أهداف إسرائيل
تسعى حكومة اليمين المُتطرف برئاسة بنيامين نتنياهو إلى الاستمرار في الحرب كحرب مفتوحة حتى تظهر نتائج الانتخابات الأميركية في شهر نوفمبر، فلا موافقة على وقف اطلاق النار أو توقيع اتفاقات سلمية على أي جبهة، فالعمليات العسكرية مُستمرة على ساحة غزة التي اعتبرت منطقة ثانوية والتركيز على الشمال والاستمرار في القضاء على حزب الله، واجتثاث المقاومة هناك، إذ أن لدى إسرائيل تفوقاً جوياً، وتكنولوجياً، وقوة نار هائلة لا تقف أمامها أي قوة.
في غزة اتسمت الحرب بالإبادة الجماعية، والتدمير الشامل وجعل القطاع منطقة غير صالحة للحياة البشرية، والدفع باتجاه التهجير بأي شكل من الأشكال والتوجه لإعادة احتلال غزة بالكامل أو على الأقل اقتطاع الشمال على قاعدة «خطة الجنرالات» باعتبارها منطقة عسكرية لحماية المستوطنات في غلاف غزة، وقد بدأت بعض الجمعيات الاستيطانية الاستعداد في توزيع مخططات الأراضي من أجل بناء مستوطنات جديدة.
تقوم إسرائيل بتطوير وتغيير أهدافها في صورة الواقع العملي للمعارك على كافة الجبهات، فكلما انجزت مهمة أعلنت مهمة أخرى، وكان الهدف في غزة هو استعادة المخطوفين واضعاف قدرات حماس العسكرية، والآن الهدف تغيير لإعادة الاحتلال.
في الجنوب اللبناني كان الهدف إعادة سكان المستوطنات الشمالية والآن هو تدمير حزب الله بالكامل وتدمير البنية الاجتماعية الحاضنة للحزب وخصوصاً قرى الجنوب اللبناني والضاحية الجنوبية.
وباعتقادنا أن الهدف أكبر من ذلك بكثير ويتعلق بشرق أوسط جديد خالٍ من كل أشكال المقاومة، وهيمنة كاملة عسكرياً، وسياسياً، وتكنولوجياً على منطقة الشرق العربي.
الدرس الأول انتهى في قطاع غزة، والدرس الثاني ما يجري على الأرض اللبنانية من الجنوب، وحتى الشمال، والشرق وحتى العاصمة بيروت. إسرائيل تدعي أنها حرب وجودية أطلق عليها اسم «حرب النهضة» ويسعى نتنياهو لاستغلال حالة الضعف التي يمر بها بايدن، وانشغال الولايات المتحدة بالانتخابات الرئاسية، وعدم قدرة جو بايدن بالضغط على إسرائيل، إذ أن هناك تراجعاً بموضوع وقف اطلاق النار وأن تترك إسرائيل لتحقيق أهدافها الأساسية بالمنطقة، لا هدنة، لا وقف لإطلاق النار ولا اتفاقيات حول ذلك، وهذا ما يتفق مع رؤية رئيس الوزراء الإسرائيلي والذي يرغب وميَّال جداً لايقاع الخسارة بالحزب الديمقراطي ورغبته الجامحة في فوز صديقه دونالد ترامب.
هذا وقد قدَّمت الولايات المتحدة كامل الدعم والإسناد لإسرائيل فعلى الصعيد المالي قدَّمت ما يزيد على ٢٠ مليار دولار بالإضافة للدعم العسكري والدبلوماسي.
وعليه فإن ما يسعى له «سيد الأمن» هو إعلان نفسه «ملكاً على إسرائیل» ويُسطِّر صفحة وسطراً في التاريخ للمسألة اليهودية، بمعنى أنه المُوحد والمُحافظ على بقاء الدولة ومواطنيها، وضم الضفة الغربية ومنع قيام دولة فلسطينية والسيطرة على اللعبة السياسية والعسكرية في منطقة الشرق العربي وهي البداية للمشروع الصهيوني لدولة إسرائيل الكبرى، وهذا هو الدرس الثالث لكل ما يجري.
إن القضاء على الأذرع التابعة لإيران الآن سيؤدي إلى محاولة الانتهاء من النظام السياسي في إيران وهذا يتطلب اتفاقاً دولياً يمكن أن تكون فيه إسرائيل رأس الحربة، والأخيرة تسعى لأن تكون الولايات المتحدة هي البادئة في الأمر وهي تختفي خلفها، لأنها لا تود أن تظهر بأنها التي قامت بذلك وعلى الرغم من ذلك إسرائيل ترى أن إيران هي العدو الأساسي لوجود مفاعلات نووية لديها وقدرتها على الوصول للانشطار النووي والنزعة الدينية للنظام.
هذا جزء من الأفكار لما يحصل في المنطقة وباعتقادنا أن على كل دولة في المنطقة أن تضع يدها على رأسها لما هو قادم، لأن إسرائيل في حروبها تكون هناك تداعيات سياسية كبيرة، والمعروف تاريخياً أينما يقف الجندي الإسرائيلي تكون حدودها.