الدوحة تصف هجوم المالكي ضدها بالوقح

في ظل انهيار العلاقات العراقية - القطرية الى ادنى مستوى لها، وتزامنا مع الهجوم الكلامي الذي شنه رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي على دولة قطر والمملكة العربية السعودية في مؤتمر صحافي امس ووصول نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي للدوحة، شنت صحيفة قطرية بارز هجوما لاذعا على المالكي، ووصفت تصريحاته التي وصفتها بـ "الهوجاء" وخطاباته "الجوفاء" بـ "الوقحة".

واتهمت صحيفة (الشرق) القطرية القريبة من الحكم، رئيس الحكومة العراقية بانتهاج سياسات اقصائية اوصلت الشعب العراقي الى سلم الفقر، بعد ان نهبت خيرات العراق، ام على الشعوب العربية، التي تعرف جيدا تاريخك، وارتباطاتك الخارجية، وعلاقاتك مع مختلف الاجهزة الامنية.

والى ذلك، راى مراقبون ان استقبال الدوحة للهاشمي "خطوة في تصعيد التوتر مع بغداد"، وشاركت قطر بمستوى متدن في القمة العربية في بغداد، كما انها تتناقض مع هذه الاخيرة التي تسلمت قيادة العمل العربي في شأن حل الازمة السورية.

وانتقد رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي دولة قطر دون ان يسمها لاستقبالها للهاشمي وذلك خلال مؤتمر صحافي عقده في بغداد الأحد، وقال ان الهاشمي مطارد من جانب الحكومة العراقية والانتربول الدولي "وهناك من يستقبله كنائب لرئيس الجمهورية".

وكان نائب الرئيس العراقي، طارق الهاشمي، وصل إلى العاصمة القطرية الدوحة، في مستهل جولة قال إنها ستشمل "عدد من الدول الشقيقة والصديقة،" وذلك في أول رحلة خارجية له منذ صدور مذكرة توقيف بحقه في بغداد بتهم تتعلق بـ"الإرهاب" في ديسمبر/كانون الأول المنصرم، ما دفعه للجوء إلى إقليم كردستان.

وقال بيان صحفي صادر عن المكتب الإعلامي المؤقت في كردستان التابع للهاشمي، أنه "بصدد زيارة لعدد من الدول الشقيقة والصديقة، ويبدأها بزيارة دولة قطر."

وبحسب البيان، الذي نشره الموقع الرسمي للهاشمي، فإن نائب الرئيس العراقي "غادر إقليم كردستان متوجهاً إلى الدوحة في دولة قطر الشقيقة بناءً على دعوة تلقاها في وقت سابق."

كما أفاد مكتب الهاشمي أنه سيلتقي أثناء الزيارة بأمير دولة قطر، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، ورئيس الوزراء الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، على أن تستغرق الزيارة بضعة أيام، يقوم بعدها الهاشمي "بزيارة دول أخرى يعلن عنها في حينه."

وختم بيان الهاشمي بالتأكيد على نية نائب الرئيس، الذي تطالب بغداد حكومة إقليم كردستان بتسليمه "العودة إلى مقر إقامته في كردستان العراق."

وتأتي جولة الهاشمي بعد ثلاثة أيام على انتهاء القمة العربية التي استضافتها بغداد وسط تمثيل متدن من الدول الخليجية، باستثناء الكويت التي حضر أميرها، الشيخ صباح الأحمد الصباح، وتقارير عن امتعاض خليجي من أسلوب تعامل الحكومة العراقية، بقيادة نوري المالكي، مع القيادات السنية في البلاد.

مذكرة توقيف الهاشمي
وكان القضاء العراقي أصدر مذكرة توقيف بحق الهاشمي، بعد أيام على انسحاب آخر جندي أمريكي من العراق في ديسمبر/كانون أول الماضي، وسبق ذلك قيام وزارة الداخلية بعرض تسجيل لمجموعة من الأشخاص عرفوا عن أنفسهم بأنهم من عناصر حراسة لدى الهاشمي، وقالوا إنهم قاموا في عدة مناسبات بتنفيذ تفجيرات بأوامر منه.

وفي 20 فبراير/شباط الماضي، قال الهاشمي، إن ما يتعرض له هو عملية "سياسية،" متهماً القضاء بالخضوع للحكومة، وسأل عن مصير التحقيقات في جرائم أخرى تعرض لها العراق طوال السنوات الماضية.

وكانت الهيئة التحقيقية بقضية الهاشمي قد اتهمت أفراد حمايته قبل أيام بتنفيذ 150 عملية مسلحة، بينها استهداف نواب وضباط وتفجير سيارات ومهاجمة الزوار الشيعة.

كما سبق "للقائمة العراقية" التي ينتمي إليها الهاشمي، ويقودها رئيس الوزراء السابق، أياد علاوي، مطالبة القمة العربية بمناقشة كافة المشاكل في المنطقة، بما في ذلك الأزمة السياسية الداخلية بالعراق، والتي تفاقمت مع صدور مذكرة التوقيف بحق الهاشمي، واتهامه بدعم الإرهاب.

وأعقب ذلك قيام المالكي بتقديم طلب لسحب الثقة البرلمانية عن نائبه صالح المطلك، الذي يحتل منصباً قيادياً في الكتلة نفسها، مما دفع "العراقية" إلى تعليق عضويتها في مجلسي الوزراء والنواب، قبل أن تعود عن قرارها هذا في وقت لاحق.

مقال الشرق القطرية
وفي الآتي نص مقال رئيس تحرير صحيفة (الشرق) القطرية جابر الحرمي :

وقاحة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لم تعد تحتمل، وتصريحاته "الهوجاء"، وخطاباته "الجوفاء" باتت على "الطالع والنازل" كما يقولون، وبصورة استفزازية ليست للشعب العراقي المسكين، الذي يعيش تحت ظل حكومة "مافيا" من الفساد والافساد، بل تجاوز ذلك ليعلن على الملأ مباركته القتل اليومي الذي يقوم به النظام السوري ضد الشعب الاعزل المنتفض ضد نظام الاسد.

المالكي هاجم بالامس كلا من قطر والسعودية، لكونهما دعتا الى تسليح المعارضة السورية، المتمثلة بالجيش الحر، في وقت يتلقى النظام السوري الذي يواصل حرب الابادة ضد الابرياء من الشعب السوري، وينتهك كل الاعراف والقوانين الدولية، ويستخدم كل انواع الاسلحة ضد شعبه، بما فيها الطائرات والمدافع وراجمات الصواريخ...، هذا النظام يتلقى كل الدعم العسكري والبشري من دول شتى، وفي مقدمتها حكومة المالكي، التي لا تدخر جهدا ومالا وافرادا في تزويد نظام الاسد بما يريد.

كل التقارير تتحدث عن قيام حكومة المالكي بتزويد نظام الاسد بالافراد لقمع المتظاهرين في المدن المنتفضة، والسماح بمرور الاسلحة من دول اخرى الى سوريا، حتى اصبح العراق ممرا آمنا لنقل الاسلحة الى النظام السوري ليمعن في القتل اليومي، ثم يأتي المدعو المالكي ليتحدث عن ضرورة الوقوف على مسافة واحدة من الجانبين، أي وقاحة هذه التي يتحدث بها المالكي؟!

المالكي في تصريحات الامس يؤكد تضامنه الكامل، ودعمه اللامحدود لنظام الاسد في سوريا، ويقول متباهيا "النظام السوري لم يسقط ولن يسقط ولماذا يسقط"!!!.

صحيح، نظام المالكي هو صورة اخرى لنظام الاسد، وبالتالي هناك تضامن تام، ودعم متكامل بين الطرفين، وسقوط احدهما سيقود الى سقوط الاخر.

المالكي الذي فرض بالقوة في منصب رئاسة الوزراء في عام 2010، وفرض بالقوة على الشعب العراقي، الذي يعرف جيدا تاريخه "الملوث" لم يبق ولم يذر من خيرات العراق، فقد بنى له ولأسرته وابنائه "امبراطوريات" من الثراء الفاحش، و"امبراطوريات" من الفساد والافساد، والشيء المضحك في احد لقاءاته مع قناة العربية يقول "ليس لي سوى راتب اتقاضاه في نهاية الشهر ويقدر بعشرة آلاف دولار فقط"!.

تضحك على من، على الشعب العراقي الذي دفعت به سياساتك الاقصائية الى سلم الفقر، بعد ان نهبت خيرات العراق، ام على الشعوب العربية، التي تعرف جيدا تاريخك، وارتباطاتك الخارجية، وعلاقاتك مع مختلف الاجهزة الامنية.

المالكي تولى رئاسة الوزراء لاول مرة في عام 2006، ودعونا نتوقف قليلا مع الميزانية السنوية للعراق، وكيف يتم ابتلاعها وسرقتها على يد "لصوص" يتولون المسؤولية في الحكومة العراقية، ليظل الشعب يعاني الامرين، ويعيش تحت حالة الفقر.

ميزانية 2006، وهو العام الذي تولى فيه المالكي الرئاسة كانت 33.9 مليار دولار، ارتفعت في عام 2007 الى 41 مليارا، زادت في عام 2008 الى 70 مليار دولار، وفي عام 2010 وصلت الى 72.4 مليار دولار، وفي العام الذي يليه وصلت الى 82.6 مليار دولار، وفي هذا العام 2012 وصلت الى 100.5 مليار دولار، أي ان مجموع ميزانية العراق منذ ان تولى المالكي الرئاسة وصلت الى 470.4 مليار دولار، والسؤال: اين ذهبت هذه الاموال؟

لا اعتقد انكم بحاجة لمعرفة واقع العراق، سواء كان الامني او الاقتصادي او المعيشي او الاجتماعي..، يكفي القول انه حتى هذه اللحظة هناك من الشعب العراقي من يفتقر للحصول على مياه صالحة للشرب، ناهيكم عن حجم البطالة بين الشعب العراقي التي تجاوزت 15% حسب المرصد العراقي العام الماضي، أي بما يعادل مليون عاطل عن العمل، وغياب الرعاية الصحية، والرعاية الاجتماعية غير الموجودة اصلا، وهجرة العقول، وحالة الاقصاء التي تمارس ضد فئة من الشعب لحساب فئة اخرى.

اين ذهبت هذه الاموال، اليس من حق الشعب العراقي ان يعرف مادام لا يرى اثرا للتنمية في مجتمعه؟ ومادام يرى تردي الاوضاع على مختلف الاصعدة، الاقتصادية منها والاجتماعية والانسانية والبنى التحتية...

لن تمر حالات النهب والسرقة والفساد على الشعب العراقي مرور الكرام، فالمالكي الذي حوّل العراق الى مزرعة خاصة، وشركة يستنفع منها، سيأتي عليه الدور عاجلا او آجلا، ولا يعتقد ان تأخر الشعب السوري في الانتصار سوف يبعد عنه الدور.

هذا الدفاع المستميت من قبل المالكي عن النظام السوري، ودعمه بالمال والسلاح والافراد، ليس بالجديد، والرهان على بقاء النظام السوري يتحدث به المالكي بين فترة واخرى، لكن اليوم بات يجاهر بهذا العداء للشعب السوري ويعلن علانية وبكل وقاحة دعمه ووقوفه مع النظام في سوريا، والذي يواصل حرب الابادة ضد الشعب.

هذا العداء الصريح والمعلن لم يتجرأ عليه ليس تعاطفا مع الشعب السوري، او انه كان غير داعم للنظام في دمشق، ابدا انما كانت هناك حسابات القمة العربية، التي كان يتوسم ان يحضرها القادة العرب، وان تكون القمة العربية تمثل بأعلى المستويات، فكان يداهن ويراوغ عند الحديث عن الثورة السورية، اما الآن وقد انعقدت قمة "الآمال الخائبة"، وانفض "المولد" كما يقولون، ولم تعد هناك حسابات يعمل لها حساب، فقد "كشر" عن انيابه، واعلن اجندته "الطائفية" علانية، كاشفا عن تأييده لممارسات القمع التي يقوم بها النظام السوري ضد شعبه.

المالكي اليوم هو شريك في الجرائم التي ترتكب في سوريا، فهو الذي يدفع بالافراد للمشاركة في قمع الشعب السوري، وهو الذي يمرر الاسلحة للنظام، وهو الذي يوفر له الغطاء لقتل المزيد من الابرياء في سوريا، ثم يطالب الآخرين باطفاء الحريق القائم في سوريا، ارايتم وقاحة اكثر من ذلك؟!.

المالكي الطائفي ينادي بـ "اطفاء" الحريق في سوريا، في وقت الكل يعرف مدى مساهمته في قتل الشعب السوري، بعدما مارس هذه الهواية مع اطياف من الشعب العراقي، قتلا وتشريدا وابعادا وسجنا.. انه لأمر مضحك.

أخيرا..
أتحسر، كما يتحسر عشرات الملايين من هذه الامة، على بغداد العروبة.. بغداد عاصمة الرشيد، التي طالما انتصرت لقضايا الامة، فاذا هي اليوم "مختطفة"، يحاول مختطفوها حرف مسارها التاريخي العظيم، ولكن لن يستطيعوا ذلك، حتى وإن قادوها عنوة في مرحلة انحطاط عربي، فان اشاوس العراق لن يقبلوا بهذا الوضع المختل والمحتل، وقريبا سيصحح العراقيون مسار التاريخ، وستعود بغداد عاصمة للعروبة، وقلعة للاسلام.