ماذا بعد نصر الله؟ سؤال برسم الإجابة الأمريكية

إنه السؤال الأخطر الذي يطرح نفسه على الأطراف المنخرطة في الصراع والمراقبة له، ماذا بعد استشهاد حسن نصرالله؟

المؤشرات تقول بأن المنطقة بعد الضربة الأمريكية الإسرائيلية المشتركة في الضاحية الجنوبية التي استهدفت الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله ذاهبة نحو تصعيد كبير، يتجاوز حدود الحرب المحدودة، نحو حرب بمفهوم جديد لحرب إقليمية محدودة، تشتمل ضربات محددة ومتبادلة بين الولايات المتحدة وإسرائيل وإيران وحلفائها وشركائها في معسكر المقاومة، وبأدوات تقليدية وغير تقليدية وأخرى عتيقة.

فأمريكا كما هو واضح باتت جزء من المعركة وشريك فيها، ومحاولات النفي من قبل واشنطن لم تعد تجدي نفعا لدى الأطراف المنخرطة في المواجهة ولا يصدقها عاقل في الاقليم والعالم، وهو ما انعكس على اللغة المستخدمة من قبل الجانب الأمريكي على لسان وزير الدفاع لويد أوستن، الذي أعلم نظيره الإسرائيلي في اتصال هاتفي بأن الولايات المتحدة ستدعم الكيان الإسرائيلي في مواجهة (الجماعات الارهابية) المدعومة من إيران، وأنها تعمل على تأمين منشآتها وقواتها في المنطقة في الآن ذاته، في مواجهة الردود العسكرية والضربات الأمنية التي باتت متوقعة وقريبة.

في المقابل؛ فإن إيران مقتنعة بأن مسألة استهدافها باتت مسألة وقت لا أكثر ولا أقل، وأنها الهدف التالي لنتنياهو الذي طالما أعلن نيته استهداف المشروع النووي الإيراني، وهي السمكة الكبيرة التي يبحث عنها نتنياهو، ويسعى إليها في خضم هذا المشهد المضطرب والنيران المشتعلة.

من ناحية أخرى؛ فإن دول الجوار لكل من لبنان وفلسطين المحتلة ودول الاقليم مقتنعة أن التصعيد سيكون كبيرا في المرحلة المقبلة، وأن الجنون والغرور الإسرائيلي لن يقتصر على لبنان وإيران، بل سيندفع قريبا نحو الضفة الغربية وقطاع غزة، لاستكمال مشروع التطهير العرقي وصولا إلى الترانسفير، فإذا كان المفاعل النووي الإيراني والعمود الفقري للنظام الايرني الهدف المنظور لأمريكا و(إسرائيل) فإن الضفة الغربية هي الهدف الظاهر في الأفق القريب.

ما بعد نصرالله مزيد من التصعيد والجنون المدعوم بالقوة الأمريكية التي تورطت في المعركة، وهو تورط سيجلب المزيد من الدمار، رغم محاولات الطمأنة الصادرة عن وزارة الدفاع الأمريكي البنتاغون ومسؤولين أمريكان، والتي كان آخرها القول: بأن ضربة بيروت لو وجهت قبل ستة أشهر لتسببت في حرب كبرى، ولكن اليوم إيران وحزب الله ضعفاء، في حين أن ما لم يقله البنتاغون أن هذا الضعف الذي سيغري الكيان الإسرائيلي لإشعال حرب إقليمية كبرى واستهداف أشرس للضفة الغربية، ما سيدفع قوى دولية لمحاولة ترميم الاختلال في موازين القوة الذي من الممكن أن يمتد إليها في موسكو وبكين إلى جانب عدد من القوى الإقليمية.

ختاما.. التصعيد يمثل الافق الاستراتيجي الواعد بالحرب والاستنزاف الطويل والعميق للمنطقة، وهو أفق صنعته أمريكا و(إسرائيل) على أمل حسم المعركة لثلاثين أو خمسين عاما قادمة، فهل تنجح (إسرائيل) وأمريكا في ذلك، سؤال تعتقد أمريكا و(إسرائيل) بثقة أنهما تملكان الاجابة عليه، وهو السبب الحقيقي الذي يغذي التصعيد في المنطقة، ويدفع نحو الذهاب للحرب الشاملة والاستنزاف الطويل والعميق.