اجتماعات البنوك المركزية الأوروبية والاسيوية في أيلول وقراراتها حول أسعار الفائدة مع اختلاف الظروف

زياد الرفاتي

شهد الأسبوع الماضي اجتماعات البنوك المركزية في الولايات المتحدة وبريطانيا ومنطقة اليورو واليابان وروسيا وتركيا . ففي بريطانيا ، ثبت بنك انجلترا الخميس معدل الفائدة عند مستويات 5% وفقا للتوقعات بترجيحاته لعودة التضخم في بريطانيا للارتفاع بعد أن خفضها في تموز بخمسة وعشرين نقطة أساس ، و فشل الاقتصاد في النمو خلال تموز الماضي وكان صفرا و مقيد بضعف في قطاع البناء الذي هبط بنسبة 1% وهو القطاع الضاغط و انخفضت أسعار العقارات بنسبة 0،2% على أساس شهري في أب ولا تزال القيم العقارية أقل بنسبة 3% مقارنة بأعلى مستوياتها في صيف 2022 وسجلت التجارة الخارجية أكبر عجز تجاري في ذلك الشهر منذ نيسان 2024 حيث بلغت الواردات 77 مليار جنيه استرليني بأدنى مستوى منذ ثلاثة أشهر والصادرات 70 مليار جنيه استرليني بأدنى مستوى في 25 شهرا ، ونمو مبيعات التجزئة بنسبة 1% في اب بأكثر من التوقعات دلالة على تغير نمط استهلاكي معين وتحسن الطلب المحلي وارتفاع قيمة الجنيه الاسترليني .

و يرى المحللون أن الحكومة البريطانية الجديدة تعتمد على وجود فجوة تمويلية من أجل خفض الدعم الحكومي ورفع الضرائب على الشركات ، فيما رفضت وزارة الخزانة التشكيك بوجود فجوة تمويلية في المالية العامة ،

وبدأت بنوك بريطانية بتقديم قروضا عقارية بمعدلات فائدةمنخفضة وأقل من السابق لجذب المشترين ولمحاولة الحفاظ على الحصة السوقية واستجابة للمؤشرات الاقتصادية بقيام بنك انجلترا بخفض الفائدة في تموز الماضي . .

و تشهد بريطانيا غلاء معيشة غير مسبوقة ويسود قلق كبير لدى نحو 10 ملايين من المتقاعدين البريطانيين بعد الغاء الحكومة دعم الوقود الشتوي الذي يترافق مع ارتفاع الفواتير ومعاش تقاعد حكومي محدود ويشكون من ارتفاع فواتير التدفئة في الشتاء واضطرارهم للادخار في مصاريف الطعام لصالح مصاريف التدفئة . .

وتعمل على تعزيز مكافحة الهجرة غير الشرعية معجارتها ايطاليا بلد العبور .

وفي ألمانيا تحديدا التي تأتي ثالثا في الاقتصاد العالمي و تقود الاقتصاد الأوروبي والمؤشر على اتجاهاته ، انخفض التضخم الى 1،9% في اب وهو أدنى مستوى منذ اذار 2021 بأقل من توقعات الأسواق عند 2،3% ، وأعلن رئيس البنك المركزي الالماني أن النمو الاقتصادي ثابت ومن المرجح أن يكون صفرا بنهاية 2024 ربما أكثر بقليل أو أقل بقليل ، وأن على الحكومة أن تبذل جهدا للسيطرة على المشاكل الاقتصادية والهيكلية التي تواجهها حيث يواجه الاقتصاد الألماني تحديات الشيخوخة السكانية ومن الضروري البحث في سبيل جذب الكفاءات المؤهلة ، ولا توجد حلول سريعة أو سهلة للتحديات الحالية ، والتقدم الاقتصادي وتعزيز القدرة التنافسية يتطلبان جهدا مشتركا من الجميع ، وأشار أنه يجب على المركزي الأوروبي تجنب خفض أسعار الفائدة بسرعة كبيرة مع استقرار التضخم فوق مستوى 2% .

وخفضت شركة مرسيدس بنز للسيارات توقعات 2024 في أحدث ضربة للصناعة الألمانية المتعثرة . .

وفي منطقة اليورو ، نما اقتصاد المنطقة بأعلى وتيرة بنسبة 0،6% في الربع الثاني من العام الجاري من مستويات 0،4% ، وأعلن البنك المركزي الأوروبي في اجتماع أيلول خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس مع تراجع التضخم وانه منفتح على خفض الفائدة في تشرين الأول المقبل في حال حدوث اتتكاسة اقتصادية كبيرة ، وارتفعت الأسهم الأوروبية بعد خفض الفائدة الأوروبية للمرة الثانية على التوالي والخفض من الفيدرالي أيضا .

وكسبت الأسهم في الدول السبع الكبار 465 مليار دولار في يوم واحد بعد خفض الفائدة الأميركية .

ودعا تقرير مستقبل الزراعة في الاتحاد الأوروبي الصادر خلال هذا الشهر ، الى تخفيض الضرائب على القطاع الزراعي وتقديم الحوافز الاجتماعية والمالية ودعم المزارعين على أساس الدخل وليس حجم مزارعهم ودعم الدخول المتدهورةوتحديد أهداف لخفض الانبعاثات لأنواع مختلفة من الزراعة .

و رفع المركزي الروسي في اجتماع أيلول الفائدة 1% الى 19% ويلمح لزيادتها مجددا في تشرين الأول .

وفي تركيا ، ثبت البنك المركزي الأربعاء معدل الفائدة عند 50% للشهر السادس على التوالي ، ونما الاقتصاد التركي بنسبة 2،5% في الربع الثاني على أساس سنوي بأقل من التوقعات ، وأعلنت غن تخفيض توقعات النمو الاقتصادي في محاولة لكبح التضخم وتتوقع وصول التضخم الى رقم أحادي بحلول 2026، وقد كانت خسائر سوق الأسهم التركية الأكبر والأسوأ أداء في العالم خلال اب الماضي وتكبدت أكبر خسارة شهرية منذ تشرين الأول من العام المنصرم بأكثر من 7% نتيجة عمليات بيع واسعة بلغت 2،9 مليار دولار قادها المستثمرون الأجانب في بورصة اسطنبول وهبوط الليرة التركية أمام الدولار الى 34 ليرة .

وفي اليابان ، نما الاقتصاد بنسبة 2،9% في الربع الثاني 2024 باقل من التوقعات البالغة 3،1% ، وأبقى بنك اليابان بفراره الجمعة على معدلات الفائدة دون تغيير عند 0،25% وهو أعلى مستوى منذ 2008 مع ابداء تفاؤله في اطار مسعاه لمكافحة التضخم المتسارع للشهر الرابع على التوالي ليصل في اب مستوى 3% وهو الأعلى منذ 10 أشهر وبقوق المستهدف البالغ 2% وتباطؤ نمو الاستهلاك الخاص 0،9% في الربع الثاني ، وانعكس التثبيت ايجابا علىارتفاع الين لبعوض خسائره السابقةأمام الدولار الذي تأثر بخفض الفائدة ، وتوقعات الأسواق في الاجتماعين المتبقيين من العام الحالي للفيدرالي في تشرين الثاني وكانونالأول بالاستمرار في الخفض وبمقدار 25 نقطة أساس لكل اجتماع وهو ما لمح اليه الفيدرالي أيضا في اجتماعه الأخير ليضاف الى خفض أيلول بخمسين نقطة أساس وليصبح مجموع الخفض لهذا العام 100 نقطة أساس وكذلك التوقعات لعام 2025 بمقدار 100 نقطة أساس أخرى ولعام 2026 بمقدار50 نقطة أساس وباجمالي خفض 250 نقطة أساس ، ليستقر نطاق سعر الفائدة الأميركية بين 2،75%- 3% .

وتتوقع وكالة فيتش تباطؤ نمو ايرادات الحكومة الأميركية بعد خفض أسعار الفائدة ، فيما أعلنالرئيس الأميركي بأنه يجب على الشركات أن تشعر بالثقة وترفع استثماراتها بعد الخفض .

وفي الصين ، ثبت المركزي الصيني وبشكل غير متوقع معدل الفائدة عند 3،35% لأجل عام و3،85% لأجل خمسة أعوام وهو الذي ينظر اليه القطاع العقاري استند فيها الى بياناتت اقتصادية صينيةفي أب أثرت على قراره من بلوغ التضخم 0،6% والبطالة 5،3% وهما الأعلى منذ شباط الماضي وانخفاض أسعار المساكن الجديدة (5،3%) بأعلى وتيرة تراجع في 9 سنوات .

وحسب بلومبيرغ ، فان مبيعات المنازل في الصين تستمر بالتباطؤ رغم حزم الانقاذ الحكومية ، وتشهد الصين والهند موجة نزوح في الأسهم

وأبقى البنك المركزي الصيني على مخزوناته من الذهب دون زيادة للشهر الرابع على التوالي عند 72 مليون أونصة مما يحد من مكاسب الذهب ، وأعلنت الحكومة االصينية عن خطط لرفع سن التقاعد للمرة الأولى بعد منتصف القرن الماضي بسبب نقص الأيدي العاملة .

وخفض بنكا غولدمان ساكس وسيتي غروب توقعات النمو لهذا العام الى 4،7% من مستهدف الحكومة الصينية عند 5% وسط تباطؤ سوق العقارات وتراجع نشاط التصنيع للشهر الرابع على التوالي وأن الشركات الصينية لن تتخلى عن مخزون الدولار لصالح اليوان الصيني ، بينما توقعات المحللون يارتفاع قيمة اليوان 10% نتيجة بيع أصول بالدولار وقيام الشركات ببيع حيازاتها من الدولار وقد يدفع لتسييل أصول صينية بقيمة تريليون دولار مع خفض الفائدة الأميركية .

وارتفعت الصادرات الصينية في اب بنسبة 8،7% وتتجاوز التوقعات وبفائض تجاري يبلغ 91 مليار دولار ، ويثير تدفق السلع الأرخص سعرا قلق الدول الأوروبية مما أدى بها الى فرض قيودا ورسوما على السيارات الكهربائية وبعض السلع ..

وتنفست العملات الاسيوية الصعداء مع خفض الفائدة الأميركية أيضا ، والين سيكون احد الرابحين من بدء دورة التيسير النقدي ولكن ليس الرابح الوحيد وخفض الفائدة يمثل فرصا استثمارية في الأسهم الاسيوية مثل اندونيسيا وسنغافورة بعيدا عن الدولار وتستقطب أهتمام المستثمرين وتجذب الصناديق الاستثمارية .

تركز الصين على السوق الافريقي حيث تعهدت بالقمةالصينية الافريقية التي عقدت في بكبن في نهاية اب الماضي بتقديم تمويل جديد لدول افريقيا بقيمة 50 مليار دولار لتعزيز فرص التعاون والشراكة والتعاون العسكري ، وقد ارتفعت التجارة بين الصين وافريقيا الى 167 مليار دولار في الأشهر السبعة الأولى من عام 2024 وبلغت الصادرات الصينية الى القارة نحو 97 مليار دولار وسجل المصدرون الافارقة الى الصين مبيعات بقيمة 70 مليار دولار وتعتمد البلدان الافريقية بشكل مفرط على بيع المواد الخام غير المعالجة الى الصين ومعظمها من النفط والنحاس ، ومن المتوقع أن تحل الصين محل الاتحاد الأوروبي كأكبر شريك تجاري لافريقيا بحلول 2030 وهي شراكة تثير مخاوف أوروبا وتعمل على عرقلتها ، وقد أقر مجلس النواب الأميركي ادراج شركات تكنولوجيا حيوية صينية في القائمة السوداء .

وما يحدث في الأسواق المالية والبورصات العالمية وأسواق جنوب شرق أسيا يؤثر على اقتصادات المنطقة واقتصاداتنا وتتفاعل معها .