الحصان وإنكار الحقائق.
قبل هذا التصريح نشر على لسان عربيات تصريح آخر لا يقل إثارة قال فيه بالفم المليان: نعم نحن الأجدر برئاسة السلطات الثلاث في المملكة... هنا تحديدا أربك عربيات الجميع ليس فقط لإنه يكشف بوضوح عن طموحات الأخوان المسلمين السياسية بالسلطة ولكن أيضا لإن هذه الطموحات تصدر عن الرجل الذي صنف دوما بإعتباره 'رجل النظام والقصر' في التنظيم الأخواني.
وحتى القيادي المعتدل الشيخ إرحيل الغرايبة أحد رموز التواصل مع الحكم والحكومة إعتبر الوصفة الإنتخابية المسربة طريقا للتأزيم.
داخل الجبهة الوطنية للإصلاح الشريك السياسي الأبرز للأخوان المسلمين قيل لأحد رموز الحكومة: عندما يتصدر عربيات تحديدا مشهد التصعيد على الدولة أن تعيد حساباتها وتفكر جيدا.
لاحقا سأل النائب المخضرم ممدوح العبادي على هامش صدفة سياسية القيادي النقابي في التيار الإسلامي عزام الهنيدي: إذا تمسكت الحكومة بما تسرب ورفضت توصياتكم حول قانون الإنتخاب.. ما هو موقفكم؟.
ألإثارة لم تكن بمضمون الجواب بل بسرعته حيث قال الهنيدي فورا وبلا تردد: سنقاطع. وإذا طورالإسلاميون موقفا يقاطعون فيه الإنتخابات العامة لأي سبب ستفشل فورا محاولة رئيس الوزراء الخصاونة إلحاقهم بالحافلة وسيعيد قرار المقاطعة 'الأزمة الداخلية' إلى نفس المربع الأول وستخرج الحكومة الحالية من المعادلة ويعاد إنتاج إحتمالات المواجهة مع الإسلاميين خصوصا في الشارع.
لذلك حصريا تزداد مساحات القلق حاليا في عمان ويتطور الصراع ليتخذ شكل قانون الإنتخاب المتوقع وهو قانون من الواضح أن الأوروبيين والأمريكيين يهتمون به فحزب جبهة العمل الإسلامي الأردني كما تردد يشارك في اللقاء الذي يعقد حاليا في واشنطن مع وليام بيرنز مساعد وزير الخارجية الأمريكي الذي يرغب حسب ما صرح وزير البلاط الأردني الأسبق مروان المعشر في التعرف على برامج الأحزاب الإسلامية العربية.
لكن في منطقة الإتصال الأعمق ثمة أوساط تتحدث عن إهتمام بعض الأطراف الأمريكية والغربية التي تتابع الملف الأردني بأن لا يصل الحوار بين النظام والأخوان المسلمين إلى مرحلة إنسداد بمعنى أن لا تصبح مقاطعة الإسلاميين للإنتخابات واقعا يتحرك بعده الجميع.
الواضح من سجال الإنتخابات المستجد والمتكرر في الأردن أن الحسابات إختلفت بعدما إكتسح الإسلاميون إنتخابات المعلمين حيث أظهروا قدرة فائقة على التنظيم والتحشيد وتفوقوا بسبب رفض التكتلات المنافسة التوحد فيما بينها كما أوضح لـ'القدس العربي' زعيم حراك المعلمين والأوفر حظا ليصبح نقيبا للمعلمين مصطفى الرواشده الذي إعترف بأن الإسلاميين كانوا الأكثر تنظيما في هذه الإنتخابات.
وداخل معادلة النخب السياسية المخاصمة للتيار الإسلامي يسعى البعض لإستغلال تعليقات عربيات والغرايبة الساخنة لصالح منطق يطالب النظام بتجاهل الإسلاميين تماما والمجازفة بمقاطعتهم للإنتخابات وإبقائهم خارج المسرح الإنتخابي.
وهي وصفة يبدو انها أصبحت خيارا تفكر به بعض أجنحة القرار ودوائر النظام، الأمر الذي يعزز القناعة بأن سيناريو المقاطعة بما يحتمله من إحتمالات أصبح عاملا مشتركا داخل بعض أجنحة الدولة والتيار الأخواني بنفس الوقت.