إغلاق الحرم الإبراهيمي في الخليل 4 أيام على وقع استباحته من المستوطنين

أعلنت قوات الاحتلال الإسرائيلي إغلاق الحرم الإبراهيمي في الخليل جنوبي الضفة الغربية، منذ مساء اليوم الأربعاء، فيما استباح المستوطنون باحاته مساء أمس الثلاثاء، ونظّموا حفلات غنائية راقصة، بحجّة الأعياد اليهودية، وسط حماية مشددة من قوات الاحتلال الإسرائيلي. والليلة الماضية، اعتدت قوات الاحتلال الإسرائيلي بالضرب على طواقم إدارة الحرم الإبراهيمي ومنعتها من الدخول إليه، في الوقت الذي سمح فيه للجماعات الاستيطانية بإدخال الآلات الموسيقية ومكبّرات الصوت والأضواء الملونة. 

وكانت صفحات المستوطنين عبر مواقع التواصل قد أعلنت أن الحرم الإبراهيمي الذي يطلقون عليه اسم "مغارة المكفيلا" سيكون متاحاً أمام الفعاليات الدينية والطقوس التلمودية والحفلات الراقصة منذ ساعات مساء أمس حتى مساء السبت المقبل. ويشهد الحرم موجة تهويدٍ يسابق فيها الاحتلال الإسرائيلي الزمن بهدف بسط السيطرة الكاملة عليه، خاصّة بعدما أبلغ الجهات الفلسطينية الرسمية بأنه سيغلق أبواب الحرم في وجه المصلين المسلمين منذ اليوم الأربعاء حتى مساء السبت، بشكل يخالف ما جرت عليه العادة بأن يغلق المسجد في هذا الفترة يومين فقط. ويسعى الاحتلال إلى "فرض واقع جديد عبر إغلاقه أربعة أيام متواصلة في سابقة خطيرة"، بحسب ما قالته وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية.

ومنذ مجزرة الحرم الإبراهيمي التي ارتكبها المستوطن المتطرف باروخ غولدشتاين، في 25 فبراير/ شباط 1994، فرض الاحتلال إجراءات عديدة على الحرم، كان من أبرزها إغلاقه عشرة أيام متفرّقات من كل عام؛ بحجّة الأعياد اليهودية. غير أن رئيس قسم الأئمة في مديرية الأوقاف والشؤون الدينية في الخليل فريد شحادة، قال لـ"العربي الجديد"، إنّ "المسجد يواجه منذ نحو عام خطوات متسارعة في سياق تهويده وتنفيذ مخططات للسيطرة الكاملة عليه، وتحويله إلى كنيس يهودي حيث يسعى الاحتلال إلى زيادة عدد أيام إغلاق الحرم، ما يعني احتمالية زيادتها مرّة بعد مرّة، وصولًا إلى حرمان الفلسطينيين من حقّهم فيه، تزامنًا مع مشاريع تهويدية أخرى ينفذها الاحتلال بحقّ الحرم". 

ويريد الاحتلال، بحسب شحادة، أن يسيطر على الحرم يومين إضافيين مع عدم وجود سدنته وموظفيه ورواده فيه، وتركه مستباحاً أمام احتفالات المستوطنين المتطرفين الذين يحوّلون أماكن الصلاة فيه، وباحاته إلى ساحات رقص ولهوٍ وتخريب وأكل وممارسة طقوس تلمودية فيه، بشكل ينافي ضرورة الحفاظ على حرمة المكان باعتباره إسلامياً.

وتتزامن هذه المخططات الإسرائيلية الساعية للسيطرة على الحرم الإبراهيمي، مع اعتداء على حقّ المسلمين في رفع الأذان فيه، إذ تحرم سلطات الاحتلال منذ 28 يوماً إدارة الحرم والأوقاف من رفع أذان الفجر، ما يعني منعه منذ بداية العام أكثر من 476 مرّة، في مشهد يعيد واقع الحرم إلى قبل نحو 30 عاماً عقب المجزرة التي أعقبها فرض إغلاقه، وتنفيذ إجراءات إسرائيلية على أثرها سيطر الاحتلال على أكثر من نصف مساحته الداخلية، ومحيط مساحته الخارجية، التي تتعرض لتغييرٍ في معالمها التاريخية الإسلامية. 

ومنذ عام 1994، شددت سلطات الاحتلال إجراءاتها العسكرية في محيط الحرم الإبراهيمي، وسرقت 63% من مساحته وحوّلته إلى كنيس يهودي، وتمنع رفع أذان المغرب بشكل يومي، وتمنع الأذان بشكل دائم أيام السبت باستثناء أذان العشاء، ونصبت بوابات حديدية وأمنية في الطرق الواصلة إليه.

من جانب آخر، نظّمت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية وقفة ومؤتمراً صحافياً، صباح اليوم الأربعاء، أمام مكتب الوزارة في البلدة القديمة بالخليل، بحضور المؤسسات الرسمية والفعاليات الوطنية. وقال رئيس قسم الأئمة في مديرية الأوقاف والشؤون الدينية بالخليل فريد شحادة، إنّ "الوقفات رغم أهميتها لا تكفي لصد عدوان الاحتلال ومخططات سيطرته على الحرم، ما يلزم بضرورة تكثيف الفعاليات، والحضور الفلسطيني في المسجد لمنع إجراءات التهويد". 

وفي إجابته عن سؤال "العربي الجديد" حول الإجراءات التي تعمل عليها وزارة الأوقاف لمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية، أوضح شحادة "إبلاغ الارتباط المدني الفلسطيني، وإدارة وزارة الأوقاف في رام الله، ومجلس الوزراء، ومحافظة الخليل، وكل الجهات ذات العلاقة بضرورة التحرك على الأصعدة الدولية والحقوقية بهدف منع التغول الإسرائيلي في السيطرة على الحرم، إضافة إلى تفعيل برنامج وطني شعبي لحشد الجماهير والمصلين بشكل مستمر، للحيلولة دون مضي الاحتلال في إجراءات السيطرة، كما جرى في محاولة سقف الحرم في 11 يوليو/ تموز الماضي".

ويحتفل المستوطنون في الحرم الإبراهيمي (ثاني المعالم الإسلامية في فلسطين بعد المسجد الأقصى)، بعدد من الأعياد اليهودية كل عام، وهي: عيد رأس السنة العبرية، وعيد الغفران، وعيد العرش، وعيد فرصة التوراة، وعيد الفصح، وعيد الأول من شهر أيلول، وعيد عشرة أيام الإجابة، إضافة لعيد "سبت سارة" وهو عيد خاص بمدينة الخليل يروّج فيه المستوطنون لفكرة الوجود اليهودي التاريخي في المكان. وخلال هذه الأعياد يفرض الاحتلال إغلاقاً تاماً على مناطق البلدة القديمة في الخليل والأحياء المحاصرة، ومحيط الحرم، بالإضافة إلى اتخاذ إجراءات مشددة على الحواجز والمعابر.