خيارات نتنياهو الثلاث تقوده للاستنزاف في لبنان

بعد أسابيع قليلة من التصعيد والعدوان الإسرائيلي على لبنان؛ سيجد نتنياهو نفسه أمام أسئلة، تضعه الإجابة عليها أمام خيارات صعبة.

فهل حقق أهدافه من العدوان على لبنان بعودة النازحين؟ وهل نجح بالفصل بين الساحات وإضعاف حزب الله؟ أم أن النازحين تضاعف عددهم، والحياة المدنية تعمق تعطلها إلى ما بعد حيفا، في حين أن الاستنزاف العسكري ترسخ وتحول إلى كابوس اقتصادي وبشري؟

الإجابة على هذه الاسئلة ستقود نتنياهو إما إلى إعلان النصر الذي كان يتوقعه في الاسبوع الاول ولم يتحقق، وإما أن تقوده إلى واحدة من خيارات ثلاث:

الأول: خيار توسعة الحرب وإطلاق عمليات برية محدودة تكبد جيشه خسائر كبيرة، وتقوده إلى مزيد من التورط العسكري في لبنان على نحو يهدد قدرات جيش الاحتلال، ويقود إلى استنزاف عميق بما يقربه من مواجهة إقليمية أوسع.

الخيار الثاني: الرجوع إلى قواعد الاشتباك القديمة قبل عملية (البيجر- جهاز الاتصالات) واغتيال قادة قوة الرضوان، ليكون بذلك قد أعلن عن فشله بعد أن استهلك رأسماله الاستخباري في عملية فاشلة، دون ترجمة سياسية للموارد المهدورة خصوصا الاستخبارية، التي أعد لها سنوات لتوظيفها في هجوم خاطف يقود لحسم عسكري وسياسي، لتأتي ترجمة هذه الموارد المهدورة بخروج مؤقت لنتنياهو من مربع الفشل الذي علق فيه داخل قطاع غزة، وفي جبهته الداخلية المنقسمة التي ستزداد انقساما وغضبا على نتنياهو.

الخيار الثالث والأخير أمام نتنياهو يتمثل في الحفاظ على مستوى التصعيد المرتفع دون تحقيق أهدافه، تتخللها عمليات برية محدودة لكسر جمود ورتابة الجبهة، وهو خيار الاستنزاف العميق، الذي سيفتح الباب لتعافي وتطوير قدرات المقاومة في قطاع غزة والضفة الغربية، وفي الآن ذاته لاستنزاف سياسي وعسكري وبشري واقتصادي كبير للكيان المحتل.

خيارات نتنياهو المذكورة تعتمد إلى حد كبيرعلى قدرة حزب الله على استيعاب الصدمة، وهي فرصة عالية لتوافر عمق سياسي واجتماعي وجغرافي وعسكري ممتد لحزب الله في حاضنته الاجتماعية وداخل الدولة اللبنانية، مرورا بسوريا إلى العراق واليمن وانتهاء بطهران، والتي أضيف إليها تعاطف عربي وشعبي كبير تجاوز سنوات الحرب في سوريا، وهو عمق كبير سمح حتى اللحظة لحزب الله بامتصاص الصدمة واستيعابها، وصولا إلى التعافي للانتقال لجولة الاستنزاف العميق التي ستفتح الابواب أمام المقاومة الفلسطينية لتأزيم المشهد الإسرائيلي الداخلي والجيوسياسي، وتعقيد الدور الامريكي والغربي في المنطقة العربية في الآن ذاته.