فتح الملف يطمئن الرأي العام!


على مدى عام ونصف تعامل رجال الأمن العام والدرك مع آلاف الحراكات الشعبية بهدوء واتزان، وبوسعنا أن نتذكر المشاهد الاولى التي جرى فيها توزيع "العصائر” والمياه وسط البلد على "المتظاهرين”، والاخرى التي وقف فيها هؤلاء "كجدار” فاصل بين المحتجين الذين اختلفت شعاراتهم ومطالبهم، ومع أن ثمة استثناءات عن هذه القاعدة جرت في حوادث معزولة، الاّ أن الصورة العامة لتعامل الأمن مع حراكات الشارع اتسمت "بالنعومة” والاستيعاب.

ما حدث في اعتصام "الدوار الرابع خرج – للاسف – عن هذا السياق، ومع الاحترام لما صدر عن الأمن من تصريحات حاولت أن تشرح ما جرى، الاّ أن ثمة روايات اخرى – موثقة – تشير إلى تجاوزات غير مفهومة تعمد فيها بعض الافراد الاساءة إلى "الشباب” المعتصمين ووصلت إلى حدّ الضرب.

لا اريد – هنا – أن اقف عند افادات بعض الشباب وما صدر عن المحامين الذين دافعوا عنهم، ولكنني شعرت بالصدمة حين قرأت ما كتبه سفيرنا في اندونيسيا عن المعاملة التي تعرض له نجله الذي تواجد آنذاك في مكان الاعتصام، وهي – بالطبع – شهادة من رجل مسؤول اعتقد أنه – مثلنا تماماً – أحسّ بخطورة ما حدث، وآثر أن لا يتكلم عليه، لا من اجل ادانته فقط، أو الاساءة لجهاز نعتز به، وانما خوفاً مما يترتب على هذه "الافعال” التي قد تكون فردية من تداعيات تمّس المصلحة العامة، وتجرنا إلى ردود أفعال اخرى لا يريدها أحد.

لنعترف بأن ثمة "مزاجاً” عاماً في مجتمعنا قد اضطرب، وبأن اخواننا في الأمن لم يكونوا بعيدين عن ذلك، وإذا أضفنا "الاعباء” التي تحملها هؤلاء منذ اكثر من عام والضغوطات التي تعرضوا لها فإن احداً لا يمكن أن يستبعد وقوع بعض الاخطاء، لكن هذا ليس مبرراً بالطبع، وليس مقبولاً ايضاً، الأمر الذي يحتاج فعلاً إلى "فتح” تحقيق فيما حدث، ومعرفة تفاصيله وتطمين الرأي العام بأن "يد” العدالة ستصل إلى المسؤول عن ذلك.

نثق بأن جهازنا الامني حريص على "صورته” وقبل ذلك على مصلحة بلدنا، ورغم أنه تحمل فيما مضى "اعباء” الاخطاء السياسية واجتهد في "مقاربتها” بما لديه من امكانيات، الاّ أن ما حدث في الدوار الرابع كان "تحولاً” بعكس الاتجاه، ومع أننا نتمنى أن تكون القراءات التي جرت لفهم هذا التحول غير صحيحة، الاّ أن استدراك "الخطأ” يحتاج إلى فضيلة الاعتراف به اولاً، والتحقيق فيه ثانياً، ومحاسبة من اقترفه ثالثاً، وهذا من شأنه أن يرسخ الصورة التي ألفناها لهذا الجهاز، والاحترام الذي يحظى به لدى المواطن الاردني.

باختصارلا مصلحة لبلدنا في "تعميم” هذا الحدث أو استنساخه أو التعتيم عليه أو المبالغة فيه، لكن الطريق الاقصر لتجاوزه بيد اخواننا في قيادة الجهاز، واعتقد أن لديهم الشجاعة لفعل ذلك.. ونحن سننتظر.