ما هي الرسائل الملكية التي نقلها الصفدي للسيسي؟

ينقل نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، رسالة من جلالة الملك عبد الله الثاني إلى رئيس جمهورية مصر العربية عبد الفتاح السيسي،الأربعاء، تتعلق بالتنسيق المشترك والتشاور المستمر بين البلدين الشقيقين حول تطورات الأوضاع في المنطقة.

كما تتضمن الرسالة نتائج الزيارة التضامنية التي قام بها الصفدي بتوجيه من جلالة الملك عبد الله الثاني يوم أمس، ولقاءاته مع رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني نجيب ميقاتي، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، وقائد الجيش العماد جوزاف عون.

وكان الصفدي عقد في القاهرة الثلاثاء، مباحثات موسعة مع وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج بدر عبد العاطي، تناولت ضرورة تكاتف الجهود لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة، وإنهاء الكارثة الإنسانية غير المسبوقة التي يُسبب، وحماية المدنيين، وضمان إيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع بشكل كافٍ ومستدام.

وبحث الوزيران ضرورة وقف إطلاق النار في لبنان، وتطبيق قرار مجلس الأمن رقم ١٧٠١، وتوفير المساعدات التي يحتاجها لبنان نتيجة الأزمة الإنسانية التي يسبّبها العدوان، ودعم جهود الجمهورية اللبنانية الشقيقة في انتخاب رئيس للجمهورية وإعادة بناء مؤسساتها وتمكينها.

كما بحث الوزيران عمق العلاقات التاريخية المتجذرة بين البلدين ، والحرص على تعزيز العلاقات الثنائية البينية في مختلف المجالات.

وعقد الصفدي وعبد العاطي مؤتمراً صحفياً عقب المباحثات، إذ أكد الصفدي أن دافع التحركات الأردنية التي يقودها جلالة الملك عبد الله الثاني هي وقف العدوان على غزة والضفة الغربية ولبنان، وحماية المنطقة من كارثية حرب إقليمية تدفع إسرائيل بتصرفاتها المنطقة نحوها.

وقال الصفدي إن هذا الاجتماع يأتي في إطار عملية التنسيق المنهجية المؤسساتية القائمة بين الأردن ومصر تنفيذاً لتوجيهات جلالة الملك عبد الله الثاني وفخامة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

وأضاف الصفدي "ننطلق من علاقات تاريخية راسخة، أخوية، متجذرة، على المستوى الثنائي، نسير على طريق واضحة باتجاه تفعيل التعاون وزيادته بما يخدم المصالح المشتركة لبلدينا عبر عديد قنوات اتصال أيضا مؤسساتية وقائمة، وتجتمع بشكل دائم، وتوجيهات جلالة الملك، وفخامة الرئيس لنا أن نأخذ هذه العلاقة فيما يتعلق بالتعاون الثنائي إلى أقصى مدى، لأن كل ما زدنا التعاون كلما انعكس ذلك إيجاباً على البلدين الشقيقين".

وأكد الصفدي تطابق المواقف بين الأردن ومصر حيال القضايا الإقليمية وفي مقدمها القضية الفلسطينية وما تشهد من تحديات كبيرة، مشدداً على أن موقف البلدين واحد، وأهدافهما واحدة، "وخطوط مصر الحمراء هي خطوط الأردن الحمراء، فيما يتعلق بغزة ندرك تماماً أن مصر هي الأكثر تأثراً وبالتالي كل ما تتخذه مصر من مواقف، الأردن سنداً لها في هذه المواقف، ونثمن أيضاً مواقف مصر الواضحة في إسناد المواقف الأردنية إزاء ما يجري في الضفة الغربية المحتلة، والقدس المحتلة وأماكنها المقدسة الإسلامية والمسيحية".

وشدد الصفدي على أن الأردن ومصر لن يسمحان بتهجير الفلسطينيين سواء في الداخل الفلسطيني أو إلى خارج فلسطين لمصر أو الأردن أو أي مكان آخر، قائلاً "هذه خطوط متفقون عليها بشكل كامل، وسنتصدى بكل إمكاناتنا لأي محاولة لتهجير الفلسطينيين من أرضهم سواء باتجاه مصر أو باتجاه الأردن، ونحن نرى أن موضوع التهجير موضوع تحضر له إسرائيل، نرى ماذا يحدث في غزة، هنالك كلام واضح، وأخبار تنشر بشكل يومي عن مخطط إسرائيلي لتفريغ شمال غزة من سكانها، أين سيذهبون؟ بالتالي سيكون دفع لهم إلى خارج وطنهم، وسنتصدى له بشراكة وبموقف واحد أيضاً، وكل العالم كان قال منذ البدء أن لا يمكن السماح بإعادة احتلال غزة سواء كلياً أو جزئياً".

وأشار الصفدي إلى أن الأردن ومصر حذرا من أن استمرار العدوان على غزة سيدفع باتجاه تصعيد إقليمي لن يسلم منه أحد، لافتاً إلى التصعيد الإسرائيلي الخطير في الضفة الغربية، الذي يُعد حرباً على الضفة تستهدف الوجود الفلسطيني فيها وتدمر مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية، و تستبيح أكثر حرمة المقدسات، محذراً من أن تفجر الوضع في الضفة الغربية سيأخذ هذا التصعيد لمدى أكثر خطورة من الذي نراه الآن.

وحول الوضع في لبنان، أكد الصفدي أن الوضع يزداد خطورة مع استمرار العدوان الإسرائيلي على لبنان ورفض إسرائيل ما طلبه منها حلفاؤه الولايات المتحدة وفرنسا التوافق على وقف لإطلاق النار لمدة 21 يوماً يتم خلاله بحث تطبيق القرار 1701 والذهاب باتجاه تهدئة شاملة، مطالباً المجتمع الدولي بالتحرك بشكل عملي مؤثر لحماية القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، وحماية الأبرياء الذين يقتلون يومياً في غزة وفي الضفة الغربية وفي لبنان، إضافة لحماية صدقية ميثاق الأمم المتحدة، والمنطقة من حرب إقليمية ستكون دمارية وذات آثار ستطال العالم كله.

كما أكد الصفدي دعم القرار الوطني اللبناني، وعدم التدخل في شأنه، ودعم ما يتوافق اللبنانيون عليه في انتخاب رئيس للجمهورية، لما فيه مصلحة كبيرة للبنان بتقوية قدرة الدولة اللبنانية على التعامل مع التحديات بشكل كبير، مشيراً إلى أن هنالك حاجة ماسة لمساعدات إنسانية إلى لبنان، إذ وصل عدد النازحين إلى مليون و٢٠٠ ألف نازح لبناني، مجدداً التأكيد على إدانة العدوان الإسرائيلي على لبنان، وقصف إسرائيل العاصمة اللبنانية بيروت، وقتل المواطنين اللبنانيين.

وجدد الصفدي التأكيد على موقف الأردن الثابت بأنه لن يكون ساحة حرب لأحد لا لإيران ولا لإسرائيل، قائلاً : أبلغنا البلدين مباشرة وعبر الشركاء وعلناً بأنه لن نسمح بخرق أجوائنا، لن نسمح بتعريض مواطنينا للخطر، وسنقوم بكل ما نستطيع للتصدي لأي خرق لحدودنا أو أجوائنا أو تعريض أمن مواطنينا للخطر، أولويتنا هي الأردن، حماية الأردن، حماية مواطنينا، هذه أولوية لا حديث قبلها ولا بعدها".

وحذر الصفدي من أن الوضع في المنطقة على حافة الهاوية، ولا مجال للمماطلة ولا يجوز أن تبقى إسرائيل فوق القانون الدولي، ولا يجوز أن تستمر الحكومة الإسرائيلية الحالية بعدوانها وحروبها وقتلها وخروقاتها للقانون الدولي، دون أي رادع حقيقي يوقفها ويحمي المنطقة من تبعات هذه العدوانية التي تتبدى يومياً، سواء في غزة أو في الضفة الغربية أو في لبنان.

وقال الصفدي في هذا الصدد "هنالك قناعة إسرائيلية بأن هنالك فرصة متاحة الآن نتيجة الإنجازات العسكرية التي حققتها بأنها ستذهب إلى ما هو أبعد بمحاولة لحل القضايا في المنطقة عبر الحروب، لكن التاريخ يقول غير ذلك، "حزب الله" تبلور وولد من دمارية الاجتياح الإسرائيلي للبنان، في عام ١٩٨٢، وحماس لم تصنع الصراع، الصراع هو الذي أوجد حماس، حماس وجدت أو انطلقت نتيجة لاستمرار الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية، وغياب أي آفاق لحله بما يلبي الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، سيتكرر التاريخ صعيد نفسه، إذا لم تحل جذور الأزمة، الحرب والعنف لن يحققا الحل، وإسرائيل الآن تدفع المنطقة ليس فقط باتجاه حرب إقليمية وهي ترهن مستقبل المنطقة للحروب والصراعات لأنها توغل في تكريس أسباب الصراع وفي غطرستها ورفضها تلبية حقوق الشعب الفلسطيني ورفضها إيجاد البيئة الإقليمية التي تسمح للجميع بأن يعيش بأمن وسلام".

بدوره، أكد الوزير عبد العاطي دعم مصر الكامل للوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس، وضرورة التزام إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال بترتيبات الوضع القانوني والتاريخي القائم للمسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف.

وثمن في هذا الصدد الدور البناء الذي تقوم به المملكة الأردنية الهاشمية، ودائرة الأوقاف الأردنية في القدس، في حماية الهوية العربية لمدينة القدس.

وأشار إلى أن الاجتماع جاء لتأكيد محورية العلاقات الثنائية التي تجمع بين مصر والأردن دولةً وشعباً، وذلك تحت رعاية فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي وجلالة الملك عبد الله الثاني، مبيناً أن الاجتماع بحث تكثيف وتيرة التعاون الثنائي بمجالاته المختلفة بين البلدين وتفعيل مجالات التعاون المنبثقة عن اللجنة العليا المشتركة والتي استضافت القاهرة دورتها الثانية والثلاثين في أيار الماضي.