كيف تسببت عصابة طبية بوفاة 12 رضيعاً باسطنبول؟




طالبت النيابة العامة في اسطنبول، بعقوبات تزيد عن 500 عام سجن بحق زعيم عصابة إجرامية وعدد من أفرادها، بعد توجيه تهم تتعلق بتورطهم في مخطط احتيالي استهدف وحدات العناية المركزة للأطفال حديثي الولادة، مما أدى إلى وفاة عدد من الأطفال وإصابة آخرين بمضاعفات صحية خطيرة.


 

وفقاً للتحقيقات التي أجرتها النيابة العامة في "بيوك جكمجة"، والتي بدأت في أيار الفائت، استغلت العصابة الرضع من خلال إدخالهم إلى وحدات العناية المركزة في مستشفيات معينة من دون حاجة طبية لذلك.


وبحسب وسائل إعلام تركية، كانت هذه المستشفيات مختارة بعناية من قبل المتهمين بالتعاون مع خدمة الطوارئ، فقد تم توجيه الرضع إلى مستشفيات توفر "أرباحاً" أكبر للعصابة، بدلاً من نقلهم إلى مراكز توفر لهم الرعاية الصحية المناسبة.



تفاصيل الاحتيال والوفيات
وكشفت لائحة الاتهام المؤلفة من 494 صفحة، والتي تم تقديمها مؤخراً، أن العصابة كانت تعمل بالتنسيق مع موظفي الطوارئ لتوجيه الأطفال إلى مستشفيات بعينها بغرض زيادة الإيرادات، وليس بهدف توفير العلاج المناسب.

وبدلاً من التركيز على تعافي الأطفال، كان الهدف الرئيسي هو تحقيق مكاسب مالية كبيرة عبر فرض علاجات مكلفة، مثل العناية المركزة، واستغلال ذلك لزيادة الفواتير المفروضة على مؤسسة الضمان الاجتماعي.

ومن خلال هذه الممارسات، نجحت العصابة في مضاعفة الأرباح المتأتية من وحدات العناية المركزة الخاصة بحديثي الولادة ثلاث إلى أربع مرات، وفقاً لما ورد في لائحة الاتهام. وتم تقسيم هذه الأرباح بين أفراد العصابة، الذين كان العديد منهم يعملون في القطاع الصحي، بما في ذلك الأطباء والممرضات.


وأشار موقع (Hürriyet) إلى أن هذه الممارسات لم تخلُ من عواقب مأساوية، إذ كشفت التحقيقات عن وفاة ما لا يقل عن 12 طفلًا نتيجة لإبقائهم فترات غير ضرورية في وحدات العناية المركزة، والتي تُعد بيئة معرضة للعدوى. كما يعاني العديد من الناجين من مضاعفات صحية خطيرة سببت لهم عاهات مستديمة.


شهادات ذوي الضحايا
وروت إحدى الأمهات، في تصريح لصحيفة (Milliyet) اليومية، تجربتها المأساوية، إذ فقدت مولودتها بعد ثلاثة أيام من بقائها في وحدة العناية المركزة. قالت الأم: "أخبرني الطبيب في البداية أن وحدة العناية مخصصة للأطفال الذين يبلغون شهراً من العمر. إذا بقي طفلي هنا، فسيموت. حاولنا العثور على مستشفى آخر لكننا فشلنا". 

وأضافت: "بعد ذلك، أوصى الطبيب المسؤول عن وحدة العناية المركزة بمستشفى آخر، موضحًا أن تكلفة الليلة الواحدة تبلغ 7,000 ليرة تركية، وأن ابنتنا بحاجة إلى أسبوعين من العلاج. لم يكن لدينا خيار سوى الموافقة".


وأشارت لائحة الاتهام أيضاً إلى أن العصابة كانت تعمل في عدة مستشفيات بإشراف عدد محدود من الأطباء، في حين كانت تُقدَّم الرعاية الصحية عبر الممرضات والمساعدات. وفي بعض الحالات، قدمت الممرضات أنفسهن على أنهن طبيبات للعائلات، مما أدى إلى اتخاذ قرارات طبية غير سليمة، كانت لها عواقب وخيمة على صحة الأطفال.


وكشفت التحقيقات أن أفراد العصابة كانوا على علم بأن بعض الأطفال كانوا على وشك الموت، واتخذوا خطوات لعدم تحميلهم المسؤولية. ووردت في لائحة الاتهام تفاصيل لمحادثات هاتفية تم اعتراضها من قبل السلطات، أظهرت أن أفراد العصابة كانوا يتحدثون عن حالات قريبة من الموت، ويتخذون تدابير لتجنب المحاسبة على تلك الوفيات.



مطالب النيابة العامة
وطالبت النيابة العامة في "بيوك جكمجة" بأقصى العقوبات بحق المتهمين، فقد طالبت بسجن زعيم العصابة، الطبيب فرات ساري، لمدة تصل إلى 582 عاماً، بجانب اثنين من الشخصيات الرئيسية الأخرى. كما يواجه 18 شخصاً آخر، بينهم أطباء وممرضات وعاملون في القطاع الصحي، أحكاماً بالسجن تتراوح بين 10 و437 عاماً بتهم "القتل العمد بالإهمال".

وأظهرت التحقيقات أن العصابة هددت المدعي العام المكلف بالقضية بالقتل، حتى أنها عرضت مبلغ 100,000 دولار على أحد المشتبه بهم لتنفيذ عملية اغتيال للمدعي العام.