الأمن بين كهنة السياسة والحراكش

- ليست مصادفة أن يتجاهل كهنة السياسة من مستغلي الفوضى وصيّادي المواقف ، ما تعرض له رمز الدولة والأجهزة الأمنية من شتائم ، إستفزاز وتخوين على الدوار الرابع ، ومن قبل في غير مكان، ليذهب هؤلاء الكهنة وكورسهم في وصلة من الندب والبكاء ، على المُحتجزين أمنيا من أبناء الطفيلة "البتول" ، التي طالما حافظت على عذريتها وستبقى تحميها من أدعياء الوطنية ، والمُكمرجين فوق أمواج ألألم الوطني في سياقه الإقتصادي المتردي ، الذي يصيب بأنيابه الأردنيين جميعا ، وإن ظهر هذا الألم أكثر سطوعا في الطفيلة ، ستبقى ككل عذراء أردنية تموت جوعا ولا تأكل بثديها ، كما لن ترهن كرامتها ، تاريخها وثوابت الوطن بأي ثمن ، تعض مع كل الأردنيين على المعاناة بالنواجذ وتحزم البطون، على أن تسمع إسفافا ، إستغلالاً ، عبثاً أو تطاولاً على الثوابت الأردنية ، التي يتورارثها الأردنيون جيلا بعد جيل ، وهي ثوابت في مُرتكزها الأساس الإيمان بفلسفة الحكم الهاشمي ، وقدسية رسالته التي يعكسها الجيش العربي ،الأجهزة الأمنية ومؤسسات الدولة وإنجازات الوطن .
- وإن كنت في غرفة مُغلقة قد حذرت من كهنة الفتن ، الأنوات المتضخمة ، الأجندات غير الأردنية ، أعداء الأردن في الخارج والداخل الذين يمتطون أمواج الحراك الشعبي وخاصة في الطفيلة ""البتول"" ، ذيبان والمحافظات الجنوبية الأبية، وهو حراك مطالبي وعنوانه الأساس البطالة ، ضحالة فرص العمل أو إنعدامها ، وما يولده من فقر ومشاعر التهميش ، فليست مبالغة إن كررت القول إن بين ظهرانينا من يسعون بقوة لإسالة الدماء في الأردن ، إحداث إنقسام مجتمعي ، أو على الأقل جر البلاد إلى حالة من الفوضى ، لإضعاف النظام السياسي وتقويض صلابة جبهته الداخلية ، لنجد أنفسنا تحت رحمة التجاذبات الإقليمية والدولية وبلا حول ولا قوة ، وعندئذ سنصبح بين مطرقة أهل المال وسندان أهل السياسة ، أو مجرد عزيفة في جوقة ، ويا لها من أهوال ومصائب تصب على الرؤوس الأردنية ، في لحظة غياب العقلانية والجري وراء العواطف ، وما تدبره لنا القوى المتربصة وأجنداتها الخارجية ، وأصحاب الأيدلوجيات غير المُتسقة مع الثوابت ، التربية ، الموروث التاريخي والثقافة الأردنية .
- مرة أخرى ، من هم رجال الجيش العربي ، المخابرات العامة ، الأمن العام ، قوات الدرك والدفاع المدني ...؟ ، هل حقا بينهم مستورد ، عميل ، خائن ...؟ أم أنهم نحن الآباء ، الأبناء ، الأشقاء والشقيقات ، بكل ما يعني النقاء ، الطهر وصدق الإنتماء للوطن والولاء للقيادة الهاشمية ، بسعة صدرها ، برحمانيتها ، بتسامحها ، والتي مهما يعتب عليها الأردني ستبقى في ضميره الحي وقلبه النابض...؟ . وهل حقا أن أردنيا سوياً أو بلا أجندة وغير مبرمج ، يسمح له ضميره ، أخلاقه ، تربيته وثقافته أن يكون مجرد حركش ، أداة إستفزاز وشتائم وتطاول على رمز الدولة والأجهزة الأمنية ، كما فعلت حراكش الدوار الرابع المدفوعة من قوى ذات برامج غير أردنية ، وأهداف تدميرية...؟ ، أليس من حق الأردني المؤمن بوطنه وبقيادته ، على الأجهزة الأمنية أن تحقق فيما وراء هؤلاء الحراكش ، ومعرفة أسباب خروجهم على المألوف وما هي العوامل التي أوصلتهم إلى هذا الحد ، ليكونوا أدوات بأيدي كهنة السياسة ، العملاء وعباقرة التخريب ، وهل يقبل الأردني صادق الوطنية أن يمتطي معاناته الحراكش ومن يقف ورائهم ، يدفعهم وربما يدفع لهم ، ليحرفوا الحراك السلمي المُحق عن أهدافه المطلبية أو الإصلاحية ...؟ ، أليس من حق الأردني أن يتساءَل عن تغاضي أحزاب وقوى سياسية عن أسباب دفاع أجهزة الأمن عن قيادتها وعن نفسها ، فيما تذهب تلك الأحزاب والقوى إلى أبعد مدى في إستغلالها لحمأة أهل الطفيلة في المطالبة بالإفراج عن الشبان المعتقلين ، وهل لا يلاحظ الأردنيون دموع التماسيح التي تذرفها هذه الأحزاب والقوى على المعتقلين ، في الوقت الذي إتضحت فيه نواياها وأهدافها التي تصب في البحث عن مكاسب سياسية ، عبر قانون إنتخاب تريده على مقاسها ، مما يؤكد أن أوجاع الطفيلة وأزمة المعتقلين التي يتباكى عليها القوم ، مجرد وسيلة تأجيج للشارع إن لم تُفصّل الحكومة قانون إنتخاب يضمن لهذه الأحزاب والقوى السيطرة على الحكم ومفاصل الدولة ...؟
- وماذا بعد...؟
- سؤال برسم الوطنية الأردنية ، يحاكي الضمائر الحية ويناجي العقلانية ، في سياق البحث عن سبل حماية الأردن من المتربصين في الداخل ، ودرء المخاطر عنه من النيران المشتعلة في محيطه ، وما تُنبئ به من تداعيات ، لا يمكن التقليل من مساوئها إن نجح كهنة السياسة وحراكشهم في توطين الفتنة ، أو إحداث شرخ بين مكونات المجتمع الأردني ، وهو ما سيبعث الوهن في الموقف السياسي الأردني ، ويفت في عضد جبهته الداخلية التي طالما كانت عصية على أعدائه وحاسديه ، ومن هنا يتوجب على الأردنيين الإنتباه لمن يطلق التهديد بالزلازل ، ولمن يسعى إلى الوعيد ، النُصرة والتحشيد ، وليس بين هؤلاء وأولئك من يريد للطفيلة وأهلها ، أو للأردن الدولة والشعب الخير بالتأكيد ، إنما هي ألاعيب ،أكاذيب ، دمغجة ،تقية وركمجة على ظهور الأخيار والأطهار من شبان الوطن من شماله إلى جنوبه ، وشبان الطفيلة تحديدا تحت عنوان المعتقلين ...!
- ليس بين رجالات الطفيلة ، شيوخها ووجهائها وبين الديوان الملكي ، الدولة ومؤسساتها أو الحكومة أية حواجز ، ولو لم يدفع كهنة السياسة الحراكش لمزيد من التصعيد ، ربما كان جميع المعتقلين غير الجرميين قد أُفرج عنهم ، لكن كهنة السياسة جعلوا من المعتقلين قميص عثمان ، لغايات في نفس يعقوبهم ، وليس يعقوب الوطن ، فهل يقبل الأردنيون عامة والطفايلة خاصة هذا ، والله أني في شك من بغداد إلى جدة.
نبيل عمرو- صحفي أردني
nabil_amro@hotmail.com