قانون الانتخاب بات لغماً
متفجراً في حضن الحكومة،فهو أغضب الإسلاميين من جهة، الذين تحولوا
للمفارقة،الى "تهمة" وجهها الوزير"المستقيل" او "الحردان" سليم الزعبي إلى
رئيس الحكومة،باعتباره يهادن الإسلاميين ويخضع لهم!.
رد الفعل
العاصف ضد قانون الانتخاب جاء على لسان الدكتورعبداللطيف عربيات رئيس مجلس
الشورى لجماعة الاخوان المسلمين، الذي رفع سقف تصريحاته، قبل يومين بما
لايتطابق مع سمات شخصيته المعتدلة والاعتبارية في البلد.
لست مع
الاساءة للدكتور عربيات، على خلفية تصريحاته، لان اطلاق الشتائم بحق الرجل،
ومناقشته دون ادب،يمنح كلامه قوة مضاعفة،ويفقدنا أهمية احترامنا
لبعضنا،كما ان اساءة الأدب معه ليست من حق أحد.
لان الدكتورعربيات
في رمزيته يتجاوز جماعة الاخوان المسلمين،وقد كان رئيسا لمجلس النواب،الذي
يمثل كل الشعب،فان كلامه محسوب عليه بالحرف والفاصلة،فوق الحزبية
والفصائلية،وعلى هذا يأتي كلامه الاخير مثيرا.
قال الدكتورعربيات في
تصريحاته الاخيرة ان هناك من يريد وضع العربة امام الحصان بشأن
الاصلاحات،وانه لم يبق إلا استبدال الشعب الأردني بشعب آخر،حتى لايتم
انتخاب الاخوان المسلمين،منتقداً الحكومة بشدة على القانون.
باتت
الحكومة مثل "معيد القريتين" فلا هي أرضت الاسلاميين بشأن القانون،ولا هي
ارضت مكونات اخرى في البلد،ولا حفظت تماسك الطاقم الوزاري الذي اعتبر عبر
"الزعبي" انها باعت القانون للإسلاميين.
تعبير استبدال الشعب
الاردني بشعب آخر،تعبير جارح،وهو يناقض اساساً،وصول الدكتور عربيات ذاته
الى رئاسة مجلس النواب،ووصول الاسلاميين الى مجلس النواب في كل الانتخابات
التي جرت،مع استذكار من تم ظلمه والتزوير ضده في انتخابات سابقة.
لان
الدكتور عربيات في رمزيته اكبر من الاخوان المسلمين،فعليه ان يتذكر
ايضا،ان هناك مكونات اجتماعية في البلد لها حقوق،وقد لاتقبل بما يريده
الاسلاميون بشأن قانون الانتخاب،خصوصاً،ان البلد ليست للاخوان المسلمين
فقط.
نقول هذا الكلام ونحن ندافع ليل نهارعن حق الاخوان في المشاركة
السياسية،وحقهم الطبيعي دون منة بالوصول الى مقاعد التمثيل،وضرورة التخلص
من عداوة الاخوان،واستهدافهم بحملات غبية لتلطيخ السمعة.
غير اننا
لم نتوقع يوماً من الايام،ان يذهب الاسلاميون الى هذا المستوى في
التصعيد،من التحشيد لمظاهرة تضم الالاف يوم غد الجمعة وصولا الى ماقاله عن
استبدال الشعب الاردني بشعب اخر،حتى لو قصد قيام الدولة باستبدال الشعب،وهو
قصد مهين.
لايقوم باستبدال شعب مكان شعب،الا احتلال بغيض يحكم بالدبابات،ولا اظن التعبير الا جارحاً للناس قبل الدولة والمؤسسات.
هذا الكلام يسبب احراجاً للمعتدلين اذ يدافعون عن الاخوان ووجودهم،خصوصا،انه لايمكن تفصيل قانون انتخابات وفقا لمقاس الاخوان فقط.
الكل يريد القانون على مقاسه،على صعيد المحافظات،الاصول والمنابت،الاحزاب والاتجاهات السياسية وهذا مستحيل.
لغة
التصعيد من بعض القيادات الاسلامية،مفهومة،لانها اشتهرت بها،اما
الدكتورعربيات،فلا والله،لان الرجل متزن،وصمام امان،ولاشك في نياته،فيما
كلامه الاخير كمن يطلق شارة الحرب ضد الدولة،لانها لم تستجب لطلبات
الاسلاميين.
للاسلاميين حصتهم ومكانتهم في البلد،غير ان عليهم عدم
المبالغة في اعتبار ان كل الاردن لهم،وان كل مكونات البلد منصاعة لهم،وان
قانون الانتخاب اما يأتي على مقاسهم،واما الحرب بلا حدود،فماذا عن رأي بقية
أبناء البلد؟!
نقول هذا للحركة الاسلامية،التي عليها ان تتنبه الى
الاحراجات الشديدة التي سببتها للحكومة التي اقتربت منها،وللاحراجات
الشديدة التي سببتها لمن هم خارج الحركة ويميلون اليها،وقد اعلنت انها تريد
المزيد،ولاتحتمل اي نوع من الاختلاف معها.
الشعب الأردني بكل
مكوناته ليس "هنودا حمراء" حتى يتم استبدالهم،من الدولة وكأنها محتلة للارض
والشعب،والشعب الاردني ايضا ليس عابر سبيل،يمكن افتراض استبداله.
غريبة
هذه القصة،التي بات الاسلاميون يكرسونها،فأما يكون الأردني معهم،واما يكون
خصما وعدوا وخارجا،وهذا سبب كفيل باستفزاز الناس،الذين لهم رأي ايضا في كل
مايجري.
رئيس الحكومة دفع الثمن لفاتورة واحدة،عدة مرات، فلا هو
أرضى الاسلاميين،ولا ارضى بعض وزرائه من اتجاهات اخرى، ولاهو انسجم مبكرا
مع توجهات لمؤسسات اخرى،ولا هو سيرضي النواب الذي يبشرهم بقرب الحل.
تبقى زلة لسان في شهر نيسان،لكنها ثقيلة وقابلة للتأويل.