بماذا يفكر الرئيس؟

بماذا يفكر رئيس الوزراء جعفر حسان؟ كيف يخطط للمرحلة المقبلة؟، كيف أعد أوراقه وملفاته؟، كيف سيجعل مرحلته بداية طريق لتنفيذ الرؤية الملكية الواردة في كتاب التكليف لحكومته؟، ويعبد الطريق لتنفيذ رؤية اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، كل ذاك أسئلة برسم الجواب، وهي غيظ من فيض من أسئلة متشابكة تتعلق بالمرحلة المقبلة وملفاتها الساخنة سواء الداخلية، او الإقليمية.


أول القول إن رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان يعرف ان المرحلة القادمة مختلفة عن مرحلة سلفه الدكتور بشر الخصاونة، سواء على الصعيد المحلي او الإقليمي، ويعي انه سيتعامل مع مجلس نيابي يختلف عن سابقه أيضا، سواء من حيث تركيبة المجلس، او من حيث وجود تكتلات حزبية ستعمل على اثبات ذاتها تحضيرا للأيام القادمة والاستحقاقات المقبلة.
 

فالأحزاب الموجودة تحت القبة سواء الوسطية او يمين اليسار، او حزب جبهة العمل الإسلامي يعرفون يقينا ان استحقاق مهم في انتظارهم جميعا بعد عام ونصف تقريبا، وهو انتخابات المجالس البلدية واللامركزية، وتلك الأحزاب ستسعى للمشاركة في تلك الانتخابات، وذاك يعني ان أداءها في المجلس النيابي سيكون بمثابة التأسيس للانتخابات المقبلة ومعرفة مواقفها، ولذلك كله والرئيس مؤكد يعرف ذلك فإن المرحلة مختلفة بالنسبة للنواب الذين سيضعون عينا على الرقابة والتشريع وأخرى على الاستحقاقات المقبلة.
استحضر الرئيس ضمن طاقمه، فريقا وزاريا يرى فيه قدرة على مقارعة المرحلة داخليا وخارجيا، ولهذا جاء بشخصيات لها باع نيابي طويل، وقدرة على التأثير والاقناع، ومحاججة النواب والتواصل معهم، وهنا يمكننا ملاحظة ان الرئيس يسعى لتشابك إيجابي مع النواب بعيدا عن تشاركية قد يسفر عنها في النهاية سيطرة طرف على آخر، ولهذا حضر ضمن فريقه وزراء مقنعون ومؤثرون يمتلكون حجة الاقناع والكلام تحت القبة، بعيدا عن فكرة تبادل المصالح والتأثير من تحت الطاولة، بمعنى سعي للتشابك وليس التشارك.
الحكومة تعي وتعرف ان الملف الإقليمي وخاصة ما يتعلق بالكيان النازي الاسرائيلي بمثابة ملف داخلي للشعب الأردني، وتعرف ان مواصلة التعنت الصهيوني بات يحرج العالم اجمع، وان شلال الدم النازف في قطاع غزة والذي انضمت اليه شلالات أخرى في الضفة الغربية ولبنان، سيضعها امام ضغوطات متواصلة، ومواقف شعبية ونيابية بسقوف مرتفعة، الامر الذي سيجعلها حريصة على الإمساك بالعصا من المنتصف، ومواصلة التحرك الخارجي لتعرية الموقف الإسرائيلي عالميا، والبحث عن مواقف اممية تجبر هذا الكيان المنفلت من عقاله الانصياع للشرعية الدولية والقرارات الأممية المتواصلة التي تضرب بها إسرائيل عرض الحائط.
كما ان ملف الحدود الشرقية والشمالية مفتوح، والمطلوب من الحكومة وضعه على طاولة البحث، وفتح خطوط تواصل مع سورية والعراق ومنع كل اشكال التهريب سواء المخدرات الذي بات يضرب عمق المجتمع الأردني او الأسلحة.
اما داخليا، فالملفات اكثر تعقيدا، فالموقف الرسمي والشعبي الأردني فيما يتعلق بالعدوان على قطاع غزة متقارب، اما فيما يتعلق بالملفات الداخلية فإن الهمّ الرئيس للحكومة ولرئيسها سيكون ارتفاع المديونية وعجز الموازنة، والحكومة عليها إيجاد برامج واضحة لتذليل العجز وتعزيز الاعتماد على الذات، اصافة لوضع تصور واضح لطريقة الانفكاك من وصفات صندوق النقد الدولي التي اثرت على الطبقة الوسطى وضغطت على القدرة المالية للمواطن، ورفعت نسبة البطالة والتضخم والفقر، واثرت على عجلة الاقتصاد الوطني.
الأمور لا تقف عند ذاك، فالحكومة عليها معالجة الترهل الإداري الذي اثر على الإدارة العامة، ووضع حد لفكر الواسطة والمحسوبية، والتصدي للفساد الإداري والمالي، وتعزيز المواطنة، والذهاب لوضع حد لتراجع التعليم ووضع خطة شاملة لذلك، والامر ينطبق على الصحة من خلال الذهاب لتأمين صحي للمواطن.
الأيام القادمة حبلى بالكثير من القضايا، وما ذكر آنفا بعض منها وليس كلها، وامام الحكومة عمل شاق ومضن ومتعب يحتاج منها كفريق التعاضد والتماسك والتعامل مع المرحلة بوعي وصبر وحنكة.