"بيت العمال": "نسبة البطالة بين الشباب تتجاوز 45%"
"أكثر من 65% من المتعطلين يعانون من البطالة طويلة الأمد."
"ثلث العاملين في الأردن يتقاضون أجورا تقل عن الحد الأدنى للأجور"
"أكثر من نصف مليون عامل غير مشمولين بالضمان الاجتماعي"
"الفجوة بين أجور الرجال والنساء تصل إلى 16% لصالح الذكور"
"الحكومة لم تلتزم بمراجعة الحد الأدنى للأجور منذ عام 2020"
أصدر المركز الأردني لحقوق العمل "بيت العمال" اليوم تقريره السنوي بمناسبة اليوم العالمي للعمل اللائق الذي يحتفل به في السابع من تشرين أول من كل عام، بعنوان "تحديات مزمنة وحلول غائبة"، تناول فيه أبرز التحديات التي تواجه سوق العمل الأردني وشروط العمل اللائق، أشار فيه إلى غياب سياسات شاملة تعالج تحديات تحقيق شروط العمل اللائق، وتعزيز الحماية الاجتماعية.
وأكد التقرير على أن سوق العمل الأردني لا يزال يواجه تحديات كبرى، مع استمرار معدلات البطالة في الارتفاع بالرغم من بعض التحسن الطفيف، وبلغت نسبة البطالة في الأردن 21.4% خلال الربع الثاني من هذا العام، وبين الإناث 31%، وما زالت البطالة بين فئة الشباب تحقق أرقاما قياسية بحيث بقيت تتجاوز نسبة 45%، وذلك نتيجة إرتفاع أعداد الداخلين الجدد إلى سوق العمل والذين يبلغ عددهم سنويا حوالي 130 ألف شخص، إضافة إلى أوضاع الاقتصاد الكلي وضعف الاستثمار، وغياب البرامج التي تستهدف مساعدة الشباب للإنتقال من مقاعد الدراسة إلى العمل وخلق فرص العمل اللائقة لهم.
وأشار التقرير إلى أن أكثر من 64% من المتعطلين يعانون من البطالة طويلة الأمد، مما يزيد من الأعباء الاقتصادية والاجتماعية على الدولة ويضعف المهارات لدى القوى العاملة، وأن الإناث أكثر عرضة للبطالة طويلة الأمد مقارنة بالذكور، حيث بلغت نسبة الإناث المتعطلات عن العمل لمدة تتجاوز 11 شهراً 72.3%، مقابل 62.7% للذكور، كما أشار إلى أن ما يزيد عن 180 ألف من المتعطلين لم يسبق لهم العمل نهائياً، وهو ما يعكس فجوة كبيرة في الانتقال من التعليم إلى سوق العمل.
وبين المركز الأردني لحقوق العمل بأن سوق العمل الأردني يعاني من انخفاض شديد في معدل المشاركة الإقتصادية، ففي حين يشكل السكان في سن العمل حوالي (7.419 مليون) نسمة، تبلغ نسبة الأردنيين الناشطين اقتصادياً (33.9%) فقط، وينخفض هذا المعدل بين النساء بشكل حاد ليبلغ 13.9% وهو من أخفض معدلات المشاركة الاقتصادية في العالم.
وفيما يتعلق بالأجور وظروف العمل، بين التقرير أن الأجور المتدنية تظل عائقاً كبيراً أمام تحقيق شروط العمل اللائق في الأردن، فقد أظهرت البيانات أن أكثر من ثلث العاملين يتقاضون أجوراً تقل عن الحد الأدنى للأجور البالغ 260 ديناراً أو تساويه، كما أن 36.8% من العاملين يعملون ساعات فعلية تتجاوز 49 ساعة أسبوعياً، وهو ما يزيد من الضغط على حقوق العمال ويؤثر سلباً على جودة حياتهم.
وأشار التقرير إلى أن أن الفجوة بين أجور الرجال والنساء لا تزال عالية نسبيا، سواء في القطاع الخاص أو العام وتصل إلى 16% لصالح الذكور وبفارق يصل إلى 72 دينار في القطاع الخاص، و94 دينار في القطاع العام، كما أن متوسط الدخل الشهري للعاملين في القطاع العام بقي أعلى بنسبة 29% من متوسط الدخل في القطاع الخاص.
وفيما يتعلق بالحمايات الاجتماعية وحقوق العمال، أشار التقرير إلى أن هناك قصوراً في تطبيق الحمايات الاجتماعية بشكل فعال، مع وجود فجوات في التأمين الصحي والضمان الاجتماعي، حيث أن حوالي نصف العمالة غير مشمولة بالضمان الاجتماعي، وأن معظم العاملين لا يتمتعون بتأمين صحي من خلال عملهم، ورغم صدور قرار بزيادة الحد الأدنى للأجور في عام 2020 ليتماشى مع معدلات التضخم، إلا أن الحكومة لم تلتزم بزيادة الحد الأدنى منذ ذلك الحين، مما أدى إلى تآكل القوة الشرائية للعمال وتأثر مستوى معيشتهم.
وفي مجال شؤون السلامة والصحة المهنية، أشار التقرير بأن هناك ضعفا في الرقابة الرسمية، وكذلك في تدابير الحماية المقدمة من قبل أصحاب العمل، حيث تقدر نفقات الضمان الإجتماعي على إصابات العمل وأمراض المهنة بما لا يقل عن 30 مليون دينار سنويا،. ويعزى ذلك إلى مجموعة من العوامل، من أهمها وجود فجوات تشريعية وتنظيمية في مجال السلامة والصحة المهنية، وأن أكثر من نصف مليون عامل و69% من المؤسسات غير مشمولين بالضمان ولا يتم رصد حوادث العمل التي يتعرضون لها، وأن الرقابة على التزامات السلامة والصحة المهنية من قبل أجهزة تفتيش العمل لا تشمل سنويا سوى خمسة آلاف مؤسسة من أصل أكثر من 180 ألف مؤسسة عاملة في المملكة، وهي أمور تؤدي أيضا إلى خسارة 4% من الناتج المحلي الإجمالي نتيجة تكاليف الإصابات.
وبخصوص عمل الأطفال، أشار التقرير إلى استمرار تفاقم الظاهرة، حيث قدر عدد الأطفال العاملين في الأردن بما يقرب من 100 ألف طفل، منهم حوالي 45 ألف طفل يعملون في ظروف خطرة، وبين التقرير أن الأزمة الاقتصادية وارتفاع معدلات الفقر قد ساهمت بشكل كبير في زيادة أعداد الأطفال العاملين، مما يستدعي وضع سياسات قوية لحماية حقوقهم وضمان حصولهم على التعليم.
وقدم المركز الأردني لحقوق العمل في تقريره مجموعة من التوصيات الضرورية لمواجهة التحديات المتعلقة بالعمل اللائق، شملت تطوير التشريعات العمالية بما يتماشى مع المعايير الدولية للعمل اللائق، وضمان تطبيق القوانين من خلال تعزيز الرقابة الحكومية وتحسين نظم التفتيش، وأكد التقرير على ضرورة توسيع مظلة الحمايات الاجتماعية، بما في ذلك الضمان الاجتماعي والوصول إلى تحقيق التأمين الصحي الشامل، مع تخفيض الاشتراكات للعمال ذوي الأجور المنخفضة لتحفيز شمولهم.
كما دعا التقرير إلى الإلتزام بالمراجعة الدورية للحد الأدنى للأجور وربطه بمعدلات التضخم لتوفير مستوى معيشي كريم للعمال، إضافة إلى تعزيز المشاركة الاقتصادية للمرأة بتحفيز مشاركتها في سوق العمل من خلال سياسات مرنة تدعم العمل الجزئي والعمل من المنزل، وتوسيع الفرص المهنية المتاحة لها، والتصدي لظاهرة عمل الأطفال مشددا على أهمية اتخاذ خطوات فعالة للحد من عمل الأطفال، من خلال تحسين الظروف الاقتصادية للأسر الفقيرة وضمان تنفيذ القوانين التي تحظر تشغيل الأطفال.
واختتم "بيت العمال" تقريره بالتأكيد على أن تحقيق شروط العمل اللائق يتطلب تفعيل الحوار الإجتماعي بين الشركاء الإجتماعيين على قدم المساواة، بهدف تعزيز الحماية الاجتماعية وتحسين ظروف العمل والأجور، والتصدي للبطالة طويلة الأمد، لضمان اقتصاد قوي وعادل يستفيد منه الجميع.